المغرب - بقلم زينون عبد العالي:
أسفرت الأحداث الساخنة التي تشهدها المنطقة العربية منذ عدّة سنوات عن انتشار موجة من التطرّف والتشدّد الديني، خاصّة في أوساط الشباب ممّن أدارت لهم الحياة ظهرها ولم يحصلوا على عمل يليق بهم. فكانت الوجهة منطقة الشرق الأوسط، للقتال في صفوف الجماعات الإرهابية بمقابل مادي أحياناً أو حتّى لغايات أخرى.
يندرج شباب منطقة المغرب العربي ضمن أبرز الملتحقين بهذه الجماعات، وخاصة تنظيم داعش. هجرة الشباب المغاربة نحو مستنقعات الإرهاب وبؤر القتل تمليها عدة أسباب، بحسب ما صرّح به مغاربة لموقع (إرفع صوتك)، وأدرجوا على رأسها غياب الوازع الديني وسوء الفهم والتأويل للنصوص الدينية.
مغاربة في صفوف داعش
وتقر الحكومة المغربية بتواجد حوالي 1200 مقاتل مغربي في صفوف داعش بسورية، بحسب ما صرحت به وزارة الداخلية. غير أنّ تقريراً حديثاً أصدرته مؤسسة (صوفان للاستشارات الأمنية) رجّح أن يكون عدد المقاتلين المغاربة في صفوف داعش يقارب 1500 شخص.
تأثّر بمشايخ متشددين
يعتقد الشاب المغربي فتح الله، 20 عاماً، أنّ الشباب العربي يتأثر بالخطاب الديني الصادر عن بعض الشيوخ في المنطقة العربية، "الذين ينشرون الأفكار الجهادية بشكل سلبي، ويتبنوها لتطبيقها في الواقع عن طريق العنف، من دون أن يعوا أنّ الإسلام هو دين يسر ورحمة وسلام، وليس دين العنف والجهاد بالقتل".
ويرى كريم، 27 عاماً، في حديثه لموقع (إرفع صوتك) أنّ غياب الوازع الديني لدى الكثير من شباب اليوم يُعتبر من أبرز الأسباب التي تدفع بهؤلاء إلى أحضان الجماعات الإرهابية، "ذلك أنّ غياب منابر الخطاب الديني المعتدل فتح الباب أمام ظهور خطابات أخرى متشددة، وهو ما أثر على عقلية الشباب فتوجهوا نحو القتال في صفوف الجماعات المتطرفة".
قلة التربية دافع للتطرف
من جهة أخرى تقول الناشطة المغربية أريج بوصوف، 28 عاماً، لموقع (إرفع صوتك) إنّ "مسؤولية انتشار التطرف بين الشباب المغربي يتحمّلها الجميع، ذلك أن الشباب لا يتلقون التأطير اللازم من طرف الأسرة والمدرسة، ومؤسسات التربية لا تعمل على نشر قيم التسامح والوسطية والاعتدال. هذا فضلاً عن وسائل الإعلام التي تعمل أيضاً باتجاه تعزيز الخطاب الطائفي أو المتشدد".
في حاجة للوسطية والاعتدال
بدوره، يعتبر نزار خيرون، 30 عاماً، أنّ الدافع الرئيسي للتطرّف قد يكون الأسلوب المتشدد في التربية الذي تعتمده بعض العائلات مع الشباب. "وبالتالي يتولد لديهم روح التمرّد والانتقام ويتوجّهون كردّ فعل إلى التطرّف بحثاً عن مبتغاهم وملاذهم".
ويضيف خيرون "في المغرب نحتاج أكثر إلى نشر الوسطية والاعتدال بين صفوف الشباب في المجال الديني. هذا الأمر يساهم بشكل كبير في نبذ التطرف، لكن للأسف شيوخ الدين لا ينفتحون على الشباب، وجزء منهم يتعاملون مع الشباب كأنّهم تلامذة. وعوضاً عن احتوائهم، يلجؤون أحياناً إلى الترهيب والترغيب في خطاباتهم. هذا الخطاب يدفع الشاب لاحقاً إلى أن يعتبر أنّه يمتلك الحقيقة الدينية المطلقة ولا مجال للشك ويدفعه إلى التطرّف في الفكر وحتّى السلوك".
وقد حاول مراسل موقع (إرفع صوتك) التواصل مع عدد من أئمة المساجد للحديث عن الموضوع وأسباب انضمام عدد من المغاربة إلى الجماعات الإرهابية، لكنّ جميعهم رفضوا التصريح لأنّ وزارة الشؤون الإسلامية تمنعهم من ذلك من دون إذنٍ مسبق "وكل من ثبت ظهوره في وسائل الإعلام يفصل عن عمله"، على حدّ قولهم.
*الصورة: "مسؤولية انتشار التطرف بين الشباب المغربي يتحمّلها الجميع"/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659