يحتفل المسلمون هذا العام بعيد الأضحى يوم الأربعاء 28 يونيو أو الخميس 29.
يحتفل المسلمون هذا العام بعيد الأضحى يوم الأربعاء 28 يونيو أو الخميس 29.

ينقسم المسلمون هذا العام، كما في معظم الأعوام السابقة، في تحديد موعد عيد الأضحى، وهي مسألة ترتبط بآلية مشاهدة الهلال بالعين المجرّدة أو الاعتماد على الفلك لتحديد بداية الشهر الهجري.

وتخضع المشاهدة بالعين المجردة لصعوبات عدة تعاني منها الدول التي تعتمد هذه الطريقة، ترتبط بوجود عوامل مناخية تحجب رؤية الهلال، كما يشكّل الموقع الجغرافي للدول عاملاً آخر في اختلاف الرؤية.

وغالباً ما يدفع الاختلاف في تحديد هلال شهر ذي الحجة إلى الاختلاف حول تاريخ العيد، بسبب الموقع الجغرافي والطريقة المعتمدة في رؤية الهلال.

وهذا العام أعلنت 11 دولة الاحتفال بالعيد يوم الخميس، خلافاً لأغلب الدول التي أعلنت حلول العيد يوم الأربعاء وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. وهذه الدول هي المغرب، الهند، السنغال، بريطانيا، اندونيسيا، إيران، باكستان، بروناي، بنغلاديش، غيانا وماليزيا.

لكن المفارقة في بعض الدول العربية، مثل العراق ولبنان، هي أن التنوع الطائفي بين السنة والشيعة يقسم السكان بين فريقين، يحتفل كل منهما بالعيد في يوم مختلف، استناداً إلى مرجعيته الدينية، رغم أنهم في بلد واحد.

وعيد الأضحى في العراق هذا العام، يبدأ وفقاً لديوان الوقف السني يوم الأربعاء 28 يونيو الجاري، بينما حددت المرجعية الدينية الشيعية العليا في النجف، التابعة للمرجع علي السيستاني، العيد يوم الخميس ٢٩.

وفي لبنان، الذي يتبع عدد من مواطنيه الشيعة مرجعية السيستاني في العراق، يحتفل هؤلاء بالعيد في الموعد الذي حددته مرجعية النجف، مع آخرين يتبعون إيران ومرجعية ولاية الفقيه، فيما يحتفل فريق آخر يتبع للمرجع اللبناني محمد حسين فضل الله (توفي عام  ٢٠١٠) بالعيد في 28 يونيو.

ويعلن مكتب فضل الله موعد العيد قبل أسابيع، عبر الحساب الفلكي. ولا يعتمد رؤية الهلال بالعين المجردة.

أما الطائفة السنية في لبنان فتحتفل بالعيد في الموعد نفسه الذي حددته المملكة العربية السعودية. ويضع البعض هذا الخلاف في إطار سياسي، خصوصاً في الدول التي تشهد تنازع نفوذ بين السعودية وما تمثله من مرجعية دينية من جهة، وبين إيران وما تمثله من مرجعية دينية من جهة ثانية.

من أبي حنيفة إلى المقريزي.. محطات في تاريخ العلاقات الودية بين السنة والشيعة
عرف التاريخ الإسلامي صراعاً مذهبياً طويلاً بين السنة والشيعة. اعتاد كل مذهب، غالبا، أن ينظر للمذهب الآخر بصفته الخصم الذي يجب أن يخوض ضده حرباً لا هوادة فيها. رغم ذلك، ظهرت بعض النماذج المتسامحة إلى حد بعيد، والتي بينت إمكانية إقامة علاقة ودية بين المذهبين. ما هي تلك النماذج؟ وما قصصها؟

"الخلاف فقهي في أساسه بين من يقول برؤية الهلال بالعين المجردة ولديه تعدد أفق، وبين من يقولون برؤية الهلال عبر الاعتماد على الفلك ووحدة الأفق"، بحسب رجل الدين الشيعي ياسر عودة، الذي يستبعد أن يكون للسياسة دور في تحديد عيد الأضحى.

لكن ياسر عودة يسترجع، في حديثه مع "ارفع صوتك"، قولاً قديماً من زمن الإمام السادس لدى الشيعة الاثني عشرية، جعفر الصادق، بأن "الهلال للسلطان" أي أنه "إذا حدد السلطان هلال العيد فعلى الأمة أن تلتزم".

وهناك روايات لدى الشيعة، كما يقول عودة، تقول: "انفروا حيث نفر الحجيج"، وهذا معناه أن "من يحدد عيد الحجيج بهذا المعنى، هي السعودية".

والأمر بحسب عودة، "لا يستدعي الخلاف. وطالما أن الحجيج في مكة سيعيّدون يوم الأربعاء سنعيّد معهم"، خصوصاً أن "عيد الأضحى لا يستدعي الخلاف في تحديده أي تبعات شرعية كما هي الحال مع عيد الفطر والصيام".

الاختلاف في شأن عيد الأضحى، بحسب الخطيب والمحاضر في الثقافة الإسلامية الشيخ محمد حمود، يقسم بطبيعته الى ثلاثة أقسام: عقائدي، فقهي، وسياسي.

وعليه، يتابع حمود، فإن "الخلاف على توقيت عيد الفطر عادة ما يكون فقهياً ويسيّس فعلياً، ويستدل فيه الأطراف بأدلة فقهية من حيث رؤية الهلال أو من حيث علم الفلك". لكن رجل الدين السني يعتبر أن الخلاف حول عيد الأضحى "سياسي بامتياز" و"يجري استثماره في تغذية الانقسامات المذهبية".

ويؤكد حمّود على أن الخلاف ليس فقط بين المسلمين السنّة والشيعة، بل "تارة يكون بين السنّة أنفسهم وبين الشيعة أنفسهم"، وبالتالي، يتابع حمّود، "حسب الأجواء السياسية بين البلاد المتناحرة سياسياً يتم تحديد توقيت العيد على أراضيها".

ويتفق حمّود مع عودة على أن "السعودية هي المعنية الأولى بموضوع عيد الأضحى وذلك لتوليها القيام بشؤون المسلمين في العالم في أداء مناسك الحج".

ويدعو حمّود المسلمين إلى "عدم تسييس الدين وإبعاد الخلافات السياسية عن الدين درءاً للمفاسد المترتبة على ذلك".

مواضيع ذات صلة:

A woman holds up a sign reading in Arabic "the marriage of minors is a crime in the name of safeguarding (honour)", during a…
عراقية تتظاهر أمام مبنى محكمة الأحول الشخصية في بغداد ضد زواج القاصرات في العراق

تحظى التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959 بدعم كبير من رجال الدين الشيعة والسنة في العراق. لكن بعض رجال الدين من الطائفتين سجّلوا مواقف معارضة لهذه التعديلات.

المرجع الشيعي العراقي المعروف كمال الحيدري، وهو أحد المراجع الكبار في حوزة قم في إيران، ظل طوال السنوات الماضية معارضا  للتعديلات التي طرحت أكثر من مرة حول قانون الأحوال الشخصية.

أتباع الحيدري ومؤيدوه سارعوا إلى نشر مقاطعه وفيديوهاته القديمة، والتي تضمنت مقابلات وخطبا أجراها في الأعوام السابقة يشرح فيها الأسباب التي تدفعه إلى معارضة تعديل القانون.

ينطلق الحيدري في مواقفه الرافضة من اعتقاده أن القوانين العراقية، في بلد بمكونات دينية وإثنية مختلفة، يجب أن تغطي جميع الفئات وأن يحتكم إليها الجميع، لا أن يكون لكل فئة قانونها الخاص بها.

ويعتبر الحيدري أن على "المرجع الديني توجيه مقلديه إلى اتباع القانون، حتى لو خالف ذلك رسالته العملية وفتاويه".

وتمنح التعديلات المطروحة الحق للعراقيين في اختيار اللجوء إلى إحدى مدونتين، شيعية وسنية، يتم إعدادهما من قبل المجلسين السنّي والشيعي بهدف تقديمهما إلى البرلمان.

وتتخوف المنظمات النسائية من أن يؤدي اللجوء إلى هاتين المدونتين الباب أمام تشريع زواج القاصرات، وكذلك إجراء تعديلات جوهرية على إجراءات حضانة الأطفال بشكل يضر حقوق المرأة.

كان "سابقاً لعصره".. خلفيات إقرار قانون الأحوال الشخصية العراقي 1959
أعاد النقاش حول قانون الأحوال الشخصية في العراق إلى الواجهة، الظروف الاجتماعية والسياسية التي أدت إلى صدور القانون المعمول به حالياً في عام 1959، خصوصاً بعد المطالبة بتعديله من قبل نوّاب من كتل سنيّة وشيعية في البرلمان.

رجل دين شيعي آخر، هو حسين الموسوي، أعلن بشكل مباشر معارضته للتعديلات المطروحة على القانون.

أكد الموسوي في أكثر من منشور له على موقع "أكس"‏ رفضه المستمر "لتعديل قانون الأحوال في ‎العراق، رفضًا تامًا لا نقاش فيه!".

وقال الموسوي، مستخدما وسم #لا_لتعديل_قانون_الأحوال_الشخصية: "أقول لبناتنا وشبابنا بضرورة التحرك بكل الطرق الممكنة لمنع الفئة الضالة من الهيمنة على المستقبل بعد سرقتهم الماضي".

في الجانب السنّي، يبرز موقف رئيس رابطة أئمة الأعظمية الشيخ مصطفى البياتي المعارض للتعديلات على القانون. 

وطالب البياتي في حديث صحافي الجهات التي طرحت التعديلات بسحبها "حفاظاً على وحدة العراق وحفاظاً على كرامة المرأة العراقية من هدرها على يد أناس لا يرقبون في حفظ كرامتها أي ذمة".

البياتي رأى في النقاشات التي تخاض في مجلس النواب وخارجه "ترسيخًا للطائفية بعد أن غادرها العراقيون، ومخالفة للأعراف المعتمدة في البلد".

رجل دين سنّي آخر، هو عبد الستار عبد الجبار، سجّل مواقف معارضة للتعديل. وقال في إحدى خطب الجمعة التي ألقاها في المجمع الفقهي العراقي إن "زواج القاصرات موضوع عالمي، العالم كله يرفضه، وهو ليس ديناً".

وتابع: "لا يوجد نص يقول إنه يجب أو مستحب زواج القاصرات. هو موضوع كان شائعاً في الجاهلية وسكت الإسلام عنه، والعالم الآن لا يحبه، وهذا لا يتعارض مع الإسلام لأن زواج القاصرات ليس من أصول الإسلام". 

وسأل عبد الجبار: "لماذا هذا الإصرار على هذه القضية؟ هل الإسلام جوهره زواج القاصرات مثلاً؟ إلى متى نبقى هكذا؟". ودعا إلى التفكير بعقلية "أريد أن أبني بلدي، وليس أن أنصر طائفتي على حساب الطوائف الأخرى".

ولم تعلن المرجعية الدينية الشيعية في النجف موقفاً حاسماً من التعديلات المطروحة حاليا، وإن كان مكتب المرجع الأعلى علي السيستاني قال في رد على سؤال ورد إليه عام 2019 إنه "ليس لولي الفتاة تزويجها إلا وفقاً لمصلحتها، ولا مصلحة لها غالباً في الزواج إلا بعد بلوغها النضج الجسمي والاستعداد النفسي للممارسة الجنسية". 

وأضاف المكتب أنه "لا مصلحة للفتاة في الزواج خلافاً للقانون بحيث يعرّضها لتبعات ومشاكل هي في غنى عنها".