المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
أثّر صعود الجماعات المتطرّفة، ومن ضمنها تنظيم داعش، بشكل مباشر على صورة الإسلام، ممّا يصعب على الآباء والأمهات اختيار التعاليم الدينية التي سينشؤون أبناءهم وفقها مستقبلاً.
إسلام سمح ومعتدل
يرصد موقع (إرفع صوتك) آراء أسر مغربية حول الإسلام الأصحّ الذي سيربون أبناءهم وفق تعاليمه.
يحلم عبد اللطيف حيدة، 34 عاماً وهو أب لطفلة ذات أربع سنوات، بتربية ابنته لين "وفق تعاليم الإسلام السمح المعتدل الذي لا يعترف بالعنف، والذي يتبرأ من كل أفعال إرهابية ترتبط به".
ويضيف حيدة أنّ "الصورة التي يمثلها تنظيم داعش عن الإسلام غير حقيقية. فالمجتمع المغربي يعلم جيداً أنّ ما يقوم به هذا التنظيم لا علاقة له بالإسلام، وسلوك داعش مرتبط بالتطرّف الذي قد يكون منبعه أفكار تُنسب إلى الإسلام ظلماً وعدواناً".
ويقول حيدة الذي يسهر على تربية ابنته وفق التقاليد والعادات المغربية والإسلامية، إنّ "الإسلام الذي يجب على الأسر المغربية تربية أبنائهم عليه هو الإسلام الوسطي المعتدل، فضلاً عن التقاليد المرتبطة بالحشمة والحياء والاحترام وتقبل الآخر وعدم ذمه أو كرهه كيفما كان".
ويعتبر حيدة أنّ "هذه التعاليم مستمدة من صميم الإسلام الصحيح، الذي أصبحت صورته تخدش بما يُنسب اليه من أمور لم يدعُ إليها يوماً".
سأعلم أبنائي أن الإسلام...
أما عبدو براوي، الشاب المغربي الذي ينتظر مولوده الأول، فيقول إنّه سيربي أبناءه على "قيم تقبل الاختلاف الديني والتعايش مع جميع الطوائف والأديان".
ويضيف عبدو "سأحاول أن أبعدهم عن التأثر بالمظاهر وما ينشره الإعلام حول الإسلام والمغالطات التي ترتبط بهذا الدين الذي أصبح مستفزاً للغرب الذي ينظر إليه كمنبع الإرهاب والتطرف".
يعتبر عبدو أنّ "التربية الدينية تزداد إلحاحاً في ظلّ الأحداث الارهابية التي تلصق بالمسلمين، لذلك أعمل على توضيح الصورة لأولادي حول الإسلام، وأبرز لهم أنه مشتق من السلام والتسامح بين كافة الأديان".
ويقول "سأعلّم أبنائي أنّ الإسلام الذي يروج له المتطرفون ليس هو الإسلام الصحيح، سأخبرهم أن الدين الاسلامي الحنيف كرم الانسان ونهى عن قتله بغير حق، وأنه دين سلام وتعايش، وليس دين حرب وصراع طائفي وعقائدي".
مبادرات رسمية للحد من التطرف
من جهة أخرى، أطلقت الرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب، وهي مؤسسة رسمية تسعى إلى "التعريف بأحكام الشرع الإسلامي الحنيف ومقاصده السامية، والعمل على نشر قيم الإسلام السمحة وتعاليمه، والموعظة الحسنة واحترام مبادئ الوسطية والاعتدال"، منصة الرائد لتلقين المعرفة الدينية، وهو مشروع علمي الكتروني يسعى إلى تفكيك خطاب التطرف على "النت"، خاصة الخطاب الذي يستهدف الشباب العربي.
ويروم هذا المشروع بحسب بيان الرابطة "تمكين رواد الشبكة الرقمية من تلقي المعرفة الدينية الآمنة والسليمة من كل أنواع الغلو والتطرف، إضافة إلى تقديمها كإطار يحمي قيم الدين الإسلامي من ذرائع الزيغ والانحراف، ليكون ذا جاذبية ونفع للشباب المسلم"، فضلاً عن رغبتها في "تحقيق مقاصد تقديم العلم الشرعي بطريقة فاعلة، ومتزنة، ووسطية".
تغيير المناهج درء للتأويل الخاطئ
كما طالب بيت الحكمة، وهي مؤسسة حداثية ذات توجهات علمانية السلطات المغربية، بإعادة النظر في المناهج الدراسية المرتبطة بتدريس الدين في المدارس المغربية، وخاصة مادة التربية الإسلامية. معتبراً أن مضامين بعض المناهج قد تكون مغذيا للتأويلات والقراءات الخاطئة للإسلام وباقي الديانات.
وقالت المؤسسة في بيان لها إنّ "الفكر الإرهابي والثقافة الدينية التكفيرية، أمور أصبحت تحتل مكانة مهمة، بسبب فشل المنظومات التربوية والتعليمية ومؤسسات التنشئة الاجتماعية، والثقافية، والإعلامية"، مطالبة بضرورة تشجيع البحث العلمي والأكاديمي المتعلق بالأديان المقاربة.
*الصورة: واجهة إحدى الجامعات في المغرب/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659