في كتابه "عميل في قلب القاعدة"، يكشف الدنماركي مورتن ستورم، كيف تحول من عنيف ومهرب ومشاغب إلى "جهادي"، وذلك في صيف ١٩٩٧ حين دخل السجن وفيه اعتنق الإسلام وتعرف إلى العديد من المعتقلين "الجهاديين".
عندما غادر السجن، إنتقل للإقامة في بريطانيا. ثم توجه إلى اليمن حيث التحق بمدرسة دينية، وتقرب من الشيخ عبدالمجيد الزنداني. ثم تعرف على أنور العولقي وانضم إلى حلقة دراسية كان يتولاها الأخير في صنعاء، التي كانت في تلك الفترة بحسب ستورم "بؤرة لجذير التعصب الديني" عند الأجانب الذين اعتنقوا الإسلام حديثا.
كان أنور العولقي داعية يحمل الجنسية الأميركية. ولد في 1971 بولاية نيو مكسيكو، ثم عاد إلى اليمن مع والده الوزير السابق والأستاذ في جامعة صنعاء، حيث أكمل دراسته الثانوية قبل أن يعود مجددا إلى الولايات المتحدة. وتخرج مهندسا مدنيا من جامعة ولاية كولورادو. ثم حصل على دبلوم الدراسات العليا من جامعة سان دييغو.
إرتبط اسمه بسجل من الاعتداءات الإرهابية، بدءا من هجمات أيلول/سبتمبر 2001 ثم إطلاق النار في قاعدة عسكرية أميركية عام 2009 ومرورا بمحاولة تفجير فاشلة لطائرة أميركية في عيد الميلاد عام 2009 وأخرى في نيويورك عام 2010. وهو ما جعله مركز اهتمام السلطات الأميركية التي تمكنت في 30 أيلول/سبتمبر 2011 من قتله في اليمن بغارة بطائرة من غير طيار، بعد أن صار اسمه على قائمة "أكثر الإرهابيين خطورة".
أصول تاريخية ودينية
ويرى الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية المتطرفة خالد العماد أن "الفكر المتطرف في اليمن يأتي نتيجة لإقصاء المرجعية الدينية الزيدية والشافعية بعد قيام ثورة 1962، وتشجيع النظام السابق (الرئيس علي عبد الله صالح) للجماعات السلفية المتطرفة التي كان يستخدمها لتصفية خصومه".
بينما يعتقد أستاذ التاريخ والحضارة بجامعة صنعاء، د. عبدالله ابو الغيث، "لم تكن اليمن بيئة حاضنة لمثل هذا الفكر المتطرف". مؤكدا أن "تنظيم داعش لم يكن له وجود في اليمن والأمر سياسي أكثر مما هو ديني، يعود لوجود قوى إقليمية تمارس اللعب على أرضنا كالسعودية وإيران وقطر والإمارات وتركيا، وصارت الأطراف اليمنية للأسف مجرد أدوات بيد الخارج الإقليمي والدولي، وأصبح الوطن ساحة تصفي عليها القوى الإقليمية والدولية حساباتها، ولكل منها قاعدته في اليمن يسخرها لتحقيق اهدافه لفرض واقع سياسي مغاير على الأرض".
بينما يقر أستاذ العلوم السياسية د. بكيل الزنداني بتأثير التطرف فكرا وممارسة، معتبرا أن "الفكر المتطرف هو نتيجة غياب العدالة الاجتماعية والظلم الذي عاشته المنطقة العربية بسبب الديكتاتوريات على مدى أكثر من 50 سنة، حيث كان هناك اضطهاد وغياب للحرية والديمقراطية والمشاركة وبالتالي ستتحول هذه الجماعات إلى متطرفة و متوحشة و أسوأ من ذلك، وما هو حادث اليوم يدل على الفاجعة التي فُجعنا بها من تفجير للمساجد وفي كل مكان".
المدونون اليمنيون: أي قراءة؟
وينشط المدونون والكتاب المستقلون اليمنيون في قراءة أوضاع بلادهم، فثمة البعض الذي يقول "لم نعد ندري ما هو الحل لما يجري في اليمن؟ هناك فكر متطرف نما وينمو كل يوم في أكثر من مكان وموقع في اليمن ولعل صعده،هي أحدى أهم بؤر مثل ذلك التطرف ففيها تياران متطرفان جداً لم نعد نستطيع أن نغفل تأثيرهما على البلد".
وفيما التيار الأول، يمثله الحوثيون وما يشكلوه من خطر كبير على أمن واستقرار البلد، يكون التيار الثاني ممثلا بمتطرفي القاعدة والذين تخرجوا من مدارس دينية مختلفة.
وانتقلت أشكال تواجد الفكر المتطرف في اليمن من عمليات "القاعدة" إلى خلايا تابعة لتنظيم "داعش"، في مناطق متفرقة من البلاد، عبر انتشار مئات المقاتلين من جنسيات عربية وأجنبية من دول يسيطر التنظيم على أجزاء واسعة منها، كالعراق وسوريا وحتى ليبيا، ووجود مناصرين له من المنشقين عن الفرع اليمني لتنظيم "القاعدة".
"داعش" في اليمن: اطلاق النار على الجميع
وتؤكد تقارير يمنية "تحتضن عدة محافظات كالعاصمة صنعاء شمالاً، والبيضاء بوسط اليمن، وحضرموت جنوبًا، المئات من مقاتلي "داعش" من عدة جنسيات أجنبية كالأميركية، والكندية، والبريطانية، والفرنسية، والأسترالية، وبلدان شرق آسيا، وجنوب القارة الأفريقية، بالإضافة لعدة جنسيات عربية يسكنون في أماكن تسمى (المأوى)."
وتلفت تلك التقارير إلى عدد من الاعتداءات التي نفذها التنظيم حيث "استطاع خلال الأشهر الستة الأخيرة، توسيع قاعدة أعضائه ومناصريه باليمن، وكسب تأييد ومبايعة جزء كبير من عناصر تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" في عدة محافظات يمنية كالبيضاء، وشبوة، وحضرموت، ليحصل على أكثر من 3000 مناصر له، نفذوا الكثير منهم عمليات ضد جماعة "أنصار الله" الحوثية، والألوية العسكرية التابعة للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، ونفذت مجاميع أخرى منهم عمليات ذبح وقتل بحق الجيش اليمني".
وعلى الرغم من أن الصراع في اليمن أخذ طابعا إقليميا من خلال الصدام السعودي الإيراني غير المباشر، وتداخل الخنادق بينما ما هو ديني طائفي وسياسي مناطقي، إلا أن هذا لم يمنع من استمرار نشاط تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب"، حيث فجّر مسلحوه مبنى قيادة الجيش في مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت بجنوب شرق اليمن، والتمدد إلى مناطق جديدة مثل العاصمة الجنوبية عدن.