جنى فواز الحسن

في بقعةٍ صغيرة من أراضي فلسطين، يعيش قطاع غزّة حصاراً يفصله عن العالم ويجعل التنقل من داخل وإلى خارج أسوار المدينة مسألة بالغة الصعوبة. في عامي 2006 و2007، انتهى الاقتتال الفلسطيني الداخلي بين حركتي حماس وفتح بسيطرة حماس على قطاع غزة وإضفاء طابع أكثر تديّناً في المدينة الممتدة على البحر المتوسط.

في جميع الأحوال، الطابع الديني للحكم لم يتمكّن من مواجهة التحدّيات المدنية والاقتصادية لأبناء القطاع، وتظاهر أبناء غزة مرّاتٍ عدّة للمطالبة بحلّ أزمة الكهرباء المستمرة منذ تسع سنوات وأزمات إنمائية أخرى.

ووسط هذا الكمّ من الحصار ومحاولة القطاع أن يستمر في الوجود على الخارطة، يبدو النظام السياسي في غزّة مبهم الهوية "فلا هو ديني ولا مدني". تعيش غزة معضلة "الحلال والحرام" التي عمّمتها حركة حماس، فغابت دور السينما والمسارح ووسائل الترفيه عن القطاع الذي طغى فيه الالتزام الديني. لكن هل أدّى هذا إلى بناء المجتمع الذي يطمح إليه أبناء القطاع؟

يصف مدير (المركز الفلسطيني للديموقراطية وحل النزاعات) إياد أبو حجير النظام في غزة أنّه "خليط عجيب" ويعزو ذلك إلى خصوصية الحالة الفلسطينية.

وعلى الرغم من أنّ القيادي في حركة حماس أحمد يوسف يعتبر أنّ تجربة حكم حركة حماس كانت مدنية، يعارضه الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب الرأي ويرى أنّ غزّة تعيش تحت سلطة دينية منذ سيطرة حماس على القطاع.  المزيد من التفاصيل في هذا التقرير الصوتي من إعداد أحمد عودة من غزة.

قطاع غزة.. لا هو ديني ولا مدني

بدوره، يحذّر الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل من عواقب المزاوجة بين الدين والدولة، ويدعو إلى استخلاص العبر من التاريخ ودعم إنشاء الدولة الحديثة. ويشير عوكل إلى أنّه "عندما كانت هناك مزاوجة أو تحالف بين الدين والدولة، كانت هناك عمليات قمع واضطهاد واسع وتناقضات دموية في المجتمعات".

عوكل يحذّر من دموية تاريخ المزج بين الدين والدولة

للمواطنين في القطاع أيضاً آراء مختلفة حول طبيعة الحكم الذي يريدونه في غزّة ومدى وجوب فصل الدين عن الدولة في القطاع.

هل يطمح مواطنو غزّة إلى دولة مدنية؟

*الصورة: فتوان فلسطينيان يراقبان النوارس خلال عاصفة شتوية في البحر/وكالة الصحافة الفرنسية

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل جديدة بشأن العملية المشتركة التي نفذتها قوات أميركية وعراقية مؤخرا ضد داعش، وأسفرت عن مقتل 15 من عناصر التنظيم المتشدد غربي العراق، في واحدة من أكبر العمليات لمكافحة الإرهاب في البلاد في السنوات الأخيرة.

وقالت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وعراقيين، إن سبعة جنود أميركيين تعرضوا لإصابات خلال العملية التي شارك بها أكثر من 200 جندي من كلا البلدين.

وأضافت أن العملية شملت مطاردة مسلحي داعش داخل أوكار تنتشر في مساحات واسعة وسط تضاريس نائية.

وذكر المسؤولون الأميركيون والعراقيون أن حجم ونطاق وتركيز العملية يسلط الضوء على عودة ظهور التنظيم المتشدد خلال الأشهر الأخيرة.

وفقا للصحيفة فقد كان الهدف الرئيسي للعملية هو الوصول لقائد ميداني كبير يشرف على عمليات تنظيم داعش في الشرق الأوسط وأوروبا.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) التي يقع الشرق الأوسط ضمن نطاق عملياتها، بأنها نفذت وقوات عراقية "غارة مشتركة في غرب العراق في الساعات الأولى من صباح يوم 29 أغسطس"، مما أسفر "عن مقتل 15 من عناصر داعش".

وأضافت في بيان أن "العملية استهدفت قادة داعش بهدف تعطيل وتقويض قدرات التنظيم على التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين العراقيين، وكذلك ضد الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها".

ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد القادة المستهدفين من داعش، بما في ذلك القيادي الكبير، لحين إجراء تحليل الحمض النووي لجثثهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن العملية جاءت في وقت أعلن رئيس الوزراء العراق محمد شياع السوداني وقادة الجيش العراقي أن بإمكان البلاد السيطرة على تهديدات داعش من دون مساعدة الولايات المتحدة.

وتتفاوض بغداد وواشنطن منذ عدة أشهر على اتفاق من شأنه إنهاء مهمة التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق، حيث يتواجد حوالي 2500 جندي أميركي.

ومع ذلك، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في يوليو أن عدد الهجمات التي تبنى داعش المسؤولية عنها في العراق وسوريا تزايد بشكل ملحوظ ويكاد يقترب من ضعف الهجمات التي حصلت العام الماضي.

وأعلن تنظيم داعش المسؤولية عن 153 هجوما في البلدين خلال النصف الأول من عام 2024، حسبما قالت القيادة المركزية الأميركية، من دون أن تقدم تفاصيل دقيقة عن أرقام الهجمات حسب كل بلد.

وتنقل الصحيفة عن مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر القول إن العراق نجح في احتواء تحديات داعش في السنوات الأخيرة، مع انخفاض وتيرة العمليات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق"، مضيفا أن "التعافي الواضح لداعش في سوريا المجاورة يثير قلقا كبيرا.

وأضاف ليستر: "لذا، فإن هذه الملاذات الآمنة القديمة لداعش، في صحراء الأنبار، ستحتاج إلى المتابعة بشكل مستمر، إذا كنا نريد تجنب تسرب داعش من سوريا إلى العراق في النهاية."

وأفاد مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى بأن الولايات المتحدة والقوات الحليفة الأخرى ساعدت القوات العراقية في تنفيذ أكثر من 250 عملية لمكافحة الإرهاب منذ أكتوبر الماضي.

لكن الصحيفة ذكرت أن هذه الغارة "لم تكن عادية" خاصة في ظل مشاركة  عدد كبير من القوات الأميركية الخاصة التي قادت الهجوم الأولي.

وتضيف الصحيفة أن أكثر من 100 عنصر من قوات العمليات الخاصة الأميركية وجنود آخرين بالإضافة لعدد أقل من الجنود العراقيين شاركوا في الهجوم الرئيسي الذي نفذ بواسطة طائرات الهليكوبتر.

وقالت السلطات العراقية في بيان إن العملية بدأت شرقي مجرى مائي يمر عبر صحراء الأنبار، في منطقة جنوب غرب الفلوجة.

وأكد جهاز المخابرات العراقي أن من القتلى "قيادات خطيرة كانوا يتخذون من صحراء الأنبار ملاذا لهم". وأشار إلى أنها بدأت بـ"ضربات جوية متتالية" لأربع مضافات يتواجد فيها الجهاديون، أعقبتها "عملية إنزال جوي في الموقع ثم اشتباك مع الإرهابيين".

وبحسب ليستر ومسؤولين أميركيين فقد استمرت العملية في اليوم التالي، مع مراقبة الطائرات المسيرة الأميركية للمنطقة، مؤكدين أن أكثر من 100 عنصر من القوات العراقية تايعوا الهجوم واعتقلوا اثنين من مسلحي داعش الذين فروا من الموقع في الليلة السابقة مع وثائق مالية ومعلومات عن التنظيم.

وتشير الصحيفة إلى أن محللين عسكريين أميركيين يدرسون المواد التي تم الاستيلاء عليها، والتي قال المسؤولون إنها قد تؤدي إلى غارات مستقبلية.