بقلم حسن عباس:

لمحاربة تنظيم داعش في الفضاء الإلكتروني وفضح جرائمه أمام المتابعين، قرّرت مؤسسة دار الإفتاء المصرية التوجه إلىوسائل التواصل الاجتماعي ومخاطبة الناس مباشرة.

وأكّد مدير مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية حسن محمد لموقع (إرفع صوتك) أن أهمية مواجهة المقولات الدينية المتطرفة "تنبع من خطورة توظيف التنظيمات التكفيرية لهذه المقولات في محاولة منها لإضفاء شرعية دينية على أعمالها".

واعتبر أن "مواجهة المقولات وتفنيدها هي واجب على رجال العلم ليتصدّوا لتزييف المقولات وليقدموا المفاهيم الصحيحة المستمدة من صحيح الدين الإسلامي".

في الفناء الخلفي لداعش

وعن قرار دار الإفتاء مخاطبة الناس عبر الفضاء الإلكتروني، لفت محمد إلى أن القرار صدر "لأن الجماعات المتطرفة تستخدمه لنشر أفكارها، خاصةً أن معظم روّاده من الشباب".

وشرح أن "داعش تنظيم قوي إعلامياً ويمتلك أكثر من كتيبة إعلامية ولديه مؤيدون يُعيدون نشر ما يبثه. ونحن ندخل إلى الساحة لتفنيد المفاهيم المغلوطة ولفضح استخدامه مفاهيم مغلوطة".

داعش تحت المجهر

قبل فترة، أنشأت دار الإفتاء مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية، والدور الموكل إليه واضح من اسمه. وللمرصد صفحة على فيسبوك تنقل أعماله من تقارير وبيانات إلى روّادها.

هذه الصفحة تشبه الصفحات التابعة لمراكز الأبحاث، وهدفها عرض منتجات المرصد للجمهور. وما يُنشر على الصفحة هو مواد جدية وهامة وطويلة نوعاً ما، أي أنها قد تستهوي الراغبين في الاطلاع بعمق على ما يدور من سجالات.

هكذا يمكن أن نقرأ عن الصراع بين داعش والقاعدة على صدارة مشهد الإرهاب العالمي. ويمكن أن نطالع رداً على آخر إصدارات مجلة دابق الداعشية، أو نقداً لمناهج داعش التعليمية.

ولكن لتواصل أسهل، وربما أكثر فعالية، مع روّاد موقع فيسبوك، أُنشئت صفحة داعش تحت المجهر، وأبرز ما عليها هو المنشورات المختصرة التي تحمل فكرة هامة مواكبةً ميل الشباب إلى ما قلّ ودلّ.

وفي هذا الباب، نقع على منشورات هامة جداً تفنّد الدعوات الرائجة إلى قتال الناس بحجّة أنهم كفّار مثل المنشور التالي:

https://www.facebook.com/QsisUnderTheMicroscope/posts/1171416056312095

ونقرأ تفنيداً لمفهوم "ملك اليمين" الذي يستند إليه داعش لتبرير استرقاقه النساء واغتصابهنّ من خلال التأكيد على "أﻥ ملك اليمين لا يصح في هذا ﺍلعصر، ﻭهو مما أجمع ﺍلفقهاء عليه، وﺇﻥ كاﻥ مباحاً من قبل، لأن المسلمين التزموا بمعاهداﺕ دﻭلية حرَّمت ﺍسترقاﻕ الأحراﺭ، ﻭقد وقعت الدول الإسلامية على هذﻩ الاتفاقياﺕ بالإجماﻉ، فلا يجوﺯ لأحد خرﻕ هذﻩ المعاهداﺕ".

كما نقرأ دحضاً لفكرة جواز قتل الغربيين من خلال تبيان أن "التعرض لغير المسلمين في بلادهم بالعمليات الانتحارية أو التفجيرية حرام لا مرية فيه؛ لتعارضه مع مقتضى إعطائهم الأمان من أنفسنا بطلبنا دخول بلادهم بطريقة شرعية".

ومن المنشورات الهامة هي التي تلتزم بالإيجاز وتدعّم نفسها باستشهادات من أمهات الكتب الفقهية وتؤكّد على تحريم الإكراه في الدين:

https://www.facebook.com/QsisUnderTheMicroscope/posts/1165749926878708

وأخرى تحذّر من التكفير:

https://www.facebook.com/QsisUnderTheMicroscope/posts/1172757812844586

تنويع الصفحات لأهداف مختلفة

تنضمّ الصفحتان السابق ذكرهما إلى مجموعة فيها صفحتي دار الإفتاء بالعربية والإنكليزية، وفيها أيضاً صفحات ترتبط بحملات مثل صفحة Call it Qa'ida Separatists not Islamic State، وهي صفحة تطالب بتسمية داعش "منشقين عن القاعدة" لا "الدولة الإسلامية"، وذلك لأن التنظيم "لا يمتلك مقومات دولة ولا يمثل الإسلام، وفي المصطلح الذي يستخدمه اسماً له تشويه كبير للحقائق والمفاهيم الإسلامية"، بحسب حسن محمد.

وهنالك أيضاً صفحة Not in the name of muslims، أي "ليس باسم المسلمين"، وهي حملة موجهة أساساً للأجانب وأطلقت بعد اعتداءات باريس "والمقصد منها إيضاح أن الجرائم التي ترتكبها التنظيمات المتطرفة حول العالم لا تتم باسم الإسلام"، حسب قول محمد.

وعن الهدف من تكثير الصفحات، أشار محمد إلى أن "لكل صفحة هدف ولها جمهور محدّد. ولكن هنالك تكامل بين الصفحات"، فالصفحات بالإنكليزية تخاطب جمهور الناطقين بالإنكليزية "بلغة تقترب من وسطهم المعرفي ليكون للرسالة تأثير أكبر".

وقاية وعلاج

أهم ما تتيحه هذه الصفحات هو النقاش مع متابعيها. هؤلاء بعضهم ليس متطرفاً أساساً وبالتالي يكون دور الصفحة "وقائياً"، بحسب محمد، والبعض الآخر يحمل أفكاراً متطرفة.

وهنا يأتي دور المشرفين على الصفحة. وقال محمد "نعتبر التعليقات المتطرفة التي تشتمنا أحياناً فرصة للتفاعل والتواصل مع كاتبيها. نرد على كل الأسئلة والتعليقات التي تحتاج إلى رد وتوضيح".

خلف الصفحات، يعمل فريق "تقف خلفه مؤسسة دار الإفتاء المصرية بثقلها العلمي"، بحسب تعبير محمد. يتابع فريق الرصد أكثر من تسعين موقعاً لداعش وأكثر من 1500 منتدى وصفحة متطرفة، ويقسّم فريق التحليل ما يُرصد تمهيداً لاستخلاص أبرز الأفكار المتطرفة المنتشرة وتجهيز الردود عليها.

عندما يُكتب تعليق على الصفحات، يكون الرد إما معروفاً لأن المسألة المثارة سبق تناولها في تقرير أو بيان أو يُسأل مختصون عن كيفية الرد عليها كي يأتي الرد "علمياً"، فكل الردود تمثل دار الإفتاء.

هكذا، تقارع دار الإفتاء المتطرفين في ملعبهم. ويؤكد محمد أن "حرمان التنظيمات المتطرفة من تأييد الشباب هو الطريقة الأنجح للقضاء عليها، وأيّة أعمال تستهدف فصل الشباب عن هذه التنظيمات هي ضربة تطال عمقها".

الصورة: من صفحة "داعش تحت المجهر" على فيسبوك

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق "واتساب" على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل جديدة بشأن العملية المشتركة التي نفذتها قوات أميركية وعراقية مؤخرا ضد داعش، وأسفرت عن مقتل 15 من عناصر التنظيم المتشدد غربي العراق، في واحدة من أكبر العمليات لمكافحة الإرهاب في البلاد في السنوات الأخيرة.

وقالت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وعراقيين، إن سبعة جنود أميركيين تعرضوا لإصابات خلال العملية التي شارك بها أكثر من 200 جندي من كلا البلدين.

وأضافت أن العملية شملت مطاردة مسلحي داعش داخل أوكار تنتشر في مساحات واسعة وسط تضاريس نائية.

وذكر المسؤولون الأميركيون والعراقيون أن حجم ونطاق وتركيز العملية يسلط الضوء على عودة ظهور التنظيم المتشدد خلال الأشهر الأخيرة.

وفقا للصحيفة فقد كان الهدف الرئيسي للعملية هو الوصول لقائد ميداني كبير يشرف على عمليات تنظيم داعش في الشرق الأوسط وأوروبا.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) التي يقع الشرق الأوسط ضمن نطاق عملياتها، بأنها نفذت وقوات عراقية "غارة مشتركة في غرب العراق في الساعات الأولى من صباح يوم 29 أغسطس"، مما أسفر "عن مقتل 15 من عناصر داعش".

وأضافت في بيان أن "العملية استهدفت قادة داعش بهدف تعطيل وتقويض قدرات التنظيم على التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين العراقيين، وكذلك ضد الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها".

ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد القادة المستهدفين من داعش، بما في ذلك القيادي الكبير، لحين إجراء تحليل الحمض النووي لجثثهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن العملية جاءت في وقت أعلن رئيس الوزراء العراق محمد شياع السوداني وقادة الجيش العراقي أن بإمكان البلاد السيطرة على تهديدات داعش من دون مساعدة الولايات المتحدة.

وتتفاوض بغداد وواشنطن منذ عدة أشهر على اتفاق من شأنه إنهاء مهمة التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق، حيث يتواجد حوالي 2500 جندي أميركي.

ومع ذلك، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في يوليو أن عدد الهجمات التي تبنى داعش المسؤولية عنها في العراق وسوريا تزايد بشكل ملحوظ ويكاد يقترب من ضعف الهجمات التي حصلت العام الماضي.

وأعلن تنظيم داعش المسؤولية عن 153 هجوما في البلدين خلال النصف الأول من عام 2024، حسبما قالت القيادة المركزية الأميركية، من دون أن تقدم تفاصيل دقيقة عن أرقام الهجمات حسب كل بلد.

وتنقل الصحيفة عن مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر القول إن العراق نجح في احتواء تحديات داعش في السنوات الأخيرة، مع انخفاض وتيرة العمليات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق"، مضيفا أن "التعافي الواضح لداعش في سوريا المجاورة يثير قلقا كبيرا.

وأضاف ليستر: "لذا، فإن هذه الملاذات الآمنة القديمة لداعش، في صحراء الأنبار، ستحتاج إلى المتابعة بشكل مستمر، إذا كنا نريد تجنب تسرب داعش من سوريا إلى العراق في النهاية."

وأفاد مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى بأن الولايات المتحدة والقوات الحليفة الأخرى ساعدت القوات العراقية في تنفيذ أكثر من 250 عملية لمكافحة الإرهاب منذ أكتوبر الماضي.

لكن الصحيفة ذكرت أن هذه الغارة "لم تكن عادية" خاصة في ظل مشاركة  عدد كبير من القوات الأميركية الخاصة التي قادت الهجوم الأولي.

وتضيف الصحيفة أن أكثر من 100 عنصر من قوات العمليات الخاصة الأميركية وجنود آخرين بالإضافة لعدد أقل من الجنود العراقيين شاركوا في الهجوم الرئيسي الذي نفذ بواسطة طائرات الهليكوبتر.

وقالت السلطات العراقية في بيان إن العملية بدأت شرقي مجرى مائي يمر عبر صحراء الأنبار، في منطقة جنوب غرب الفلوجة.

وأكد جهاز المخابرات العراقي أن من القتلى "قيادات خطيرة كانوا يتخذون من صحراء الأنبار ملاذا لهم". وأشار إلى أنها بدأت بـ"ضربات جوية متتالية" لأربع مضافات يتواجد فيها الجهاديون، أعقبتها "عملية إنزال جوي في الموقع ثم اشتباك مع الإرهابيين".

وبحسب ليستر ومسؤولين أميركيين فقد استمرت العملية في اليوم التالي، مع مراقبة الطائرات المسيرة الأميركية للمنطقة، مؤكدين أن أكثر من 100 عنصر من القوات العراقية تايعوا الهجوم واعتقلوا اثنين من مسلحي داعش الذين فروا من الموقع في الليلة السابقة مع وثائق مالية ومعلومات عن التنظيم.

وتشير الصحيفة إلى أن محللين عسكريين أميركيين يدرسون المواد التي تم الاستيلاء عليها، والتي قال المسؤولون إنها قد تؤدي إلى غارات مستقبلية.