بغداد – بقلم ملاك أحمد:
في تجربة تعدّ الأولى من نوعها في العراق، أسّست مجموعة من الشعراء الشباب ما وصفوه بـ "ميليشيا الثقافة" بهدف "تغيير الخطاب الكلاسيكي اللغوي للشعر ونقله من ظاهرة الكتابة إلى الفعل والأداء الشعري"، حسبما قال الشاعر مازن المعموري وهو من مؤسسي "ميليشيا الثقافة".
وأتت المبادرة بهدف مواجهة حجم المتابعات للصور وتسجيلات الفيديو التي ينشرها التنظيم، والتي كان لها تأثير كبير في تحفيز المراهقين والشباب للانضمام إليه بحسب ما يقوله المنظمون. فيلقي الشعراء قصائدهم بين بقايا السيارات المفخخة والألغام وسيارات الإسعاف وغيرها من المشاهد المختلفة التي عاشها ضحايا تنظيم داعش.
الأداء الشعري
وتعد "ميليشيا الثقافة" التي أسّسها أربعة شعراء هم مازن المعموري وكاظم خنجر وعلي ذرب ومحمد كريم تجربة جديدة للتعبير الشعري في الثقافة العراقية والعربية باعتراف نقاد وأدباء عرب مثل الشاعر زيد قطريب والشاعر المغربي سعيد الباز والناقد عباس عبد جاسم والناقد عبد علي حسن وغيرهم.
ومن ضمن العروض التي أقامها شعراء "ميليشيا الثقافة" عرض ارتدوا فيه الأزياء البرتقالية لضحايا التنظيم وألقوا بقصائدهم وهم بداخل قفص حديدي.
ويقول المعموري في حديث إلى موقع (إرفع صوتك) "تنظيم داعش كان ينتصر إعلامياً في تصدير خطاب العنف والإرهاب قبل دخول المواجهة مع الجيش بسبب اعتماده على تقنيات الصور وتسجيلات الفيديو. من هنا بدأ تفكيرنا باستخدام الصور والفيديو لمحاربة الخطاب الذي يقدمه لنا العدو داعش".
إنتاج خطاب مباشر
يشير المعموري إلى أنّ "الهدف من مبادرتنا هو معالجة هموم العراقيين الذين يعيشون أزمات الحروب والقتل والإبادة جماعية. "وهكذا اشتركنا في إنتاج خطاب مباشر وحسّاس يمسّ كل فرد في العراق وسورية على حد سواء. وأصبح الهمّ مشتركاً يشمل كل المنطقة الساخنة في العراق وسورية وليبيا ومصر وحتى المغرب العربي".
نزول الشعر إلى الناس
ويقول المعموري "لقد اتصل بنا الكثير من الشعراء ليشيروا إلى أنّ ما نفعله يعبر عن واقعهم أيضاً، لذلك أصبح التزامنا بالمواضيع المؤثرة في حياة الناس أكثر قدرة على التأثير وحققنا تواصلاً أوسع مع الناس في الشارع والبيت والدوائر الحكومية والثقافية. وهكذا نزل الشعر إلى عامة الناس وخاطبهم بشكل مباشر، لدرجة أنّ أشخاصاً كثر اقترحوا مشاريع جديدة من ضمنها زيارة أماكن مهجورة ومدمرة أيّام الحرب والقصف".
يضيف المعموري "أصبح لنا صورة في الذهنية الشعبية. وفوجئنا بأنّ الكثير من الناس في مدينتنا كانوا متابعين لنا في كل صغيرة وكبيرة وكانت هناك محاولات جادة من قبل الأصدقاء والمهتمين بالشأن الشعري والثقافي والفنون لاقتفاء أثرنا والعمل على تقديم أعمال مشابهة".
اختيار الميليشيا
اختيار تعبير الميليشيا، بحسب المعموري، "كان تمثيلاً لواقع عراقي قائم على أساس الميليشيا في كل شيء. أردنا أن يحمل خطابنا الثقافي صفة القوة والتأثير المباشر في الناس، خاصّةً وأنّنا نعمل خارج المؤسسة الثقافية البائدة المتمثلة باتحاد أدباء العراق والمؤسسات الادبية التي تجاهلت مشروعنا، وخارج ما هو سائد معرفياً واجتماعياً بشكل عام".
"فنحن الانحراف المعرفي للثقافة الراكدة في محاولة لتوصيل خطاب مختلف لا يخضع لقانون اجتماعي ومعرفي قديم"، يضيف المعموري.
مواجهة فوضى المجتمع العراقي
ويقترح المعموري على الأدباء أن "يسلكوا طرقاً جديدة في التعبير الأدبي لأنّ الأنماط القديمة لم تعد قادرة على مواجهة الفوضى العارمة للمجتمع العراقي وأن يتركوا كل اليقينيات والأفكار القديمة للكتابة والإبداع والتوجه للخوض في مناطق غير منظورة وخطرة تمثل قلق المرحلة والواقع العراقي كما هو دون من تحييد للحقيقة".
*الصور: شعراء من "ميليشيا الثقافة" يلقون أشعارهم في أماكن مختلفة/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659