بغداد - بقلم ملاك أحمد:

تعلن إدارات جامعات بغداد الحكومية بين الحين والآخر فرض قوانين تهدف إلى منع ارتداء بعض أنواع الملابس النسائية وتحديداً السراويل والتنانير القصيرة واكسسوارات الزينة وغيرها. وتحذّر من معاقبة الطالبات اللواتي لا يمتثلن لهذه الأوامر ومنعهن من دخول الجامعات.

ليست الجامعات الرسمية وحدها المعنية. بعض الجامعات الأهلية في العاصمة بغداد كذلك تحظر ارتداء أيّ لون عدا الأسود. وتفرض رقابة شديدة تهدف إلى منع دخول الطالبات اللّواتي لا يرتدين الحجاب الإسلامي أو يضعن الماكياج على وجوههن.

حجاب الرأس

تقول سلوى أحمد، وهي طالبة في إحدى جامعات بغداد الأهلية، في حديث لموقع (إرفع صوتك) "أضطر إلى ارتداء حجاب الرأس قبل دخولي لمبنى الجامعة وخلعه بعد الخروج منه لأنّ قوانين الجامعة تمنعني دخولها من دون الحجاب".

"غالبية طالبات الجامعة لسن محجبات ولا متدينات، لكنّ عدم قبولهن في جامعات حكومية، دفعهن إلى تقديم أوراقهن للدراسة في الجامعات الأهلية"، تقول سلوى.

تعليقاً على إجراءات كهذه، يقول مسؤول في المكتب الإعلامي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، فضّل التحفّظ على اسمه، في حديث لموقع (إرفع صوتك) إنّ "فرض الزيّ الرسمي لطلبة الجامعات الحكومية والأهلية جزء من سياسة إدارات الجامعات والكليات التي لا تسمح بمخالفة توجهاتها وقوانينها".

لكن بالنسبة لسلوى "كلّ الحريات الشخصية ممنوعة في الجامعات الأهلية التي دائماً ما تحمل أسماء شخصيات دينية، فلا تجد داخلها غير الطقوس الدينية التي تُفرض على الطلبة كافة".

حفلات التخرج

لا يتوقّف التضييق على طلبة الجامعات الحكومية بسبب التشدد الديني عند هذا الحد، بل يتعدّاه إلى منعهم من إقامة حفلات التخرج التنكرية التي ينظّمها خريجو المراحل النهائية في الدراسة الجامعية.

تقول الطالبة الجامعية زهراء الصافي لموقع (إرفع صوتك) "طلبة المراحل الدراسية المنتهية يواجهون كل عام دراسي الكثير من القرارات التي تحدّ من إقامة حفلات التخرج، بل إنّ الكثير من إدارات الجامعات الحكومية ترفض هذه الاحتفالات، وبعضها يفرض قيوداً على الملابس".

?????????????

وتصف زهراء هذا المنع بـ"التدخل السافر في حرية تعبير الطلبة عن بهجتهم في التخرج بالطريقة التي يفضلونها".

مموّلة من شخصيات أو أحزاب دينية

بعض الجامعات الأهلية ليست جامعات إسلامية، فهي تُدرّس مختلف العلوم الحياتية والإنسانية. لكنّها تُموّل من جهات وأحزاب دينية تفرض على طلبتها الالتزام بتوجهات وتعاليم دينية معينة.

يقول الطالب سلمان الكعبي لموقع (إرفع صوتك) "نرى بعض الأساتذة في الجامعات الأهلية يفرضون قوانين متشددة في اتباع تعاليم الدين الإسلامي، على الرغم من أنّ الكثيرين منهم لا يؤمنون بتوجهات الجامعة التي يعملون فيها، إذ نراهم أنفسهم في جامعات أخرى على عكس ذلك".

ويضيف "الحاجة المادية تدفع ببعض الأساتذة والأكاديميين إلى العمل في جامعات تتعارض أفكارها مع قيم الحرية الشخصية والاحترام المتبادل والتسامح مع الأديان".

الدكتور سعد الجبوري، أكاديمي يحاضر في إحدى جامعات بغداد الأهلية المعروفة بميولها للمذهب السني، يقول لموقع (إرفع صوتك) إنّ "غالبية هذه الجامعات مموّلة من شخصيات أو جهات دينية تدعم فكر ديني ومعتقد ما، لكنّ ذلك لا يتعارض بالضرورة مع غيره من المعتقدات ولا يُفرض على الطلاب تغيير مذهبهم".

لكنّ الأكاديمي والدكتور زهير كريم، الذي يعمل في جامعة أهلية تعتمد في تمويلها المالي على بعض متّبعي المذهب الشيعي أنّ "طلبة الجامعة على اختلاف مذاهبهم ومعتقداتهم يتّبعون منظومة القوانين التي تفرضها إدارة الجامعة والتي قد تمسّ أموراً شخصية".

بماذا نختلف عن تطرف داعش وأفكاره؟

03وتشهد الجامعات الحكومية والأهلية بين الحين والآخر موجة من مظاهرات احتجاج الطلبة ضد القوانين التي يعتبرونها متطرفة ومتشددة. يقول الطالب الجامعي مصطفى حميد في حديث لموقع (إرفع صوتك) إنّ "غالبية إدارات الجامعات لا تأخذ في عين الاعتبار أن العاصمة بغداد متنوعة دينياً وعرقياً، وتفرض قوانين وضوابط تحدّ من الحريات الشخصية". ويسأل حميد "بماذا تختلف جامعاتنا عن تطرّف داعش وأفكاره؟".

ويرفع المتظاهرون الشباب في هذه الاحتجاجات والاستنكارات لافتات ترفض أن تكون بغداد "قندهار". ويردّدون هتافات مثل "كلا للزيّ الباكستاني.. لا تنورة مع بنطلون" و"الزيّ المنطقي الأسود، النيلي، الرصاصي، الجوزي، الأبيض.. الاكسسوارات والماكياج حرية شخصية".

فرض دور الإسلام

وينتقد أنصار الحرية المدنية ومنظمات غير حكومية تعنى بالدفاع عن الحريات الشخصية هذه الممارسات التي تستهدف الحريات العامة وتهدّد الحقوق الاجتماعية. وتعرب الناشطة في حقوق الإنسان سهاد الفضلي عن قلقها بشأن "فرض تقاليد الإسلام على مجتمع يختلف بمكوناته الدينية والعرقية".

وتضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) "عند المقارنة بالأعمال التي يمارسها تنظيم داعش، نجد أنّ ممارسات الأخير لا تختلف كثيراً عن مضامين بعض القرارات أو القوانين التي تحاول بعض الجامعات فرضها على الطلبة".

وتشير إلى أنّ "السكوت عن هذه الممارسات يجب أن يعدّ مؤشراً عن التطرف الذي يقود إلى العنف".

*الصور: احتجاجات طلابية في جامعات بغداد/إرفع صوتك

 يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل جديدة بشأن العملية المشتركة التي نفذتها قوات أميركية وعراقية مؤخرا ضد داعش، وأسفرت عن مقتل 15 من عناصر التنظيم المتشدد غربي العراق، في واحدة من أكبر العمليات لمكافحة الإرهاب في البلاد في السنوات الأخيرة.

وقالت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وعراقيين، إن سبعة جنود أميركيين تعرضوا لإصابات خلال العملية التي شارك بها أكثر من 200 جندي من كلا البلدين.

وأضافت أن العملية شملت مطاردة مسلحي داعش داخل أوكار تنتشر في مساحات واسعة وسط تضاريس نائية.

وذكر المسؤولون الأميركيون والعراقيون أن حجم ونطاق وتركيز العملية يسلط الضوء على عودة ظهور التنظيم المتشدد خلال الأشهر الأخيرة.

وفقا للصحيفة فقد كان الهدف الرئيسي للعملية هو الوصول لقائد ميداني كبير يشرف على عمليات تنظيم داعش في الشرق الأوسط وأوروبا.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) التي يقع الشرق الأوسط ضمن نطاق عملياتها، بأنها نفذت وقوات عراقية "غارة مشتركة في غرب العراق في الساعات الأولى من صباح يوم 29 أغسطس"، مما أسفر "عن مقتل 15 من عناصر داعش".

وأضافت في بيان أن "العملية استهدفت قادة داعش بهدف تعطيل وتقويض قدرات التنظيم على التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين العراقيين، وكذلك ضد الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها".

ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد القادة المستهدفين من داعش، بما في ذلك القيادي الكبير، لحين إجراء تحليل الحمض النووي لجثثهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن العملية جاءت في وقت أعلن رئيس الوزراء العراق محمد شياع السوداني وقادة الجيش العراقي أن بإمكان البلاد السيطرة على تهديدات داعش من دون مساعدة الولايات المتحدة.

وتتفاوض بغداد وواشنطن منذ عدة أشهر على اتفاق من شأنه إنهاء مهمة التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق، حيث يتواجد حوالي 2500 جندي أميركي.

ومع ذلك، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في يوليو أن عدد الهجمات التي تبنى داعش المسؤولية عنها في العراق وسوريا تزايد بشكل ملحوظ ويكاد يقترب من ضعف الهجمات التي حصلت العام الماضي.

وأعلن تنظيم داعش المسؤولية عن 153 هجوما في البلدين خلال النصف الأول من عام 2024، حسبما قالت القيادة المركزية الأميركية، من دون أن تقدم تفاصيل دقيقة عن أرقام الهجمات حسب كل بلد.

وتنقل الصحيفة عن مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر القول إن العراق نجح في احتواء تحديات داعش في السنوات الأخيرة، مع انخفاض وتيرة العمليات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق"، مضيفا أن "التعافي الواضح لداعش في سوريا المجاورة يثير قلقا كبيرا.

وأضاف ليستر: "لذا، فإن هذه الملاذات الآمنة القديمة لداعش، في صحراء الأنبار، ستحتاج إلى المتابعة بشكل مستمر، إذا كنا نريد تجنب تسرب داعش من سوريا إلى العراق في النهاية."

وأفاد مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى بأن الولايات المتحدة والقوات الحليفة الأخرى ساعدت القوات العراقية في تنفيذ أكثر من 250 عملية لمكافحة الإرهاب منذ أكتوبر الماضي.

لكن الصحيفة ذكرت أن هذه الغارة "لم تكن عادية" خاصة في ظل مشاركة  عدد كبير من القوات الأميركية الخاصة التي قادت الهجوم الأولي.

وتضيف الصحيفة أن أكثر من 100 عنصر من قوات العمليات الخاصة الأميركية وجنود آخرين بالإضافة لعدد أقل من الجنود العراقيين شاركوا في الهجوم الرئيسي الذي نفذ بواسطة طائرات الهليكوبتر.

وقالت السلطات العراقية في بيان إن العملية بدأت شرقي مجرى مائي يمر عبر صحراء الأنبار، في منطقة جنوب غرب الفلوجة.

وأكد جهاز المخابرات العراقي أن من القتلى "قيادات خطيرة كانوا يتخذون من صحراء الأنبار ملاذا لهم". وأشار إلى أنها بدأت بـ"ضربات جوية متتالية" لأربع مضافات يتواجد فيها الجهاديون، أعقبتها "عملية إنزال جوي في الموقع ثم اشتباك مع الإرهابيين".

وبحسب ليستر ومسؤولين أميركيين فقد استمرت العملية في اليوم التالي، مع مراقبة الطائرات المسيرة الأميركية للمنطقة، مؤكدين أن أكثر من 100 عنصر من القوات العراقية تايعوا الهجوم واعتقلوا اثنين من مسلحي داعش الذين فروا من الموقع في الليلة السابقة مع وثائق مالية ومعلومات عن التنظيم.

وتشير الصحيفة إلى أن محللين عسكريين أميركيين يدرسون المواد التي تم الاستيلاء عليها، والتي قال المسؤولون إنها قد تؤدي إلى غارات مستقبلية.