المغرب – بقلم زينون عبد العالي:

أمام اشتداد الأزمات الاقتصادية والسياسية وما يوازيها من حروب مدمّرة في بلدان العالم العربي والإسلامي، يجد الشباب العربي نفسه أمام خيارين لا ثالث لهما، خيار البقاء في الوطن على أمل أن يستيقظ يوماً ويجده هادئاً يليق به ويضمن له عيشاً كريماً، وخيار الهجرة نحو آفاق أخرى.

حلم الهجرة والعيش في "الفردوس الأوروبي" سيطر على مخيلة الشباب العربي وخاصة المغربي منذ التسعينيات، ولا زال اليوم حاضراً بقوة، حيث تتكدس زوارق الهجرة غير الشرعية على مرافئ السواحل الشمالية للمغرب، التي لا يفصلها عن أوروبا سوى بضع ساعات.

حلم الهجرة بخره الإرهاب

"بالنسبة لي كشاب مغربي مجاز لا يزال عاطلاً عن العمل حتّى اليوم، فخيار الهجرة هو الأقرب لحل مشاكلي... طرقت أبواباً كثيرة هنا، لكنّها تظلّ مغلقة لأنّنا في وطن لا يؤمن بالكفاءة، بقدر ما يؤمن بالتملق للمسؤول أو التوظيف عن طريق العلاقات الشخصية"، يقول محمد أمين، 27 عاماً، في تصريح لموقع (إرفع صوتك).

ينتظر محمد أيّ فرصة لمغادرة الوطن، وهو يعتبر أنّ البقاء في المغرب أمر صعب ومحبط "خاصّةً إذا كانت لك طموحات كبيرة وطاقات تريد أن تفجرها".

"أعلم أنّه بإمكاني تقديم الكثير لبلادي، لكنّ غياب فرص العمل دفعني إلى التفكير بالهجرة في أقرب فرصة"، يقول محمد، ثمّ يستدرك "لكن يبدو أنّ هذا الحلم سيبقى حبيس مخيلتي خاصّة وأنّ الإرهاب بخره وبات من الصعب أن يستقبلنا أحد خارج بلادنا".

لا تهمني صورة الغرب عني

التفجيرات الأخيرة في العاصمة الفرنسية باريس أثارت جدلاً حول استقبال اللاجئين في الغرب. لكن ليس الهاربون من الحروب وحدهم من يحلمون بمغادرة بلادهم. فعدد كبير من المغاربة، على الرغم من استقرار الأوضاع الأمنية نسبياً، يحلمون بالهجرة بحثاً عن حياة أفضل.

يعرف محمد، على الرغم من رغبته بالاغتراب، أنّ "الحياة لن تكون سهلة في بلاد المهجر، وسوف تتطلب صبراً كبيراً، خاصة في الوقت الراهن حيث نشهد هجمات إرهابية غالباً ما تنسب إلى مهاجرين عرب ومسلمين".

لكنّه يضيف "أفكر في الهجرة من أجل العمل وبناء مستقبل لي ولأسرتي. لا تهمني صورتنا النمطية عند الغرب، بقدر ما سأحاول أن أعطي أنا المثال الأفضل. هناك إن لم تخرق القانون في شيء فلا يمكن لأحد أن يضايقك".

الاندماج وليس الأذى

وأمام توسع الهجمات الإرهابية التي أصبحت الدول المستقبلة للاجئين في أوروبا مسرحاً لها، يجد الشباب العربي حرجاً في تقديم نفسه كمهاجر قادم من بلاد العرب المسلمين، غير أنّ محمد يقول إنّ "الاندماج يعتمد على الفرد ومدى قدرته على الانصهار داخل المجتمع".

ويضيف "أنا أبحث عن فرصة أفضل فقط لا غير. لا نية لدي بإلحاق الأذى بأحد أو تغيير نمط عيش الآخرين. في أوروبا تكون حقوقك مضمونة كإنسان بالدرجة الأولى قبل أي شيء إذا لم ترتكب ما يحرمك منها. وبالتالي سعيي نحو الهجرة نابع من بحثي عن فرصة أفضل، ليس فقط في العمل، وإنما كإنسان لا تنتهك حقوقه البسيطة كما نعانيه هنا اليوم في وطننا".

ضاقت بنا بلاد المهجر

من جهة أخرى، الشابة المغربية هند اسبيا، 30 عاماً، حلمت يوماً بالاغتراب، لكنّها وجدت أنّ الحال سيّء في كل أنحاء العالم. تتحدّث هند التي حصلت على فرصة لإكمال دراستها في ألمانيا عن صعوبة اندماجها في المجتمع الجديد. "اختلاف العادات ونمط العيش في ألمانيا عن ذاك الذي اعتدت عليه في المغرب، سرّع بعودتي إلى وطني الأمّ"، تقول هند.

وتدرج سبباً آخر من ضمن الأسباب التي أدّت بها إلى قطع حلم العجرة والعودة "وهو كثرة الشبهات والتهم التي أصبحت تلفق لأي مهاجر من أصول عربية".

وتقول هند "أصبح الإرهاب والعمليات الانتحارية ملتصقاً بالمهاجرين العرب في أوروبا، وهو ما قوّى موجة العداء تجاه المهاجرين والعرب خاصة في ألمانيا التي تحتضن حركات مناهضة للإسلام ومستاءة من تدفق المهاجرين كـ(حركة أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب) المعروفة اختصار بـ"بيغيدا"، ناهيك عن التدفق الهائل للمهاجرين إلى أوروبا، حيث ضاقت فرص الحصول على عمل في ظل انعدام الفرص حتى بالنسبة للمواطنين الأصليين، فما بالك بالمهاجرين العرب؟".

*الصورة: استنفار أمني في فرنسا بعد الاعتداءات الأخيرة/ وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل جديدة بشأن العملية المشتركة التي نفذتها قوات أميركية وعراقية مؤخرا ضد داعش، وأسفرت عن مقتل 15 من عناصر التنظيم المتشدد غربي العراق، في واحدة من أكبر العمليات لمكافحة الإرهاب في البلاد في السنوات الأخيرة.

وقالت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وعراقيين، إن سبعة جنود أميركيين تعرضوا لإصابات خلال العملية التي شارك بها أكثر من 200 جندي من كلا البلدين.

وأضافت أن العملية شملت مطاردة مسلحي داعش داخل أوكار تنتشر في مساحات واسعة وسط تضاريس نائية.

وذكر المسؤولون الأميركيون والعراقيون أن حجم ونطاق وتركيز العملية يسلط الضوء على عودة ظهور التنظيم المتشدد خلال الأشهر الأخيرة.

وفقا للصحيفة فقد كان الهدف الرئيسي للعملية هو الوصول لقائد ميداني كبير يشرف على عمليات تنظيم داعش في الشرق الأوسط وأوروبا.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) التي يقع الشرق الأوسط ضمن نطاق عملياتها، بأنها نفذت وقوات عراقية "غارة مشتركة في غرب العراق في الساعات الأولى من صباح يوم 29 أغسطس"، مما أسفر "عن مقتل 15 من عناصر داعش".

وأضافت في بيان أن "العملية استهدفت قادة داعش بهدف تعطيل وتقويض قدرات التنظيم على التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين العراقيين، وكذلك ضد الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها".

ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد القادة المستهدفين من داعش، بما في ذلك القيادي الكبير، لحين إجراء تحليل الحمض النووي لجثثهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن العملية جاءت في وقت أعلن رئيس الوزراء العراق محمد شياع السوداني وقادة الجيش العراقي أن بإمكان البلاد السيطرة على تهديدات داعش من دون مساعدة الولايات المتحدة.

وتتفاوض بغداد وواشنطن منذ عدة أشهر على اتفاق من شأنه إنهاء مهمة التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق، حيث يتواجد حوالي 2500 جندي أميركي.

ومع ذلك، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في يوليو أن عدد الهجمات التي تبنى داعش المسؤولية عنها في العراق وسوريا تزايد بشكل ملحوظ ويكاد يقترب من ضعف الهجمات التي حصلت العام الماضي.

وأعلن تنظيم داعش المسؤولية عن 153 هجوما في البلدين خلال النصف الأول من عام 2024، حسبما قالت القيادة المركزية الأميركية، من دون أن تقدم تفاصيل دقيقة عن أرقام الهجمات حسب كل بلد.

وتنقل الصحيفة عن مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر القول إن العراق نجح في احتواء تحديات داعش في السنوات الأخيرة، مع انخفاض وتيرة العمليات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق"، مضيفا أن "التعافي الواضح لداعش في سوريا المجاورة يثير قلقا كبيرا.

وأضاف ليستر: "لذا، فإن هذه الملاذات الآمنة القديمة لداعش، في صحراء الأنبار، ستحتاج إلى المتابعة بشكل مستمر، إذا كنا نريد تجنب تسرب داعش من سوريا إلى العراق في النهاية."

وأفاد مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى بأن الولايات المتحدة والقوات الحليفة الأخرى ساعدت القوات العراقية في تنفيذ أكثر من 250 عملية لمكافحة الإرهاب منذ أكتوبر الماضي.

لكن الصحيفة ذكرت أن هذه الغارة "لم تكن عادية" خاصة في ظل مشاركة  عدد كبير من القوات الأميركية الخاصة التي قادت الهجوم الأولي.

وتضيف الصحيفة أن أكثر من 100 عنصر من قوات العمليات الخاصة الأميركية وجنود آخرين بالإضافة لعدد أقل من الجنود العراقيين شاركوا في الهجوم الرئيسي الذي نفذ بواسطة طائرات الهليكوبتر.

وقالت السلطات العراقية في بيان إن العملية بدأت شرقي مجرى مائي يمر عبر صحراء الأنبار، في منطقة جنوب غرب الفلوجة.

وأكد جهاز المخابرات العراقي أن من القتلى "قيادات خطيرة كانوا يتخذون من صحراء الأنبار ملاذا لهم". وأشار إلى أنها بدأت بـ"ضربات جوية متتالية" لأربع مضافات يتواجد فيها الجهاديون، أعقبتها "عملية إنزال جوي في الموقع ثم اشتباك مع الإرهابيين".

وبحسب ليستر ومسؤولين أميركيين فقد استمرت العملية في اليوم التالي، مع مراقبة الطائرات المسيرة الأميركية للمنطقة، مؤكدين أن أكثر من 100 عنصر من القوات العراقية تايعوا الهجوم واعتقلوا اثنين من مسلحي داعش الذين فروا من الموقع في الليلة السابقة مع وثائق مالية ومعلومات عن التنظيم.

وتشير الصحيفة إلى أن محللين عسكريين أميركيين يدرسون المواد التي تم الاستيلاء عليها، والتي قال المسؤولون إنها قد تؤدي إلى غارات مستقبلية.