رجال دين شيعة في مدرسة السيد اليزدي التي تديرها الحوزة العلمية في النجف، 12 أغسطس 2017
رجال دين شيعة في مدرسة السيد اليزدي التي تديرها الحوزة العلمية في النجف- تعبيرية

تأسست الحوزة العلمية في النجف على يد الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي في نهاية العهد البويهي وبداية السلجوقي (1056 ميلادي)، وكان تدريس العلم فيها بحسب المؤرخ العربي ابن الأثير، بدأ منذ القرن الثالث الهجري وازدهر في عهد عضد الدولة البويهي، وعلا شأن الحوزة بعد هجرة الطوسي إليها.

استمرت على هذه الحال مقصداً لطلاب العلم من سائر الأقطار الإسلامية، حتى بلغ عدد طلابها قبل الاحتلال الإنجليزي (1914) عشرة آلاف طالب.

أدت حوزة النجف إلى جانب دورها الديني التعليمي دوراً سياسياً كبيراً في حياة العراق والشيعة أينما وجدوا، حيث قادت "ثورة العشرين" ضد الانتداب البريطاني، وكان أحد علمائها ومراجعها الكبار السيد الشيرازي وراء "فتوى تحريم التنباك" الشهيرة أواخر القرن التاسع عشر، وأدت إلى ما يطلق عليه "ثورة التنباك".

وكانت حوزة النجف المكان شبه الوحيد الذي يستطيع المتخرج منه أن يكتسب شرعية العالم، ويصبح مبلّغاً أو مفتياً أو مجتهداً. وعلى الرغم من أن مدارس شيعية دينية عديدة فتحت أبوابها للطلاب في فترات مختلفة في إيران ولبنان والجزيرة العربية وأفغانستان وباكستان وسواها من أماكن الانتشار الشيعي، إلا أن النجف حافظت طوال عقود على دورها المركزي في إضفاء شرعية على رجال الدين الذين يتخرجون منها.

ويعود ذلك لحضور كبار فقهاء الشيعة في مقدمهم المرجع الأعلى (حاليا علي السيستاني)، الحوزة، بالإضافة للقدسية التي تحظى بها النجف بسبب وجود مقام الإمام علي فيها، وعلى مقربة منها مدينة كربلاء حيث قتل ابنه الإمام الحسين في الموقعة الشهيرة.

أثّرت حوزة النجف وأثْرَت العديد من تجارب رجال الدين الشيعة اللبنانيين الذين تخرجوا منها، ونقلوا إلى مجتمعهم ثقافة دينية منفتحة وعكسوا ما تعلموه هناك على تجاربهم السياسية، كما أسهموا بشكل غير مباشر في خلق تنوّع سياسي في الطائفة الشيعية داخل لبنان. من بين هؤلاء: محمد مهدي شمس الدين وموسى الصدر ومحمد حسين فضل الله وهاني فحص ومحمد حسن الأمين وغيرهم.

 

لماذا النجف؟

يروي رجل الدين اللبناني الراحل هاني فحص في كتابه "ماض لا يمضي- مذكرات ومكوّنات عراقية" كيف كانت المدارس في النجف منفتحة على قبول الثقافات المتعددة الواردة إليها من مختلف أصقاع العالم العربي والإسلامي، إلى درجة أن اللبنانيين في النجف، كما يكتب فحص، قاموا بـ"رقص الدبكة في المدرسة (الدينية) ما عرّضهم للمضايقة في أوساط الطلبة والعلماء والأسواق".

وكان هناك شيء من الامتعاض من اللبنانيين بسبب "لبسهم لساعات اليد وانتعالهم أحذية حديثة وهجرهم (المداس) مبكراً وارتداء بعضهم البنطلون تحت جبّته، أو قميصاً ملوناً أو ذا ياقة حديثة"، بحسب فحص.

ويتحدث عن الدور الذي لعبه نظام صدام حسين في بروز حوزة قم على حساب النجف، وتحوّلها إلى بديل عنها: "أصبحت حوزة قم موازية للنجف إيرانياً وجزئياً، إذ إن قلة من الطلاب وفدوا إليها من باكستان والهند وأفغانستان، ثم أخذت حوزة قم تتحول تدريجياً إلى بديل للنجف بعد الثورة الإسلامية وتأسيس الدولة باستقطاباتها الكثيرة وشديدة التركيز، وبعد مضيّ النظام العراقي في عملية تفكيك النجف حوزة وموقعاً ودوراً وتراثاً علمياً وأدبياً وجهادياً".  

أثر النجف في فحص كبير جداً، كما قال نجله الصحافي والمحلل السياسي مصطفى فحص، وهو ليس أثراً دينياً او عقائدياً بقدر ما هو أثر "معرفي واجتماعي وثقافي وتعدّدي".

وأكد أن "النجف شكلت التكوين الأساسي لتكوينه المعرفي. وقد بقي هذا الأثر في السيد هاني فحص طوال عمره، في لهجته ولغته ومفرداته، بطربه وذائقته الشعرية، وحتى في حزنه".

هناك نماذج كثيرة لشخصيات درست في النجف لكن اتجهت لاحقاً إلى المنحى اليساري في التفكير والتنظير، يشرح الصحافي علي الأمين، وهو نجل رجل الدين الشيعي اللبناني الراحل محمد حسن الأمين، الذي درس الفقه في حوزة النجف.

من هذه النماذج يسمّي الأمين المفكر اليساري حسين مروة، صاحب "النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلامية"، الذي اغتيل بمسدس كاتم للصوت وهو طريح الفراش عام ١٩٨٧.

يضيف "كانت هناك حالات مماثلة في النجف الذي كان مؤسسة دينية لكنه أيضاً مؤسسة تعليمية أكاديمية. وقد تعرف الكثير من طلاب الحوزة في النجف على الأدب العالمي والفلسفة والترجمات في أروقة النجف وهو ما فتح أمامهم آفاقاً ثقافية رحبة".

وذهب محمد حسن الأمين للدراسة في العراق عام ١٩٦٠  حين كان بعمر ١٤ سنة، وعاد إلى لبنان عام ١٩٧٢، أي انه أمضى ١٢ عاماً من مراهقته وشبابه في النجف، وهذه السنوات كما يصفها علي "لعبت دوراً أساسياً في تكوين شخصيته على المستوى الفكري والثقافي والديني".

وظلّ والده يتردد إلى العراق حتى اغتيال المرجع محمد باقر الصدر عام 1980، إذ انقطع عن زيارة العراق لأسباب أمنية، وبقيت علاقاته قائمة بجميع من ارتبط بهم في العراق بصداقات وزمالات في الحوزة، خصوصاً مع خروج عدد منهم من العراق في فترة حكم حزب البعث ولجوء بعضهم إلى لبنان وسوريا والأردن وإيران.

 

بين المحافظة والاعتدال

الباحث والكاتب أحمد محسن في صدد مناقشة رسالة دكتوراة حول العائلات الدينية الشيعية في لبنان في كلية العلوم الدينية بجامعة القديس يوسف في بيروت، وهو درس أثر حوزة النجف في المشهدية الشيعية، ويميّز بين ثلاثة أنواع أكثر بروزاً من التديّن الشيعي في لبنان: الأول محافظ وراديكالي الذي يشكّل حزب الله أحد وجوهه الأساسية، والثاني ليبيرالي من أبرز وجوهه موسى الصدر ومحمد مهدي شمس الدين وآخرون، وتيار ثالث وسطي تزعمه محمد حسين فضل الله.

يبين محسن: "تواجد العديد من رجال الدين المذكورين في فترة متقاربة في النجف وكانوا جزءاً من النقاشات التي تخاض على هامش التعليم الديني، وكانت تتمحور حول العداء للأنظمة العربية القمعية، والخوف والقلق من تمدّد اليسار".

ويتابع أن ما يُرى اليوم على أنه "اعتدال" في طبيعة الحوزة النجفية، لم يكن في الواقع في زمنه اعتدالاً، إذ اعتبرت الحوزة مؤسسة محافظة، وقد خرج منها مثلاً "حزب الدعوة" وكان هناك عداء شديد لليسار، لكن بعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران باتت معتدلة مقارنةً مع الأفكار التي نتجت عن الثورة الخمينية وتعدّ اليوم بالنسبة للمحافظين القدامى، راديكلية.

حول هذه النقطة يقول مصطفى فحص إن النجف مدرسة فقهية مركزية، و"تقليديتها تتأتى من مواجهة المدارس الفقهية الشيعية الفرعية الأخرى".

قد توحي حوزة النجف، بحسب فحص، أنها "اكليروس يميني تقليدي"، لكنها في شأنها الاجتماعي "أقرب إلى اليسار في تعاطيها مع الفقراء".

من هنا يفسّر محسن تقاطع بعض رجال الدين الذين عادوا من النجف مع اليسار اللبناني، ولكنه يعتقد أن هذا التقاطع في بعض جوانبه بقي شكلياً.

في هذا السياق، يلاحظ الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية قاسم قصير أن هناك شخصيات شيعية لبنانية "تأثرت باليسار وكذلك بالقومية والبعث ولاحقا بالثورة الفلسطينية". لكن هذا التاثير تراجع مع تراجع دور الاتحاد السوفياتي وتقدم الفكر الإسلامي.

من جهته، يرى علي الأمين أن حوزة النجف "شهدت صراعين بين وجهتين، الأولى تقليدية والثانية تجديدية"، لكن هذا لا يعني دائماً أن التجديد يكون أفضل من التقليد.

"فولاية الفقيه يمكن اعتبارها وجهة تجديدية حينما نظّر لها الإمام الخيميني في النجف قبل انتقاله إلى باريس ومنها إلى طهران مع انتصار الثورة الاسلامية في إيران. وجاء مفهوم ولاية الفقيه كانقلاب على مسار تاريخي حوزوي، ولم تكن أجواء المؤسسة الدينية الشيعية التقليدية مؤيدة لولاية الفقيه، لأن هناك فكرة راسخة في الثقافة الشيعية أن الدولة الدينية لا تقوم إلا مع ظهور الإمام المهدي المنتظر (محمد بن الحسن العسكري الإمام الثاني عشر لدى الشيعة الإمامية)"، يتابع الأمين.

هذا الأمر خلق انقساماً طابعه سياسي بين حوزتيّ النجف وقم، ولكن قصير يرفض الحديث عن خلاف بين حوزتيّ النجف وقم، مبيناً لـ"ارفع صوتك"، أن النجف شهدت تنوعاً دينياً وفكرياً سمح بوجود أفكار متعددة ومتنوعة مثل التجديد في الفكر والفقه الشيعي، وهذه طبيعة الحوزات الدينية الشيعية.

الأمر نفسه ينطبق على قم، يضيف قصير "لكن انتصار الثورة الإسلامية في إيران وقيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية جعل هناك انطباعاً كأن حوزة قم غير حوزة النجف، مع أن الإمام الخميني أقام في النجف".

كذلك، فقد عاش قائد الثورة الإسلامية في إيران روح الله الخميني، بالفعل في النجف ونظّر منه لولاية الفقيه وألقى محاضرات حول "الحكومة الإسلامية".

لكن هذا لا يعني، بحسب مصطفى فحص، أن هناك صراعاً بين قم والنجف، بل "وجود مدارس دينية وفقهية وأحيانا تخرج من قم أفكار فقهية تنويرية أهم من النجف. ولهذا يجب إنصاف قم كإحدى المدارس الدينية التي تحاول أن يكون لها موقع على الخارطة الفقهية الشيعية لكنها ليست في تصادم مع النجف، فالتصادم يحدث بين النجف وما تمثله وبين طهران وما تمثله من سياسات لمحاولة إنتاج رجل دين شيعي ينتمي إلى فكرة الإسلام السياسي الشيعي المأخوذ من مدرسة الإخوان المسلمين، وممارسة السياسة من باب ولاية الفقيه، التي يعارضها النجف وهي غير موجودة في مدارسه".

يتابع فحص: "هناك صراع بين طهران مركز إدارة ولاية الفقيه وما بين النجف الذي يرفع شعار ولاية الأمة على نفسها".

في هذا السياق يذكر الأمين أن "الشيخ محمد مهدي شمس الدين كان في بداياته في حوزة النجف، يدور في فلك حزب الدعوة، لكنه ترك العمل السياسي مع "الدعوة" مبكراً، وتحوّل لاحقاً إلى أهمّ المراجع في نقد ولاية الفقيه، كما "نظّر لولاية الأمّة على نفسها في مقابل ولاية الفقيه العامة"، وهو عنوان الكتاب الذي صدر بعد وفاة شمس الدين وحمل خلاصة فكره الفقهي.

 

كيف انعكس كل هذا على شيعة لبنان؟

يقول الصحافي اللبناني علي الأمين، إن "الولاء في لبنان لحزب الله سياسي وطائفي وليس فقهياً، كما أن مقلدي مرجعية السيد علي السيستاني في العراق من اللبنانيين أكثر بكثير من مقلدي السيد علي خمنئي في إيران".

ويرى أن المحزّبين والكوادر في حزب الله هم الذين يتبعون ولاية الفقيه فقهياً وفي الممارسة الدينية اليومية، وهؤلاء أقلية في المجتمع الشيعي. فجمهور حركة أمل مثلاً في غالبيته الساحقة لا يقلّد خمنئي وولاية الفقيه، بل يقلد معظمهم السيستاني أو محمد حسين فضل الله، وأبناءه ومؤسسته من بعده.

من جهته، يقول قاسم قصير، إن "دور النجف الأشرف موجود في لبنان عبر وكلاء المراجع ومن خلال العلاقة بين جهات سياسية كحركة أمل مع مرجعية السيستاني، لكن دور إيران أقوى لأنها دولة كبرى وإسلامية وأصبح لها تاثير مباشر على الصعيد الشعبي".

يضيف الأمين، أن "حزب الله" اليوم يركز على العصب الطائفي وليس على ولاية الفقيه، التي لا تشكّل رافعة لمؤيديه. وقد أشهر منذ بداياته ولاية الفقيه والتسويق لها كمرجعية فقهية في وجه مرجعية النجف، وكان الحزب يهاجم السيد الخوئي في الثمانينات وبداية التسعينات، كجزء من الهجوم على النجف".

كذلك، فإن خرّيجي حوزة النجف في لبنان، ووالد الأمين أحدهم "لم يكونوا متطابقين ولا يجمعهم سياق تنظيمي أو مؤسساتي ولا ينتمون إلى حزب واحد أو يشكلون فئة بعينها، بل كانوا يحملون فكراً متنوعاً وحيوياً فيه اختلافات متعددة ويشبه المجتمع اللبناني"، على حدّ تعبيره.

ويعتقد أنه "لم يكن للنجف أي دور في خلق بعد أيديولوجي أو سياسي يتعلق بالخلافة الإسلامية أو دولة اسلامية، ولم تطرح أبداً فكرة فصل الشيعة عن أوطانهم، أو جعلهم جزءاً من أمة كبرى عابرة للبلدان، وهو ما جاءت به ولاية الفقيه".

مواضيع ذات صلة:

A woman holds up a sign reading in Arabic "the marriage of minors is a crime in the name of safeguarding (honour)", during a…
عراقية تتظاهر أمام مبنى محكمة الأحول الشخصية في بغداد ضد زواج القاصرات في العراق

تحظى التعديلات المقترحة على قانون الأحوال الشخصية العراقي لعام 1959 بدعم كبير من رجال الدين الشيعة والسنة في العراق. لكن بعض رجال الدين من الطائفتين سجّلوا مواقف معارضة لهذه التعديلات.

المرجع الشيعي العراقي المعروف كمال الحيدري، وهو أحد المراجع الكبار في حوزة قم في إيران، ظل طوال السنوات الماضية معارضا  للتعديلات التي طرحت أكثر من مرة حول قانون الأحوال الشخصية.

أتباع الحيدري ومؤيدوه سارعوا إلى نشر مقاطعه وفيديوهاته القديمة، والتي تضمنت مقابلات وخطبا أجراها في الأعوام السابقة يشرح فيها الأسباب التي تدفعه إلى معارضة تعديل القانون.

ينطلق الحيدري في مواقفه الرافضة من اعتقاده أن القوانين العراقية، في بلد بمكونات دينية وإثنية مختلفة، يجب أن تغطي جميع الفئات وأن يحتكم إليها الجميع، لا أن يكون لكل فئة قانونها الخاص بها.

ويعتبر الحيدري أن على "المرجع الديني توجيه مقلديه إلى اتباع القانون، حتى لو خالف ذلك رسالته العملية وفتاويه".

وتمنح التعديلات المطروحة الحق للعراقيين في اختيار اللجوء إلى إحدى مدونتين، شيعية وسنية، يتم إعدادهما من قبل المجلسين السنّي والشيعي بهدف تقديمهما إلى البرلمان.

وتتخوف المنظمات النسائية من أن يؤدي اللجوء إلى هاتين المدونتين الباب أمام تشريع زواج القاصرات، وكذلك إجراء تعديلات جوهرية على إجراءات حضانة الأطفال بشكل يضر حقوق المرأة.

كان "سابقاً لعصره".. خلفيات إقرار قانون الأحوال الشخصية العراقي 1959
أعاد النقاش حول قانون الأحوال الشخصية في العراق إلى الواجهة، الظروف الاجتماعية والسياسية التي أدت إلى صدور القانون المعمول به حالياً في عام 1959، خصوصاً بعد المطالبة بتعديله من قبل نوّاب من كتل سنيّة وشيعية في البرلمان.

رجل دين شيعي آخر، هو حسين الموسوي، أعلن بشكل مباشر معارضته للتعديلات المطروحة على القانون.

أكد الموسوي في أكثر من منشور له على موقع "أكس"‏ رفضه المستمر "لتعديل قانون الأحوال في ‎العراق، رفضًا تامًا لا نقاش فيه!".

وقال الموسوي، مستخدما وسم #لا_لتعديل_قانون_الأحوال_الشخصية: "أقول لبناتنا وشبابنا بضرورة التحرك بكل الطرق الممكنة لمنع الفئة الضالة من الهيمنة على المستقبل بعد سرقتهم الماضي".

في الجانب السنّي، يبرز موقف رئيس رابطة أئمة الأعظمية الشيخ مصطفى البياتي المعارض للتعديلات على القانون. 

وطالب البياتي في حديث صحافي الجهات التي طرحت التعديلات بسحبها "حفاظاً على وحدة العراق وحفاظاً على كرامة المرأة العراقية من هدرها على يد أناس لا يرقبون في حفظ كرامتها أي ذمة".

البياتي رأى في النقاشات التي تخاض في مجلس النواب وخارجه "ترسيخًا للطائفية بعد أن غادرها العراقيون، ومخالفة للأعراف المعتمدة في البلد".

رجل دين سنّي آخر، هو عبد الستار عبد الجبار، سجّل مواقف معارضة للتعديل. وقال في إحدى خطب الجمعة التي ألقاها في المجمع الفقهي العراقي إن "زواج القاصرات موضوع عالمي، العالم كله يرفضه، وهو ليس ديناً".

وتابع: "لا يوجد نص يقول إنه يجب أو مستحب زواج القاصرات. هو موضوع كان شائعاً في الجاهلية وسكت الإسلام عنه، والعالم الآن لا يحبه، وهذا لا يتعارض مع الإسلام لأن زواج القاصرات ليس من أصول الإسلام". 

وسأل عبد الجبار: "لماذا هذا الإصرار على هذه القضية؟ هل الإسلام جوهره زواج القاصرات مثلاً؟ إلى متى نبقى هكذا؟". ودعا إلى التفكير بعقلية "أريد أن أبني بلدي، وليس أن أنصر طائفتي على حساب الطوائف الأخرى".

ولم تعلن المرجعية الدينية الشيعية في النجف موقفاً حاسماً من التعديلات المطروحة حاليا، وإن كان مكتب المرجع الأعلى علي السيستاني قال في رد على سؤال ورد إليه عام 2019 إنه "ليس لولي الفتاة تزويجها إلا وفقاً لمصلحتها، ولا مصلحة لها غالباً في الزواج إلا بعد بلوغها النضج الجسمي والاستعداد النفسي للممارسة الجنسية". 

وأضاف المكتب أنه "لا مصلحة للفتاة في الزواج خلافاً للقانون بحيث يعرّضها لتبعات ومشاكل هي في غنى عنها".