محاكمة قاتل الطالبة نيرة أشرف أمام جامعة المنصورة
محاكمة قاتل الطالبة نيرة أشرف أمام جامعة المنصورة

عادت من جديد إلى الواجهة جرائم قتل النساء في مصر بسبب انفصالهن أو رفضهن الارتباط بأحد الأشخاص، حيث لقيت موظفة بجامعة القاهرة مصرعها برصاص شخص طلب الزواج بها ورفضت، قبل أن تطارده القوات الأمنية وينتحر بنفس سلاح جريمته.

يأتي ذلك في وقت باشرت فيه النيابة العامة المصرية، التحقيق مع سائق متهم بقتل خطيبته السابق بالرصاص، بعد رفضها العودة إليه مجددا. ويواجه تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد، وحيازة سلاح ناري دون ترخيص.

ويعيد ذلك إلى الأذهان جرائم سابقة بنفس الدافع، أبرزها جريمة القتل التي وقعت في 20 يونيو من العام الماضي، عندما كانت الضحية، نيرة أشرف، متوجهة للخضوع لامتحان في جامعة المنصورة.

وقبل دخولها إلى الحرم الجامعي، اعترض طريقها زميلها الذي استلّ سكينه ليذبحها أمام الجميع، في واقعة هزت الرأي العام في مصر والعالم العربي.

ولفتت حقوقيات مصريات إلى أن جريمة موظفة جامعة القاهرة "ليست الأولى ولن تكون الأخيرة"، إذ اعتبرن أن هناك "أسبابا مجتمعية وقانونية ربما تفتح الباب أمام مثل هذه الجرائم"، وأشرن إلى "الإشادة" التي تلقاها قاتل أشرف من بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي، بعد الحكم عليه بالإعدام.

القتل جزاء الرفض

تبلغ الموظفة ضحية جريمة القتل بجامعة القاهرة، 29 عاما، وتعمل أخصائية رياضية بكلية الآثار، وكان المتهم، البالغ من العمر 30 عاما، زميلها بالعمل قبل سنوات، وتقدم للزواج منها عدة مرات، لكنها كانت ترفضه في كل مرة.

وأظهرت التحقيقات أن المتهم، الذي كان يعمل أخصائيا في رعاية الشباب، كان قد أضرم النيران في سيارة المجني عليها منذ 5 سنوات، ثم تم نقله إلى كلية الزراعة، لكنه استمر في إرسال رسائل تهديدية لها، ولذلك تم الحكم عليه وعزله من الجامعة بسبب سوء السلوك، بحسب صحيفة "الأهرام" المصرية الرسمية.

وقالت شيماء طنطاوي، وهي عضو مؤسس بمؤسسة "براح آمن" لمناهضة العنف الأسري الواقع على النساء في مصر، إن جرائم القتل من هذا النوع "لم تتوقف، بل إن حدتها تزيد يوما بعد آخر، والموضوع لم يعد حالة فردية وإنما نمط متكرر".

وأضافت في تصريحات للحرة، أن تكرار مثل هذه الجرائم "يعود سببه جزئيًا لعدم الردع فيما يخص العدالة العقابية".

أما المحامية الحقوقية ورئيسة مؤسسة القاهرة للتنمية والقانون، انتصار السعيد، فأوضحت أن ما يحدث هو "تكرار لمسلسل القتل باسم الحب، وللأسف الشابات لن تكن آخر الضحايا".

وأشارت في حديثها للحرة، إلى أن "تكرار مثل هذه الجرائم يعود إلى التربية، التي تعتمد على الاستحقاق الذكوري، مما يجعل من يتم رفضه يقرر ارتكاب جريمة القتل، حتى لو عرف أنه سيتم إعدامه".

وتابعت: "جرائم القتل والعنف ضد النساء تهدد الأمن والسلم المجتمعي، وهي جرائم تدق ناقوس الخطر".

وهذه الجرائم تتكرر في مصر، فهناك العديد من الفتيات اللواتي قتلن في الأعوام الأخيرة بسبب انفصالهن عن أشخاص أو رفض الدخول في علاقة معهم، ومن بينهن قضايا أثارت الرأي العام في مصر، مثل نيرة أشرف في المنصورة، وخلود درويش في بورسعيد، وسلمى بهجت في الزقازيق.

ثقافة الإبلاغ

ونجت فتيات أخريات، مثل فاطمة العربي، التي تقدمت ببلاغ للشرطة ثم كتبت منشورا على حسابها على إنستغرام في أبريل الماضي، بشأن اعتداء شاب عليها بسلاح أبيض، وتوجيهه طعنات لها بسبب رفض والدها خطبتها له.

وبالفعل أصدرت النيابة العامة في مصر أمرا بالقبض على المتهم، فيما صار منشور الشابة حديث مواقع التواصل الاجتماعي.

وطالما دعا المجلس القومي للمرأة النساء والفتيات بضرورة الإبلاغ عن مثل هذه الحالات، وتطالب السعيد من جانبها بضرورة "الإبلاغ عن التهديدات والعنف"، موضحة أن مؤسستها تتلقى العديد من البلاغات.

واستطردت: "لكن أجد الكثير من الفتيات لا يمتلكن ثقافة الإبلاغ، وبعضهن يخشين على السُمعة أو لا يعتبرن التهديدات خطيرة، ثم تحدث الجريمة ونندم بعدما يكون الأوان قد فات".

وطالبت بضرورة وجود "قانون لحماية الشهود والمبلغين، من أجل تشجيع الفتيات على الإبلاغ عن التهديدات التي تصلهن قبل وقوع الجريمة".

ونوهت في هذا الصدد، إلى أن" بعض الأهالي مع الأسف يخشون التبليغ حرصا على السمعة، وكأن البنت هي من ارتكبت جريمة، وهذا في الحقيقة تشجيع على تنفيذ التهديدات بالقتل".

وسائل التواصل الاجتماعي.. "دور سلبي"

حينما صدر حكم الإعدام بحق قاتل الطالبة أشرف وتم تنفيذه بوقت سابق هذا العام، انتشر "تعاطف" مع مرتكب الجريمة، والكثير من المنشورات السلبية بحق الضحية على مواقع التواصل الاجتماعي.

ووصل الأمر إلى خروج داعية ديني مصري، بدا أنه "يبرر للجريمة"، حينما قال خلال برنامج تلفزيوني: "عاوزة تحافظي على نفسك إلبسي قفة وإنتي خارجة"، وهو ما واجهه تحرك عاجل من المجلس القومي للمرأة في مصر.

*القومي للمرأة يتقدم ببلاغ للنائب العام ويستنكر مانشره الدكتور مبروك عطيةعلى صفحته الرسمية. طالع المجلس القومي للمرأة،...

Posted by ‎المجلس القومي للمرأة‎ on Wednesday, June 22, 2022

وتقدم المجلس حينها ببلاغ ضد الداعية مبروك عطية، الذي تراجع فيما بعد عن تصريحاته. وجاء في بيان المجلس القومي للمرأة حينها، أن كلماته "لا تخرج من رجل دين، وما قيل تحقير للمرأة وتحريض على العنف والقتل".

وكانت مؤسسة الأزهر، قد أدانت بشدة مثل هذه الجرائم، وأصدرت بيانًا في السابق، قالت فيه إن "لا مبرر لجريمة قتل النّفس مُطلقًا"، وأضاف البيان المنشور على مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية: "تبرير الجرائم جريمة كُبرى كذلك".

ولم يتسن للحرة الحصول على تعليق من رئيسة المجلس القومي للمرأة في مصر، مايا مرسي، حتى نشر التقرير.

وكانت مرسي قد صرحت في حوار تلفزيوني إبان أزمة مقتل أشرف، بأن "السوشيال ميديا تسببت في جريمة أخطر من جريمة القتل نفسها، ألا وهي تبرير القتل".

من جانبها، أكدت طنطاوي أن وسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورا سلبيا بعد مقتل نيرة أشرف، وقالت "جعلوا من قتلها بطلا وتناقشوا في مبررات ارتكابه للقتل وكأنه فعل عادي".

ودعت القائمين على فيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام إلى "مواجهة المنشورات التي تشجع على الجرائم والقتل ضد النساء".

هل من حلول؟

وفي هذا الشأن، قالت السعيد: "نحتاج لأن تكون طرق التربية والمناهج والخطاب الديني السائد في المساجد والكنائس مختلفة، وتشجع على نبذ العنف ضد النساء واحترام فكرة المساواة بين الجنسين".

وأوضحت طنطاوي: "نحن بحاجة إلى تعديل قانون العقوبات، وتحديد أن النساء تتعرض للقتل لأنهن نساء، وهذا قتل مبني على النوع الاجتماعي، ويجب التعامل معه بجدية أكبر".

كما طالبت بضرورة أن "تتعامل الجهات الرسمية مع شكاوى التعرض للعنف والتهديد والابتزاز بجدية أكبر"، مضيفة: "لأنهم يتركوننا حتى أن نموت في النهاية".

وزادت السعيد بالقول: "هناك حاجة لتمرير قانون موحد لتجريم العنف ضد النساء، وإنشاء مفوضية لمناهضة كافة أشكال التمييز".

المزيد من المقالات:

مواضيع ذات صلة:

أعلنت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) اختيار الشاعرة العراقية نازك الملائكة رمزاً للثقافة العربية في 2023.
أعلنت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) اختيار الشاعرة العراقية نازك الملائكة رمزاً للثقافة العربية في 2023.

عُرفت بغداد باعتبارها واحدة من أهم عواصم المعرفة والعلم في العالم العربي. اشتهرت مقولة "القاهرة تكتب، وبيروت تطبع، وبغداد تقرأ" لتعبر عن حالة الزخم الثقافي التي شهدتها بلاد الرافدين في القرن العشرين.

في هذا السياق، ظهرت العديد من الشاعرات العراقيات الرائدات، واللاتي انتشرت قصائدهن في شتى أنحاء المنطقة العربية. من هن أبرز الشاعرات العراقيات المعاصرات؟ وما هي أبرز الجوائز التي حصلن عليها؟ وكيف عبّرت أشعارهن عن الأوجاع والمآسي التي مرت ببلاد الرافدين عبر العقود؟

 

نازك الملائكة

 

وُلدت نازك الملائكة في 23 أغسطس 1923م، في محلة العاقولية في بغداد. اسم عائلتها هو آل الجبلي، غير أن الأسرة عُرفت باسم الملائكة.

تميزت أسرة نازك الملائكة بوجود العديد من الشعراء. الأمر الذي شجع نازك منذ صغرها على كتابة الشعر. في المرحلة الجامعية، درست اللغة العربية، وتخرجت من دار المعلمين العالية سنة 1944م؛ ثم التحقت بمعهد الفنون الجميلة، وتخرجت منه سنة 1949م. سافرت بعدها إلى الولايات المتحدة لمتابعة الدراسات العليا. وبعد عشرة سنوات حصلت على شهادة الماجيستير في تخصص الأدب المقارن.

بعد عودتها إلى العراق عملت نازك الملائكة كأستاذ محاضر في جامعات بغداد والبصرة والكويت. في سنة 1990م، سافرت نازك الملائكة إلى مصر بالتزامن مع اندلاع حرب الخليج الثانية. واستقرت بالقاهرة حتى توفيت عام 2007م عن عمر يناهز 83 عاماً. ودُفنت في مقبرة خاصة بالعائلة غربي القاهرة.

يرى الكثير من النقاد أن نازك الملائكة كانت من القلائل الذين تمكنوا من خلق حالة تجديدية حقيقية في ميدان الشعر العربي. فكانت أول من كتبت الشعر الحر غير المقيد بالقافية في قصيدتها المسماة الكوليرا. فضلاً عن ذلك نشرت نازك العديد من الدواوين الشعرية المتميزة، ومنها "عاشقة الليل" في 1947م، و"شظايا ورماد" في 1949م، و"شجرة القمر" في 1968م، و"مأساة الحياة وأغنية الإنسان" في 1977م، و"الصلاة والثورة" في 1978م. وأصدرت في 1962م كتابها "قضايا الشعر الحديث".

 تحدث بعض النقاد عن أثر نازك الملائكة على الوسط الشعري العراقي والعربي فقال: "نازك الملائكة لم تعد رمزاً من رموز الأدب والشعرية العراقية فحسب، بل أصبحت رائدة للشعر العربي بما طرحته مع السياب من قصيدة التفعيلة أو الشعر الحر، بل هي المرأة التي شقّت طريقها وسط الصعاب والمجتمع، لتكون الشاعرة المؤثّرة في الوسطين الأدبي والنسوي".

نالت نازك الملائكة العديد من الجوائز التكريمية في حياتها وبعد وفاتها. وفي مارس الماضي، أعلنت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" اختيار نازك الملائكة رمزاً للثقافة العربية في 2023م. وذلك بالتزامن مع الاحتفال بمرور مئة عام على ميلادها.

 

عاتكة الخزرجي

 
 

ولدت الشاعرة عاتكة الخزرجي في بغداد في سنة 1924م. وبدأت كتابة الشعر في الرابعة عشر من عمرها. في المرحلة الجامعية، درست في معهد المعلمين العالي في بغداد. وتحصلت منه على شهادة بكالوريا الفنون. وبعدها، عملت كمدرسة في بعض مدارس العاصمة العراقية. في سنة 1950م، تابعت الخزرجي دراستها عندما سافرت إلى فرنسا لتلتحق بجامعة السوربون. وهناك حصلت على شهادة الدكتوراه في تخصص الأدب العربي سنة 1955م.  بعد عودتها إلى العراق عُينت مدرسة في قسم اللغة العربية بدار المعلمين العالية، والتي تحولت فيما بعد إلى كلية التربية.

نشرت الخزرجي عشرة كتب في مجالات الشعر والمسرحية والنقد والتحقيق. من أبرز تلك الكتب ديوان شعري بعنوان "أنفاس السحر" في 1963م، وديوان "لألأ القمر" في 1975م. وتحقيق لمجموعة من قصائد الشاعر العباسي "العباس بن الأحنف" في 1977م، فضلاً عن مسرحية شعرية بعنوان "مجنون ليلى". من جهة أخرى، تميزت الخزرجي بالقصائد الصوفية، والتي حاكت فيها الأشعار التراثية المنسوبة للصوفيين القدامى.

حظيت الخزرجي بإشادة العديد من النقاد. وامتُدح شعرها لرقته وعذوبته، حتى اشتهرت بلقب "قيثارة العراق". على سبيل المثال وصفها الباحث سيار الجميل في كتابه "نسوة ورجال" فقال "إنها الحالمة عند الغسق الرائع عندما تصفو الحياة من وعثائها.. وهي صاحبة الصوت الرخيم في غناء الشعر.. وتموسقه بهدوء ورقة". توفيت عاتكة الخزرجي في التاسع من نوفمبر 1997م، عن عمر ناهز 72 سنة.

 

أميرة نور الدين

 

تُعدّ أميرة نور الدين واحدة من الشاعرات العراقيات الأوليات اللاتي ظهرن في النصف الأول من القرن العشرين. ولدت نور الدين في سنة 1925م في بغداد لأسرة تنحدر من الموصل. واجتازت دراستها الابتدائية والثانوية في بغداد، ثم سافرت إلى مصر لتلتحق بجامعة فؤاد الأول في القاهرة سنة 1943م. وبعد أربع سنوات، حصلت على "الليسانس" في اللغة العربية وآدابها، قبل أن تتحصل على شهادة الماجستير من الجامعة نفسها في سنة 1957م. عقب عودتها للعراق، عملت نور الدين كمدرسة للغة العربية في المدارس الثانوية ثم في كلية الآداب بجامعة بغداد، قبل أن تتقلد منصب عميدة معهد الفنون التطبيقية. في سنة 2020م، توفيت نور الدين عن عمر ناهز 95 سنة.

نشرت نور الدين قصائدها الشعرية في العديد من المجلات والصحف العراقية والعربية.  وتأثرت بشعراء المدرسة الرومانسية مثل علي محمود طه وإيليا أبو ماضي. وركزت قصائدها على قضايا العروبة والوطنية والثورة على الاستعمار. الأمر الذي يتوافق مع ظروف الحقبة الزمنية التي عاشت فيها.

نالت نور الدين الإشادة من قبل الكثير من النقاد المعاصرين لها. على سبيل المثال وصفها سليمان هادي الطعمة في كتابه "شاعرات العراق المعاصرات" بأنها "بلبلة العراق الغِرِّيدة"، كما تحدث إميل يعقوب في كتابه "معجم الشعراء منذ بدء عصر النهضة" عن شعرها فوصفه بأنه "جيد، واقعي الموضوعات، متنوعها، صورة مبتكرة جميلة".

 

لميعة عباس عمارة

 

ولدت لميعة عباس عمارة في بغداد في سنة 1929م لأسرة مندائية معروفة. عُرفت بنبوغها المبكر في تأليف الشعر.

في خمسينات القرن العشرين، زاملت لميعة بعض شعراء الحداثة الشعرية العراقية في دار المعلمين العالية في بغداد، منهم على سبيل المثال بدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي وعبد الرزاق عبد الواحد. شاركت بعدها في العديد من الهيئات الأدبية العراقية، فكانت عضوة الهيئة الإدارية لاتحاد الأدباء العراقيين في بغداد، كما شغلت عضوية الهيئة الإدارية للمجمع السرياني في بغداد.

عشقها السياب ونشر قصائدها أبو ماضي.. من تكون الشاعرة العراقية لميعة عباس؟
بحُكم زمالتهما الدراسية، ربطت لميعة علاقة صداقة ببدر شاكر السياب، وكثيراً ما كان كل واحدٍ يقرأ قصيدة الآخر. لاحقاً تطوّرت علاقتهما إلى علاقة حب، فكتب فيها السياب قصيدة "أحبيني لأن جميع مَن أحببت قبلك ما أحبوني".

نشرت لميعة العديد من الدواوين الشعرية. منها "الزاوية الخالية" في سنة 1960م، "عودة الربيع" في سنة 1963م، "أغاني عشتار" في سنة 1969م، "يسمونه الحب" في سنة 1972م، "لو أنبأني العراف" في سنة 1980م، "البعد الأخير" في سنة 1988م، و"عراقية" في سنة 1990م.

هاجرت عمارة من العراق سنة 1978م وتنقلت بين عدد من الدول. واستقرت في نهاية المطاف في الولايات المتحدة. في يونيو سنة 2021، توفيت لميعة عباس عن عمر ناهز 92 عاماً. نعاها الرئيس العراقي السابق برهم صالح بقوله: "نودّع الشاعرة الكبيرة لميعة عباس عمارة، في منفاها، ونودّع معها أكثر من خمسة عقود من صناعة الجمال، فالراحلة زرعت ذاكرتنا قصائد وإبداع أدبي ومواقف وطنية، حيث شكّلت عمارة علامة فارقة في الثقافة العراقية".

نعاها أيضا رئيس الوزراء العراقي الأسبق مصطفى الكاظمي قائلاً: "بهذا الرحيل المؤلم، تكون نخلة عراقية باسقة قد غادرت دنيانا لكنها تركت ظلالاً وارفة من بديع الشعر، وإسهاما لا ينسى في الثقافة العراقية ستذكره الأجيال المتعاقبة بفخر واعتزاز وتبجيل".

 

آمال الزهاوي

 

ولدت الشاعرة آمال الزهاوي في بغداد عام 1946م لأسرة معروفة في ميادين الأدب والسياسة. فهي حفيدة المفتي محمد فيضي، كما أنها ابنة عم للشاعرين المعروفين جميل صدقي الزهاوي وإبراهيم أدهم الزهاوي.

درست الزهاوي في كلية الآداب قسم اللغة العربية. وبعد حصولها على درجة البكالوريوس، عملت في الصحافة والتدريس. في الوقت نفسه، نشرت العديد من القصائد الشعرية المتميزة. من أشهر دواوينها "الفدائي والوحش" في 1969م، و"دائرة في الضوء ودائرة في الظلمة" في 1974م، و"أزهار اللوتس" في 1990م.

مُنحت الزهاوي العديد من الالقاب التي تشي بقدراتها الشعرية الإبداعية، ومنها "نخلة العراق"، و"إمبراطورية الشعر العربي"، كما تميز شعرها بالعديد من السمات العراقية الخالصة. في ذلك المعنى قال بعض النقاد إن "أبرز ما يميّز قصائد الزهاوي هو "أنوثة شعرها، وجمال بغداد والعراق، الذي تجلى في كل تفاصيل قصائدها، والحياة الصاخبة في بغداد الستينيات والسبعينيات، والحزن الذي بدأ يظهر شيئاً فشيئاً كلما ازدادت الحياة قسوة في بلدها". في 2015م، توفيت آمال الزهاوي عن عمر ناهز 69 عاماً بعد صراع طويل مع المرض. ودفنت في مقبرة الشهداء بمنطقة الأعظمية ببغداد.

 

أمل الجبوري

 

ولدت الشاعرة أمل الجبوري في بغداد سنة 1967م. في المرحلة الجامعية، درست الأدب الإنجليزي. وحصلت على شهادة البكالوريوس سنة 1989م. بعدها عملت الجبوري في مجالي الصحافة والإعلام لسنوات. في سنة 1998م، سافرت إلى ألمانيا. وظلت بعيدة عن العراق حتى سقوط نظام صدام حسين في 2003م.

عُرفت الجبوري بقصائدها الشعرية التي تناولت الإشكاليات الطائفية والمذهبية في العراق. من أبرز أعمالها ديوان "خمر الجراح" في 1986م، وديوان "اعتقيني أيتها الكلمات" في 1994م، وديوان "لك هذا الجسد لا خوف علي" في 2000م. من جهة أخرى، أسست الجبوري الفرع العربي لديوان اتحاد الشرق والغرب في بغداد، كما تترأس تحرير مجلة "ديوان" الثقافية التي تصدر من برلين بالعربية والألمانية.

حصلت الجبوري على العديد من الجوائز. في سنة 2003م، فاز ديوانها الشعري "تسعة وتسعون حجاباً" بجائزة الإبداع العربي من النادي العربي اللبناني في باريس. وفي سنة 2012م، حصلت على جائزة جومسكى عن ديوانها "هاجر قبل الاحتلال، هاجر بعد الاحتلال"، والذي اُختير واحداً من أفضل خمس كتب في الولايات المتحدة في 2011م. لاقى هذا الديوان الإشادة من قِبل العديد من الشعراء والأدباء. وكتبت الشاعرة الأمريكية أليشا أوسترايكر في تقديمها للديوان: "هذا كتاب أصيل لشعر نقي لم أقرأ مثيله منذ زمن طويل. سوف تأخذ الشاعرة أمل الجبوري مكانها جنباً الى جنب مع شعراء المنفى مثل باول سيلان وبابلو نيروا... هؤلاء هم شعراء المنفى... وشعراء الحقيقة".

 

دنيا ميخائيل

 

ولدت دنيا ميخائيل في سنة 1965م في منطقة الكرادة بمدينة بغداد لأسرة كلدانية مسيحية. حصلت على درجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي من جامعة بغداد، ثم عملت في مجالي الترجمة والصحافة لفترة قبل أن تتخذ قرارها بالهجرة إلى الولايات المتحدة سنة 1996م. وهناك أكملت دراستها العليا فحصلت على الماجستير في الآداب الشرقية. ثم عُينت في وظيفة محاضر للغة العربية وآدابها في جامعة أوكلاند.

عُرفت ميخائيل بكتابتها للشعر باللغتين العربية والإنجليزية. من أهم منشوراتها ديوان "يوميات موجة خارج البحر" في 1999م، وديوان "أحبك من هنا إلى بغداد" في 2015م، وديوان "الغريبة بتائها المربوطة" في 2019م، فضلاً عن ذلك نشرت ميخائيل روايتها الأولى "وشم الطائر" في 2020م.

حظيت أشعار ميخائيل التي تركز على المآسي التي تعاني منها الإنسانية وسط الحروب والصراعات، بإعجاب الكثير من النقاد في السنوات السابقة. على سبيل المثال وُصف عملها في ديوان "أحبك من هنا إلى بغداد" بأنه نَسَجَ من بقايا الانفجارات والتدمير عالماً إنسانيا أكثر رحمة، إذ تقف ميخائيل على مسافة من المشهد تسمح برؤيته بوضوح ثم تعيد رسمه.

في السياق نفسه، وُصف الطابع الشعري المتفرد لميخائيل بحسب التقرير الذي أعدّته اليونيسكو في 2022م بأنه "يمتاز بفارق دقيق، ويستقي الإلهام من إحساس عميق بالهوية باعتبارها لاجئة وفنانة وامرأة".

في مايو 2022م مُنحت ميخائيل -بالشراكة مع الممثلة السويدية المنحدرة من أصول سورية عراقية، هيلين الجنابي- جائزة اليونسكو-الشارقة للثقافة العربية في دورتها الثامنة عشرة. وجاء في بيان تكريمهما "تُكرّم الجائزة التزامهما الراسخ في ترويج الثقافة العربيّة في العالم، إذ تسخّر الفائزتان عملهما من أجل توجيه رسائل قويّة عن قضايا شائكة وجعلها في متناول الجميع".