قوبل قرار وزارة الزراعة العراقية الصادر في منتصف شهر حزيران/يونيو 2018 بوقف زراعة الرز باستياء الفلاحين.
ذلك لأنهم قد خسروا الدخل المادي الذي يعليهم وعائلاتهم.
يتساءل مزارعون في محافظة الديوانية، واحدة من المحافظات الرئيسة في زراعة الرز، عن الحل البديل لخسارتهم. هل يكون بالتسول؟
امتعاض المزارعين والأَضرار الذي ستصيب العائد الزراعي جراء استثناء زراعة الرز دفعت بأعضاء في مجلس محافظة الديوانية إلى تقديم طلب إلى الحكومة لإعادة النظر في قرارها:
أسباب القرار الحكومي
الأسباب في وقف زراعة المحصول في الخطة الصيفية لهذا العام، والذي يعتبر مكوناً أساسياً في أطباق المائدة العراقية تعود إلى عوامل داخلية وخارجية.
أبرز العوامل الخارجية تتعلق بخفض الإيرادات المائية من قبل دول الجوار وإقامة سدود على نهري الفرات ودجلة وخاصة من قبل تركيا دولة المنبع. فقد أقامت أنقرة، مشاريع عدة لاستثمار مياه النهرين، كان آخرها تعبئة خزانات سد اليسو على نهر دجلة بصدد تشغيله. لكنها أجلت قرارها بعد احتجاج الجانب العراقي حتى شهر تموز/يوليو المقبل.
وهناك أسباب أخرى متعلقة بالداخل العراقي أيضاً، أبرزها عدم قدرة الحكومة العراقية على التباحث مع جيرانها تركيا وايران اللتين تتحكمان بمنابع المصادر المائية على موضوع تشارك المياه بسبب انشغالها بالحرب على داعش الذي كان يسيطر على نهر الفرات شمال العراق.
هذا بالإضافة إلى التحديات المناخية التي لا يمكن التحكم بها من جفاف وحر شديد وعدم انتظام هطول الأمطار.
لكن وكيل وزارة الزراعة العراقية مهدي قيسي يوضح لموقع (ارفع صوتك) أن مساحة محدودة من الأرض (225 دونم) في محافظة النجف استثنيت من هذا القرار لأن فيها محطة بحثية تابعة لدائرة البحوث الزراعية. هذا يعني أن زراعة الرز سوف تستمر فيها لأغراض استنباط أصناف جديدة واستدامة الأصناف الموجودة.
ويجدر بالذكر أن قرار تقليص زراعة الرز لا يتعلق بالظروف الآنية، بل إن عملية التقليص بدأت منذ 2008. يوضح قيسي أن السبب آنذاك كان التجاوزات على الحصص المائية من قبل الفلاحين، وتقلصت مساحات زراعة الرز تدريجياً مع السنوات حتى بات "إنتاج الرز مؤخراً لا يسد أكثر من حوالي 50-20 في المئة من احتياج المواطن العراقي".
وشمل قرار الوزارة أيضاً محاصيل أخرى وهي الذرة الصفراء والبيضاء والكتان والسمسم والكتان والماش، لكن زراعتها تستمر بشكل محدود باستخدام مياه الآبار.
كيف يتم تعويض النقص؟
وحيث أن الرز يعتبر سلعة عليها طلب كبير في المتاجر، ستقوم وزارة التجارة باستيراد الـ80 في المئة من مصادر مختلفة لملئ الأسواق.
وفي الأسبوع الماضي قرر مجلس الوزراء دعم مزارعي الرز وتشكيل لجنة برئاسة المحافظ في محافظات إنتاج الرز الرئيسية وهي النجف والديوانية والمثنى وذي قار ليقوموا بجرد المساحات المزروعة في العام الماضي وأسماء الفلاحين الذي قاموا بزراعتها لتقديم خطة لنظر في كيفية تقديم الدعم لهم ثم تقديمها إلى مجلس الوزراء لمناقشتها.
"الزراعة" تؤكد و"الصناعة" تنفي.. هل استورد العراق سماداً مشعا من روسيا؟
ميادة داود
24 أكتوبر 2022
Share on Facebook
Share on Twitter
التعليقات
أثارت لجنة الزراعة والأهوار في البرلمان العراقي الجدل بعد مطالبتها رئيس مجلس النواب وهيئة النزاهة والمدعي العام بإيقاف عقد تجهيز سماد روسي غير صالح للاستخدام كونه "عالي الإشعاع"، ويمكن أن يتسبب بـ"كارثة كبرى حال توزيعه على المزارعين".
وسماد الداب (DAP) هو اختصار لفوسفات ثنائي الأمونيوم، حيث يعتبر من أكثر الأسمدة استخداماً في العالم، وله محتوى غذائي مرتفع على شكل حبيبات جافة أو مساحيق قابلة للذوبان في الماء يسهل على الجذور امتصاصها واستخدام العناصر الغذائية فيها.
وقال رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار في البرلمان لـ"ارفع صوتك" إن الإجراء الذي اتخذته لجنته جاء على خلفية "معلومات توفرت من قبل بعض الناشطين وفي مقدمتهم النائب السابق رحيم الدراجي". وبما إن لجنته "هي الجهة المسؤولة عن الرقابة على جميع ما يتعلق بالقطاع الزراعي في العراق، فقد قامت بمخاطبة الجهات المسؤولة للوقوف على كافة تفاصيل العقد الذي تم بموجبه استيراد سماد الداب".
وكان النائب السابق في البرلمان العراقي رحيم الدراجي نشر على مواقع التواصل مقطع فيديو وجه من خلاله نداءات إلى الجهات المعنية لإنقاذ العراق مما أسماها "جريمة قتل جماعية بسبب سماد الداب المسرطن"، مبينا أنه "حصل على كتاب رسمي صادر من وزارة البيئة بأن المادة غير مستوفية من الناحية الإشعاعية وغير مسموح تداولها".
وبحسب رئيس لجنة الزراعة، فإنه على إثر انتشار تلك النداءات على مواقع التواصل، "خاطبت اللجنة رئيس هيئة النزاهة ورئيس جهاز الادعاء العام ورئيس مجلس النواب لإيقاف عقد أبرم من قبل وزارة الزراعة لاستيراد 300 ألف طن من مادة سماد الداب الروسي الصنع التي وزعت على مخازن الشركة العامة للتجهيزات الزراعية". وحسب اللجنة، فإن "السماد غير صالح للاستخدام حيث إنه عالي الإشعاع ويتسبب بكارثة كبرى في البلد إذا تم توزيعه إلى المستخدمين".
الخطاب الذي تحدث عنه الجبوري، وحصل "ارفع صوتك" على نسخة منه، تحدث عن الطريق الذي سلكه السماد للوصول إلى الأراضي العراقية، حيث "تم وصول وجبة أولى من هذا السماد طريق عن تركيا ومن ثم منفذ ابراهيم الخليل، ليتم بعد ذلك توزيعه على مخازن الشركة العامة للتجهيزات الزراعية".
وطالبت اللجنة بـ"إيقاف العقد الموقع من قبل وزارة الزراعة والتحفظ على الكميات الموجودة في المخازن وإجراء تحقيق شفاف وعادل عن صلاحية هذه المادة للاستخدام ويكون الفحص للمادة من قبل الجهات الحكومية الرسمية المختصة".
وبحسب مستشار لجنة الزراعة والمياه والأهوار في مجلس النواب صباح موسى، فإن المادة "تم اكتشافها من قبل مركز الوقاية من الإشعاع، إحدى تشكيلات وزارة البيئة التي تمتلك أجهزة متطورة قادرة على رصد وتحديد النسب المسموح بها من الإشعاع. وبعد إرسال نماذج من مادة سماد الداب تبين بعد الفحص بأن هناك نسبة غير مسموح بها من الإشعاع، فتم رفض تلك المادة وإرجاعها".
وأضاف المستشار أنه تمت استضافة مسؤول مخول من قبل المديرية العامة للأسمدة التابعة لوزارة الصناعة. وكانت "بعض إجاباته عن الأسئلة التي تم طرحها غامضة وغير واضحة مع الأسف، فيما يتعلق بالمواد المستوردة من روسيا. وقال إنها تشكل قيمة مضافة وكأنه أراد إبلاغنا أن الخط الإنتاجي موجود لكنه غير متكامل، أي أنه يحتاج إلى مواد أولية". وبسبب الإجابات التي تم تقديمها، يضيف مستشار لجنة الزراعة والمياه والأهوار: "لم نفهم إذا ما كان المعمل الذي تم افتتاحه في البصرة خط إنتاجيا أم خط تعبئة فقط".
وكان وزير الصناعة منهل الخباز افتتح قبل شهرين معمل سماد الداب في محافظة البصرة والذي تمَّ إنشاؤه بالمُشاركة مع شركة "تربل أي" بطاقة إنتاجية 1500 طن يومياً. وضِمنَ مراسيم حفل الافتتاح تم أيضا توقيع عقد سنوي بين المصنع ووزارة الزراعة لتزويدها بمُنتج سماد الداب وبكمية 50 ألف طن كمرحلة أولى.
وأوضح المستشار صباح موسى أن لجنة الزراعة والأهوار "أوصت بتشكيل لجنة من مجموعة خبراء تقوم بفحص السماد المستورد، والذي تم تجهيز وزارة الزراعة به للخروج بنتائج نهائية نطمئن لها كجهة تشريعية مهمتها الرقابة وحسم الجدل حول الموضوع "، خصوصا أن "استيراد هذه المواد من روسيا أو اليابان عليه بعض التحفظات بسبب تعرض أقاليم من تلك الدول إلى إشعاعات نووية". ونتيجة لذلك، هناك "تحفظات على استيراد المواد الأولية من تلك المناطق خصوصا وأنه من المعروف أن المواد المشعة تبقى كامنة في الأرض مئات السنين".
أما الكميات التي تم استلامها من قبل وزارة الزراعة، "فتبلغ 35 ألف طن من أصل 300 ألف طن تم الاتفاق عليها بين وزارتي الصناعة والزراعة ولم يتم توزيع أي منها على المواطنين حتى الآن"، بحسب موسى.
من ناحيته، قال المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف لـ"ارفع صوتك" إن وزارته "تعاقدت مع وزارة الصناعة لتزويدها بسماد الداب من مصنع إنتاج الأسمدة في البصرة، وهي بدورها استوردت بعض المواد الأولية من روسيا وأوكرانيا وعند الفحص حصل شك بوجود تلوث بمواد مشعة".
وأوضح أنه تم إكتشاف وجود المواد المشعة بسبب الإجراءات التي يتم اتخاذها قبل استلام السماد حيث إن وزارة الزراعة "لا تستلم سماد الداب من أي شركة قبل إرسال عينات إلى وزارة البيئة للفحص الإشعاعي، وبالتالي قبل استلامه تم إرساله إلى الفحص ووجدنا فيه إشعاعا. ولذلك وقفنا التعامل مع الشركة حتى إثبات خلو هذا السماد من الإشعاع". ولهذا السبب، "رفضنا استلام المتبقي من الكمية المتعاقد عليها، وما تم استلامه سابقا لن يتم توزيعه الى الفلاحين".
من جهتها، نفت وزارة الصناعة والمعادن العراقية عبر مكتبها الإعلامي وجود تلوث بالإشعاع في سماد الداب. وقالت لـ"ارفع صوتك" إن شركة الاسمدة الجنوبية جهزت وزارة الزراعة بكمية بلغت 35 ألف طن من سماد الداب "خضعت جميعها إلى كافة الفحوصات وفق المقاييس العالمية"، مبينة أن وزارة الزراعة "أكدت على ذلك بكتب رسمية وشهادات فحص معتمدة في وزارة الصناعة".
واعتبرت الوزارة أن هناك "حملات ومحاولات لتشويه وتعطيل عملها بالتزامن مع النهوض بعمل مصانع السمنت والأسمدة والبتروكيمياويات نتيجة الخطط السليمة والناجحة التي تبنتها الوزارة خلال الفترة الماضية".
حاول موقع "ارفع صوتك" الحصول على تصريح من وزارة البيئة، التي يفترض أنها أجرت الفحوصات لصالح وزارة الزراعة، إلا أن أحد مسؤوليها قال إن الوزارة "لن تعلق حاليا على الموضوع".