جنى فواز الحسن

في التاسع عشر من شهر أيلول/سبتمبر 2014، بدأ التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدّة الأميركية بأولى ضرباته ضدّ تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" بعدما توسّع التنظيم بسيطرته على مساحات واسعة في كلّ من العراق وسوريا. اتّفقت دول العالم على حتمية مواجهة داعش بعد أن ملأت جرائم التنظيم الدموية البلدان العربية من سبي للنساء وقطع الرؤوس والجلد ومصادرة أملاك السكان وتهجير المسيحيين من منازلهم.

وتبدو محاربة تنظيم داعش ضرورة وسط انتشاره وتوسّع امتداده وقدرته على جذب المقاتلين من الشرق الأوسط والمقاتلين الأجانب. لكن هل تكفي الحلول العسكرية لمواجهة التنظيم الإرهابي، أمّ أنّ هذه الضربات يجب أن تترافق مع خطوات أخرى تقضي على جذور الأسباب التي أدّت إلى تفشي هذا الداء في مجتمعاتنا؟

داعش والأمن الإقليمي

في حديث لموقع (إرفع صوتك)، يقول رئيس (مركز أكد للشؤون الاستراتيجية والدراسات المستقبلية) حسين علي علاوي "بعد سقوط الموصل في حزيران 2014، أصبحت مسألة داعش عميقة ومؤثرة على الأمن الإقليمي في المنطقة".

ويضيف علّاوي "تشكّل لدينا ارتباك بعد نهايات الربيع العربي وظهور الإسلام المتطرّف بصورته الإرهابية.. وهذا موضوع خطير للصراع الطائفي في منطقة الشرق الأوسط".

يشير علّاوي كذلك إلى توسّع داعش ومناطق نفوذه وامتداده إلى ليبيا وسيناء وإلى تمكّنه من "العزف على الأوتار الطائفية في المنطقة للسيطرة على المنطقة".

القوّة الناعمة في مواجهة داعش

على الرغم من ضرورة التصدّي عسكرياً للتنظيم لمنعه من التمدّد بنفوذه ولاستهداف أبرز قادته، غير أنّ هذا قد لا يكفي لاستئصال جذور التطرّف. وقد نجد في فترة لاحقة أنّ المجتمع يعيد إنتاج حركات متطرّفة بقادة وزعماء آخرين قد يكونون أكثر تطرّفاً وضراوة. وهذا ما يمكننا ملاحظته عند المقارنة بين تطوّر التطرّف والعنف بين تنظيم القادة وداعش. فنجد أنّ داعش لجأ إلى أساليب أكثر ضراوة وتوحّشاً وبدأ بتنفيذها في المنطقة.

بحسب علّاوي "في كل تجارب العالم، كانت الأدوات الناعمة كالثقافة والمعرفة وكذلك الأدوات الاقتصادية والأدوات الاجتماعية هي الأدوات المثلى للقضاء على الفكر المتطرف".

يشير علّاوي إلى ضرورة الرهان على عامل الوقت في التخطيط للقضاء على داعش والرهان على تحسين الأوضاع الاقتصادية للشعوب العربية المعرضة للإرهاب والتطرّف.

الأداة العسكرية مدخل للقضاء على داعش

وإذ يؤكّد علاوي أنّ الأداة العسكرية تشكّل مدخلاً للقضاء على داعش، يشدّد على ضرورة "تطوير المنظومة الثقافية والمنظومة الفكرية وإعادة تأهيل الخطاب الديني".

ويقول علّاوي "الخطاب الديني هو الذي دفع بالمتطرفين للعودة إلى الساحة مرّة أخرى". ويدعو إلى خطاب ديني أكثر عقلانية قادر على إعادة تصويب بوصلة الشباب نحو نهج الاعتدال.

*الصورة: رئيس مركز (أكد للشؤون الاستراتيجية والدراسات المستقبلية) حسين علي علّاوي

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل جديدة بشأن العملية المشتركة التي نفذتها قوات أميركية وعراقية مؤخرا ضد داعش، وأسفرت عن مقتل 15 من عناصر التنظيم المتشدد غربي العراق، في واحدة من أكبر العمليات لمكافحة الإرهاب في البلاد في السنوات الأخيرة.

وقالت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وعراقيين، إن سبعة جنود أميركيين تعرضوا لإصابات خلال العملية التي شارك بها أكثر من 200 جندي من كلا البلدين.

وأضافت أن العملية شملت مطاردة مسلحي داعش داخل أوكار تنتشر في مساحات واسعة وسط تضاريس نائية.

وذكر المسؤولون الأميركيون والعراقيون أن حجم ونطاق وتركيز العملية يسلط الضوء على عودة ظهور التنظيم المتشدد خلال الأشهر الأخيرة.

وفقا للصحيفة فقد كان الهدف الرئيسي للعملية هو الوصول لقائد ميداني كبير يشرف على عمليات تنظيم داعش في الشرق الأوسط وأوروبا.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) التي يقع الشرق الأوسط ضمن نطاق عملياتها، بأنها نفذت وقوات عراقية "غارة مشتركة في غرب العراق في الساعات الأولى من صباح يوم 29 أغسطس"، مما أسفر "عن مقتل 15 من عناصر داعش".

وأضافت في بيان أن "العملية استهدفت قادة داعش بهدف تعطيل وتقويض قدرات التنظيم على التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين العراقيين، وكذلك ضد الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها".

ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد القادة المستهدفين من داعش، بما في ذلك القيادي الكبير، لحين إجراء تحليل الحمض النووي لجثثهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن العملية جاءت في وقت أعلن رئيس الوزراء العراق محمد شياع السوداني وقادة الجيش العراقي أن بإمكان البلاد السيطرة على تهديدات داعش من دون مساعدة الولايات المتحدة.

وتتفاوض بغداد وواشنطن منذ عدة أشهر على اتفاق من شأنه إنهاء مهمة التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق، حيث يتواجد حوالي 2500 جندي أميركي.

ومع ذلك، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في يوليو أن عدد الهجمات التي تبنى داعش المسؤولية عنها في العراق وسوريا تزايد بشكل ملحوظ ويكاد يقترب من ضعف الهجمات التي حصلت العام الماضي.

وأعلن تنظيم داعش المسؤولية عن 153 هجوما في البلدين خلال النصف الأول من عام 2024، حسبما قالت القيادة المركزية الأميركية، من دون أن تقدم تفاصيل دقيقة عن أرقام الهجمات حسب كل بلد.

وتنقل الصحيفة عن مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر القول إن العراق نجح في احتواء تحديات داعش في السنوات الأخيرة، مع انخفاض وتيرة العمليات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق"، مضيفا أن "التعافي الواضح لداعش في سوريا المجاورة يثير قلقا كبيرا.

وأضاف ليستر: "لذا، فإن هذه الملاذات الآمنة القديمة لداعش، في صحراء الأنبار، ستحتاج إلى المتابعة بشكل مستمر، إذا كنا نريد تجنب تسرب داعش من سوريا إلى العراق في النهاية."

وأفاد مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى بأن الولايات المتحدة والقوات الحليفة الأخرى ساعدت القوات العراقية في تنفيذ أكثر من 250 عملية لمكافحة الإرهاب منذ أكتوبر الماضي.

لكن الصحيفة ذكرت أن هذه الغارة "لم تكن عادية" خاصة في ظل مشاركة  عدد كبير من القوات الأميركية الخاصة التي قادت الهجوم الأولي.

وتضيف الصحيفة أن أكثر من 100 عنصر من قوات العمليات الخاصة الأميركية وجنود آخرين بالإضافة لعدد أقل من الجنود العراقيين شاركوا في الهجوم الرئيسي الذي نفذ بواسطة طائرات الهليكوبتر.

وقالت السلطات العراقية في بيان إن العملية بدأت شرقي مجرى مائي يمر عبر صحراء الأنبار، في منطقة جنوب غرب الفلوجة.

وأكد جهاز المخابرات العراقي أن من القتلى "قيادات خطيرة كانوا يتخذون من صحراء الأنبار ملاذا لهم". وأشار إلى أنها بدأت بـ"ضربات جوية متتالية" لأربع مضافات يتواجد فيها الجهاديون، أعقبتها "عملية إنزال جوي في الموقع ثم اشتباك مع الإرهابيين".

وبحسب ليستر ومسؤولين أميركيين فقد استمرت العملية في اليوم التالي، مع مراقبة الطائرات المسيرة الأميركية للمنطقة، مؤكدين أن أكثر من 100 عنصر من القوات العراقية تايعوا الهجوم واعتقلوا اثنين من مسلحي داعش الذين فروا من الموقع في الليلة السابقة مع وثائق مالية ومعلومات عن التنظيم.

وتشير الصحيفة إلى أن محللين عسكريين أميركيين يدرسون المواد التي تم الاستيلاء عليها، والتي قال المسؤولون إنها قد تؤدي إلى غارات مستقبلية.