بقلم محمد الدليمي:
"هناك مكان إضافي في سيارتكم.. خذوا سترتي" هذه كلمات شاب عراقي لم يرضَ أن يترك سيارة ناشطين عراقيين يجمعون التبرعات تتحرك وفيها هذا المكان الصغير الذي يتسع لسترته.
هكذا يصف المتطوع أحمد أغا ردود الفعل الشعبية ومدى استجابتها لنداءاتهم لمساعدة النازحين العراقيين في الحملات التي تنظمها منظمة (غوث) وما سبقها في حملة (دفيني) لمساعدة النازحين السوريين. موقع (إرفع صوتك) أجرى حواراً مع أحمد الذي يرى في صفة "متطوع" في (غوث) الأقرب لنفسه رغم كونه رئيس المنظمة.
تهدف (غوث) التي قامت بجهد شبابي عراقي مستقل عام 2014 إلى مساعدة النازحين العراقيين. ونجحت حملات المنظمة في الوصول إلى أكثر من 300 ألف إنسان في أماكن متعددة من العراق بتمويل من تبرعات شعبية وبالاشتراك مع الكثير من المنظمات العراقية الأخرى، في ظاهرة عراقية تظهر إمكانية تعزيز التكافل الاجتماعي وقدرته على الفعل.
أغلب متطوعي (غوث) هم من الأطباء والعاملين في المجال الطبي، فضلاً عن شباب آخرين بتخصصات مختلفة، يساهمون كلهم بالعمل على تخفيف المعاناة عن النازحين.
كيف نحارب داعش؟
العمل التطوعي وآثاره على المجتمع كبيرة فهي تعزز أواصر المجتمع وتمنع التعصب من إيجاد موطناً له في قلوب غاضبة ومتباعدة ولا ترى خيراً في المجتمع.
وعن أفضل وسائل محاربة داعش والتطرف بصورة عامة، يقول أحمد "أفضل طريقة نحارب بها هي نشر ثقافة حب الآخر فهو العلاج الأضمن وهو ما يمنع الإنسان من اتباع ما يؤذي الآخر". ويستطرد قائلاً "وعدم الاستسلام وتكرار المحاولة بلا توقف حتى تحقيق هذا الهدف".
رسالة أحمد من خلال ما شاهده في زياراته لمختلف المدن هي أنّ "العراقيين يتشاركون نفس الهموم وحب الآخر يجب أن يكون ثقافة عامة فهو ما سيساهم في نزع فتيل التوتر وإيقاف انتشار التعصب. والمجتمع في العراق قادرٌ على التعافي ومواجهة انتشار التطرف".
"التطرف يتواجد بصورة كبيرة على صفحات التواصل الاجتماعي، لكنّه أقل على أرض الواقع"، يقول أحمد. ويضيف مستذكراً الأدلة العديدة على التعايش والرغبة في مد يد العون "لم نلتقِ بأي انسان يطلب منا التمييز أو يسأل عن هوية النازحين.. الكل يريد المساعدة".
ويستطرد بالقول بكثير من الثقة "هذا الشعب طيب والطائفية والتعصب قليلة على أرض الواقع لكن نحتاج أن نسلط الضوء على التسامح الموجود بصورة أكبر".
مثال للآخرين
"نريد أن نعتمد على الناس، نريد أن نؤسس للتكافل الاجتماعي الذي يعتمد على الشعب. كل هذا سيقوي أواصر المحبة والتسامح ". بهذه الروح يتحدث أحمد عن ما يدفعه وكل المشاركين في المنظمة للقيام بهذه الجهود.
قصة تأسيس هذه المنظمة تعود لأيام تدفق اللاجئين السوريين إلى العراق في أوائل عام 2013 وحينها أطلق عدة شباب حملة (دفيني) لمساعدة اللاجئين السوريين. والاستجابة العراقية كانت تفوق قدرة المتطوعين على استيعابها.
وبعد انطلاق حملة (غوث) وانضمام قرابة 145 متطوعاً لها، أغلبهم من الأطباء ممن يحاولون إيجاد وقت فراغ لمساعدة النازحين، كانت الاستجابة كبيرة أيضاَ.
"طلاب جامعيون يتصلون يريدون التبرع بما استطاعوا توفيره من مصروفهم اليومي. هذه هي حقيقة الشعب"، يقول أحمد، "وساعدناهم على أن يذهبوا بأنفسهم مباشرة ليشاهدوا بأنفسهم فرحة الناس وليعرفوا تأثير مساعداتهم على الناس" في محاولة لتعزيز صفوف العمل التطوعي من خلال إرشاد الشباب لطرق المساعدة.
تحتفظ ذاكرة أحمد بالعديد من الصور التي تدفعه وزملاؤه للإستمرار في عملهم الإغاثي ومنها صورة طفلتين:
الأولى لطفلة سورية رأى صورتها على مواقع التواصل الاجتماعي وجسدها الصغير الميت موضوع في كرتونة. حرمته تلك الصورة من النوم لأيام، وهي ما دفعته للبدء بحملة (دفيني).
والثانية هي لطفلة عراقية تطلب منه أخذ دميتها "عمّو خذ لعبتي لطفلة سورية" وهو صوت يحتفظ به في ذاكرته.
ويضيف أحمد "لما كنت طفلاًَ صغيراً، كنت أحلم بمساعدة أطفال أفريقيا ولكن لما كبرنا.. العراق صار مثل أفريقيا والحل الوحيد لكل هذه المشاكل هو نشر روح التسامح ومحبة الآخر".
*الصور: تُنشر بترخيص من منظمة (غوث).
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659