بقلم جنى فواز الحسن:
تطول المدّة أو تقصر قبل أن يسبّب النظام اللّبناني لمواطنيه صدمة حول تعريفهم لأنفسهم كمواطنين، فما يدرسونه في كتب التربية الوطنية والتنشئة المدنية لا يشبه ما يختبرونه لاحقاً في الحياة.
فاللبنانيون، على اختلاف طوائفهم، يجتمعون في نقطةٍ مشتركة: سرعان ما تأتي الطائفية وتفرض نفسها عليهم ليجدوا أنفسهم بين تصنيفات شيعي وسنّي وماروني ودرزي وغيرها، وإن أرادوا أن يبقوا خارج هذه الاعتبارات.
أحبطني النظام
فايزة دياب، شابة لبنانية من بيروت، تقول إنّها لم تشعر بحاجة للتعريف عن نفسها كسنيّة للحصول على وظيفة أو الدراسة إلى أن قرّرت دخول كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية.
وتروي لموقع (إرفع صوتك) "حين قرّرت أن أقدّم امتحاناً لدخول كلية الإعلام، قال لي الجميع إنّني سأحتاج إلى واسطة من أحد الأحزاب الشيعية كونها المهيمنة على هذه الكلية تحديداً من الجامعة اللبنانية الرسمية".
"يجب أن يدعمك حزب الله أو حركة أمل لتتجاوزي الامتحان، قال لي أصدقاء. لكنّي كنت أعرف أنّني لن أحظى بدعم الأحزاب الشيعية كوني سنية، لذا عدلت عن اختصاص الإعلام"، تقول فايزة.
لكنّها تضيف "ربما هناك أشخاص من طوائف مختلفة تجاوزوا الامتحان بجدارة، لا يمكنني أن أطلق الأحكام كوني عدلت حتّى عن فكرة الانتساب لكلية الإعلام. ما حدث أنّي شعرت حينها بالإحباط، لماذا يجب أن تكون لي واسطة لأنتسب إلى جامعة لبنانية، وليس أيّ واسطة بل واسطة حزب تابع لطائفة أخرى ويتكلّم باسمها".
الوظيفة الحلم
وتروي فايزة "درست بعدها العلوم السياسية، لكنّي عملت في حقل الإعلام. منذ فترة، كانت هناك وظائف دبلوماسية شاغرة في وزارة الخارجية. كذلك الأمر، عدد المقبولين كما درجت العادة ينقسم حصصاً بين الطوائف والأحزاب وأنا بقيت خارج المعادلة إذ لا واسطة لي".
رئاسة الجمهورية
تنتقد فايزة كذلك نظام المحاصصة في المراكز الرئاسية في لبنان، وتقول "إن تحدّثنا على الصعيد العام وتحديداً رئاسة الجمهورية اللبنانية التي لا تزال أسيرة الفراغ، نلاحظ أنّ كلّ من الأحزاب المسيحية تعتبر أنّ المنصب من حقّها لأنّها بحسب ما تعتبر الممثل الأقوى للمسيحيين، كما لو أنّ رئيس الجمهورية اللبنانية بات يمثل المسيحيين فحسب وليس كل لبنان".
رفضت المشروع
من جهته، يؤكّد الشاب الشيعي فراس حركة، وهو الاسم الذي اختار أن يستخدمه، أنّه رفض العمل في مشروع في إحدى المناطق السنيّة البقاعية لمخاوفه من الظروف الأمنية.
"أنا مهندس معماري، لا أعرّف عن نفسي كسنيّ أو شيعي.. لكن أخشى على حياتي وأبنائي وسط الجنون الذي نشهده اليوم"، يقول لموقع (إرفع صوتك).
يشير فراس إلى أنّه يحاول دائماً أن يبدي انفتاحه على الآخر المختلف "لكن هناك أمور يجب الحذر منها الآن ورفضي للمشروع أتى من هذا المنطلق".
ويختم فراس "الطائفية تهدر حقوق الجميع، سنّة، شيعة ومسيحيين. لكن هذا هو لبنان".
*الصورة: كرسي الرئاسة في قصر بعبدا – لبنان شاغر/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659