بقلم محمد الدليمي:

تداعيات متسارعة لعمليات يقف خلفها تنظيم داعش، بالأخص بعد الهجمات التي شهدتها العاصمة الفرنسية باريس يوم الجمعة 13 تشرين الثاني/نوفمبر 2015. وغضبٌ شعبي عربي على ردود الفعل، التي اعتبرت أنها لم تكن بنفس الدرجة من الإدانة. وردود فعل غربية متشنجة على هجمات تنظيم داعش في باريس طالبت بطرد اللاجئين من عدد من الدول وعدم استقبال المزيد.

فصار من اللازم طرح تساؤل منطقي مفاده: من يدفع ثمن هذه الهجمات؟ ومن هم الأكثر تضرراً منها؟

خط زمني

وبمراجعة سريعة فقد شهد العالم احداثاً متتالية في الأيام القليلة الماضية، منها:

- الخميس 12 من تشرين الثاني/نوفمبر 2015 هز بيروت تفجيران انتحاريان، والحصيلة مقتل أكثر من 40 مدنيا وعشرات الجرحى.

- الجمعة 13 نوفمبر هز بغداد تفجيرٌ راح ضحيته 18 مدنياً فضلاً عن عشرات الجرحى.

- الجمعة 13 نوفمبر شهدت باريس الهجوم الأكثر دموية إثر تفجيرات وهجمات متفرقة في مناطق متعددة فأودت بحياة 130 مدنياً ومئات الجرحى.

سبق هذا كله إسقاط طائرة روسية مدنية فوق سيناء المصرية. وهجمات أخرى تبنت المسؤولية عنها جهات مختلفة تتبع لتنظيم القاعدة، منها احتجاز رهائن في مدينة مالبكو عاصمة مالي وتفجير انتحاري في نيجيريا وإحباط محاولة تفجير في ألمانيا وغيرها.

"حياتنا جحيم ..والموت أهون"

يشتكي أهالي المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش من سوء واقع الحياة اليومية وصعوبتها، والقصف المتواصل الذي يستهدف معاقل التنظيم، والذي ازدادت وتيرته بعد هذه الهجمات.

مدينة الرقة السورية، التي سيطر عليها التنظيم وجعل منها معقلاً لنشاطاته حتى صار يسميها البعض "عاصمة" له، كان لها نصيب من تزايد حدة القصف الجوي، فضلاً عن مدينة الموصل وغيرهما من المناطق.

" نحن من ندفع ثمن إجرامهم"، تقول امرأة موصلية اختارت لنفسها اسم أم أحمد، وهي لا تكاد تستخدم اسم داعش إلا وخفضت صوتها خوفاً من العقوبة. "الكهرباء نادرة، الخضار والمواد الأساسية غالية، أصوات القصف تزداد، ونحن الخاسر الأكبر وليسوا هم (داعش)، نحن من فقدنا سنين من عمرنا، ودمرت مدينتنا".

ويحاول الكثير من أهل الموصل مغادرتها بالاستعانة بمهربين  في رحلات محفوفة بالمخاطر أودت بحياة الكثيرين، لكن لا يستطيع الجميع تحمل تكلفتها الكبيرة والتي تتصاعد يومياً.

"حياتنا جحيم والموت أهون بكثير من التعايش مع هذا الوضع بسبب فئة قليلة تريد قتل كل شيء"، حسب قول أم أحمد.

"ليسوا وحدهم من يدفع الثمن.. نحنُ معهم وأطفالنا"

"الضحايا المساكين الذين ماتوا أو جرحوا هم أولُ من دفع ثمن هذا الجنون"، يقول السوري أحمد السلمان باتصال هاتفي مع موقع (إرفع صوتك) من مخيم للاجئين في ألمانيا. "وليسوا وحدهم من يدفع الثمن... نحن معهم وأطفالنا كلنا ندفع الثمن".

أحمد، الذي ترك عملاً مزدهراً لتجارة أجهزة النقال وصيانتها في مدينة حلب السورية، ناشد أن لا يعاقب اللاجئون السوريون بسبب الإرهاب الذي أجبرهم على ترك ديارهم، وأن "يتذكر الجميع أنهم ضحايا العنف والإرهاب عينه، وأن الردود التي تعاقب الناس جماعياً هي إرهاب مثل إرهاب نظام الرئيس بشار البراميل كوسيلة قتل جماعي".

ويضيف "أذكرهم أن العقاب الجماعي هو جريمة ضد الانسانية... كيف يحاسبون الضحية ويطلبون منها أن تدفع ثمن إجرام الجلاد؟"

 يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

*الصورة: "حياتنا جحيم والموت أهون بكثير من التعايش مع هذا الوضع"/وكالة الصحافة الفرنسية

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل جديدة بشأن العملية المشتركة التي نفذتها قوات أميركية وعراقية مؤخرا ضد داعش، وأسفرت عن مقتل 15 من عناصر التنظيم المتشدد غربي العراق، في واحدة من أكبر العمليات لمكافحة الإرهاب في البلاد في السنوات الأخيرة.

وقالت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وعراقيين، إن سبعة جنود أميركيين تعرضوا لإصابات خلال العملية التي شارك بها أكثر من 200 جندي من كلا البلدين.

وأضافت أن العملية شملت مطاردة مسلحي داعش داخل أوكار تنتشر في مساحات واسعة وسط تضاريس نائية.

وذكر المسؤولون الأميركيون والعراقيون أن حجم ونطاق وتركيز العملية يسلط الضوء على عودة ظهور التنظيم المتشدد خلال الأشهر الأخيرة.

وفقا للصحيفة فقد كان الهدف الرئيسي للعملية هو الوصول لقائد ميداني كبير يشرف على عمليات تنظيم داعش في الشرق الأوسط وأوروبا.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) التي يقع الشرق الأوسط ضمن نطاق عملياتها، بأنها نفذت وقوات عراقية "غارة مشتركة في غرب العراق في الساعات الأولى من صباح يوم 29 أغسطس"، مما أسفر "عن مقتل 15 من عناصر داعش".

وأضافت في بيان أن "العملية استهدفت قادة داعش بهدف تعطيل وتقويض قدرات التنظيم على التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين العراقيين، وكذلك ضد الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها".

ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد القادة المستهدفين من داعش، بما في ذلك القيادي الكبير، لحين إجراء تحليل الحمض النووي لجثثهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن العملية جاءت في وقت أعلن رئيس الوزراء العراق محمد شياع السوداني وقادة الجيش العراقي أن بإمكان البلاد السيطرة على تهديدات داعش من دون مساعدة الولايات المتحدة.

وتتفاوض بغداد وواشنطن منذ عدة أشهر على اتفاق من شأنه إنهاء مهمة التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق، حيث يتواجد حوالي 2500 جندي أميركي.

ومع ذلك، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في يوليو أن عدد الهجمات التي تبنى داعش المسؤولية عنها في العراق وسوريا تزايد بشكل ملحوظ ويكاد يقترب من ضعف الهجمات التي حصلت العام الماضي.

وأعلن تنظيم داعش المسؤولية عن 153 هجوما في البلدين خلال النصف الأول من عام 2024، حسبما قالت القيادة المركزية الأميركية، من دون أن تقدم تفاصيل دقيقة عن أرقام الهجمات حسب كل بلد.

وتنقل الصحيفة عن مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر القول إن العراق نجح في احتواء تحديات داعش في السنوات الأخيرة، مع انخفاض وتيرة العمليات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق"، مضيفا أن "التعافي الواضح لداعش في سوريا المجاورة يثير قلقا كبيرا.

وأضاف ليستر: "لذا، فإن هذه الملاذات الآمنة القديمة لداعش، في صحراء الأنبار، ستحتاج إلى المتابعة بشكل مستمر، إذا كنا نريد تجنب تسرب داعش من سوريا إلى العراق في النهاية."

وأفاد مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى بأن الولايات المتحدة والقوات الحليفة الأخرى ساعدت القوات العراقية في تنفيذ أكثر من 250 عملية لمكافحة الإرهاب منذ أكتوبر الماضي.

لكن الصحيفة ذكرت أن هذه الغارة "لم تكن عادية" خاصة في ظل مشاركة  عدد كبير من القوات الأميركية الخاصة التي قادت الهجوم الأولي.

وتضيف الصحيفة أن أكثر من 100 عنصر من قوات العمليات الخاصة الأميركية وجنود آخرين بالإضافة لعدد أقل من الجنود العراقيين شاركوا في الهجوم الرئيسي الذي نفذ بواسطة طائرات الهليكوبتر.

وقالت السلطات العراقية في بيان إن العملية بدأت شرقي مجرى مائي يمر عبر صحراء الأنبار، في منطقة جنوب غرب الفلوجة.

وأكد جهاز المخابرات العراقي أن من القتلى "قيادات خطيرة كانوا يتخذون من صحراء الأنبار ملاذا لهم". وأشار إلى أنها بدأت بـ"ضربات جوية متتالية" لأربع مضافات يتواجد فيها الجهاديون، أعقبتها "عملية إنزال جوي في الموقع ثم اشتباك مع الإرهابيين".

وبحسب ليستر ومسؤولين أميركيين فقد استمرت العملية في اليوم التالي، مع مراقبة الطائرات المسيرة الأميركية للمنطقة، مؤكدين أن أكثر من 100 عنصر من القوات العراقية تايعوا الهجوم واعتقلوا اثنين من مسلحي داعش الذين فروا من الموقع في الليلة السابقة مع وثائق مالية ومعلومات عن التنظيم.

وتشير الصحيفة إلى أن محللين عسكريين أميركيين يدرسون المواد التي تم الاستيلاء عليها، والتي قال المسؤولون إنها قد تؤدي إلى غارات مستقبلية.