فيروس قاتل وشحّ المياه وراء تناقص إنتاج الأسماك في العراق
يقول نائب رئيس جمعية مربي الأسماك في العراق، أكرم المشهداني، إن "أكثر من 75% من مربي الأسماك هجروا هذه المهنة، جراء انتشار فيروس (كوي الهربس) في البحيرات والأنهر، ما تسبب بنفوق أعداد كبيرة من تلك الثروات مع اتساع دائرة الإصابة والخطر كلما تقادم الزمن".
وكوي الهربس (KHV)، مرض فيروسي ويعرف أيضاً بالتهاب الكلية الخلالي في أسماك الكارب أو فيروس نخر الخياشيم، وهو قاتل تصل معدلات الإبادة فيه لنحو 100% بين ذلك النوع من الأسماك.
ومنذ عام 2008، ازدهرت مهنة تربية الأسماك بعد شيوع سمك الكارب، عن طريق منظمة الإنماء الأميركية.
ويضيف المشهداني لـ"ارفع صوتك"، أن "الفيروس بدأ الانتشار عام 2018 في نهر دجلة ثم انتقل إلى البحيرات والأحواض النهرية، في وقت كانت تبلغ الطاقة الإنتاجية من تربية الاسماك نحو 900 ألف طن، لكنها تتناقص بنسبة 20% في كل عام منذ الفيروس" .
ويشير إلى أنه مع عدد من أصحاب البحيرات، التقوا بمسؤولين في وزارة الزراعة والري والأمانة العامة لمجلس الوزراء، بغرض نلقي الدعم الحكومي للقضاء على الفيروس.
"لكن أياً من تلك الجولات لم يأت بحلول وأسند لنا توفير اللقاح إلى القطاع الخاص، وهو أمر صعب للغاية؛ لأن سعره يتجاوز المليون دولار مع شحة موردي مثل تلك الأمصال"، يتابع المشهداني.
وفي 26 أكتوبر 2018، انتشرت ظاهرة نفوق أسماك هائلة في العراق أودت إلى هلاك ملايين من أسماك الكارب المستزرع في منطقة الفرات الأوسط، الأمر الذي ولّد حالة قلق في البلاد.
يقول حسين بلهجة غاضبة "هذه فاجعة وكارثة بيئية".
ورث حسين مهنة تربية الأسماك أبا عن جَد في محافظة الديوانية الزراعية والقبلية.
وشاع الخوف من أن نفوق الأسماك يُعزى إلى تلوث غامض يمكن أن يؤدي إلى تسمم الناس أيضا، في حين عانى مزارعو الأسماك من تكبد خسائر مالية بسبب نفوق الأسماك، الواقعة التي أثرت على مصدر رزقهم.
ويلفت المشهداني إلى أن "هنالك جوانب أخرى تضاف إلى المرض الفيروسي الذي يصيب الأسماك وهو شح المياه وارتفاع أسعار الأعلاف الخاصة بتربية الأسماك".
ويدعو الجهات المختصة إلى تشريع قوانين تخص تربية الأسماك، خصوصاً أن أغلب اللوائح المعتمدة في العراق تعود لعام 1972، عندما كان الصيد محصوراً في أعالي البحار.
وتتوزع أغلب البحيرات الخاصة بتربية الأسماك عند أطراف العاصمة بغداد الشمالية، امتداداً باتجاه مدينة سامراء، يتجاوز عددها ثلاثة آلاف موقع، أغلبها غير مرخص رسمياً.
بدوره، يقول مستشار لجنة الزراعة البرلمانية السابق، عادل المختار، لـ"ارفع صوتك": "تربية الأسماك يمكن تصنيفها بأربعة أنواع، الأول تربية الأسماك في البحيرات والأقفاص النهرية وهو الأكثر شهرة واعتماداُ من قبل وزارة الزراعة".
"وهذا القسم يعاني الإصابة بالفيروس القاتل والشحة المائية وارتفاع أسعار الأعلاف فضلاً عن افتقار التسويق، بالتالي يجب إلغاؤه لأنه يشكل ضغطاً كبيراً على خزيننا المائي فضلاً عن خطورة انتقال تلك الأمراض إلى بقية الأنهار"، يضيف المختار.
ويؤكد أن "حجم المياه المستخدمة من قبل تلك البحيرات المخصصة لتربية الأسماك تصل نحو مليار وربع المليار متر مكعب، في ظل عدم جدوى من استمرار تلك المهنة واستثمار الأعلاف في سد نقص التغذية للدواجن والماشية".
ويتابع المختار: "يمكن تعويض تلك الثروة من خلال بدائل عديدة وبأسعار أقل كلفة وأوفر لكميات المياه، من بينها اعتماد المسطحات المائية مثل الثرثار والحبانية والرزازة والأهوار وغيرها وهو القسم الثاني من تربية الأسماك".
أما النوع الثالث، فيكمن في اصطياد الأسماك عند منطقة الفاو البحرية في أقاصي جنوب العراق، حسب المختار، مردفاً "هنالك نحو 1500 زورق معطل عن الخدمة بإمكان كل واحد من تلك القوارب أن يعود خلال 10 أيام بنحو نصف طن من الأسماك".
وينوه إلى أن "أغلب الصيادين في تلك المنطقة يتعرضون للإهانة والضرب والاعتقال من قبل السلطات الإيرانية التي تمنع مزاولتهم لتلك المهنة رغم أن هنالك اتفاقية تنظيم الصيد في المياه الإقليمية".
والنوع الرابع "يقع في أعالي المحيطات" وفق المختار.
ويبيّن: "بحسب الخطة الإستراتيجية لوزارة الزراعة عام 2014، نصت على ألاّ تتجاوز المساحة المخصصة لبحيرات الأسماك، 31 ألف دونم لمدة عقدين، لكن المساحة الحالية أكثر من 60 ألف دونم".
ويشدد المختار في نهاية حديثه، على أن "الحل للقضاء على الفيروس القاتل، يكون بإيقاف تربية الأسماك من النوع الأول لمدة أقلها خمسة أعوام".