بقلم علي قيس:

لم يكتفِ بلافتة واحدة تمنع الحديث في الدين والسياسة، بل جعلها تتوسط جميع جدران مقهاه في الكرادة وسط بغداد، في خطوة للإبتعاد عن مخاطر التطرف التي باتت تعصف بالشارع العراقي. فهل تكفي تلك اللافتات لإبعاد خطر التطرف؟ وهل استباح المتطرفون جميع مفاصل الحياة بما فيها أماكن الترفيه؟

يقول نبيل الدراجي وهو صاحب مقهى الجواهري الواقع في منطقة أرخيته بالكرادة، والذي يعود عمره إلى نحو عشرين عاماً، إنّ "معظم رواد المقهى هم من فئة المثقفين والشعراء الذين اعتادوا الحديث في أمور السياسة والدين، إلا أنّ إستهداف مقهاه لمرتين الأولى بدراجة نارية مفخخة والثانية بحزام ناسف، كان كفيلاً بزرع الخوف في داخله من استهداف ثالث قد يدفع حياته ثمناً له، بعد أن نجى بأعجوبة من التفجيرين السابقين.

ويضيف الدراجي في حديث لموقع (إرفع صوتك) "تقييد الزبائن بالمواضيع التي يتحدثون بها داخل المقهى لم يقلّل عددهم بل ساهم في زيادتهم، لأنّ معظم مرتادي المقهى باتوا يتخوفون من الخوض في أحاديث السياسة والدين، خصوصاً وأن المقهى هو مكان للترفيه وليس منبراً للآراء والمشادات اللفظية".

القتل قد يكون ثمناً للحديث في المقهى

آراء مرتادي المقهى تباينت بين مؤيد لفكرة منع الأحاديث الدينية والسياسية ومعارض لذلك التوجه.

حديث الدراجي عن زيادة زبائنه يؤكّده علي السومري، وهو من رواد الجواهري، حيث يقول لموقعنا إنّ "منع صاحب المقهى الزبائن من الحديث في الدين والسياسة منحني فضاءً أوسع للحضور والتمتع بالحديث مع أصدقائي"، مؤكّداً أن "الأماكن العامة باتت مقصداً لعناصر الجماعات المتطرفة، لاصطياد من يعارض توجههم، وبالتالي تصفيتهم".

ويتابع السومري "موضوعا السياسة والدين هما من أبرز مسببات الانشقاق في المجتمع.. والحلّ الناجع لتجاوز عوامل الإنشقاق يكمن في الابتعاد عن مثل تلك الأحاديث".

أبو أحمد رجل في العقد الخامس من عمره اعتاد الجلوس في هذا المقهى، يرى أنّ "الحديث في الدين يحتاج إلى من يفقه في أمور الدين، وكذلك الحال بالنسبة لمواضيع السياسة".

ويقول لموقع (إرفع صوتك) "الخوض في مثل تلك المواضيع من قبل عامة الناس قد يعود بنتائج سلبية لا تنتهي عند الحديث المتطرف والعدائي".

ويفضّل الشاب سيف ذو التسعة عشر ربيعاً أحاديث الرياضة، ويؤيد فكرة الابتعاد عن الدين والسياسية لما تحمله من حساسية لدى المواطنين.

آتي إلى المقهى لأتحدث بحرية

في المقابل، هناك من انتقد توجّه صاحب المقهى، باعتباره "يحدّ من الحريات الشخصية".

أحد مرتادي المقهى الذي بات يزوره بشكل متقطّع، أحمد موسى، يقول لموقع (إرفع صوتك) إنّ "مثل هذه الأماكن وُجدت للحديث بحرية عما يدور في خواطر الحاضرين. ومن أهمّ النقاط التي تدفعهم للجلوس في المقاهي الحديث عن قضايا المجتمع، ومنع الحديث في السياسة والدين سيقيدهم بشكل كبير".

ويؤيد حيدر العيساوي هذا الرأي ، حيث يقول  في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إنّ "الأماكن العامة موجودة للحديث بالمواضيع التي تهمّ عامّة الناس، سواء الدينية أو السياسية أو الاقتصادية أو حتى الاجتماعية، ولا يمكن لأي أحد سواء كان جهة أو شخص تحديد ما يمكن أو لا يمكن التحدّث عنه".

*الصورة: بعدسة صاحب المقهى/تُنشر بترخيص منه

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل جديدة بشأن العملية المشتركة التي نفذتها قوات أميركية وعراقية مؤخرا ضد داعش، وأسفرت عن مقتل 15 من عناصر التنظيم المتشدد غربي العراق، في واحدة من أكبر العمليات لمكافحة الإرهاب في البلاد في السنوات الأخيرة.

وقالت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وعراقيين، إن سبعة جنود أميركيين تعرضوا لإصابات خلال العملية التي شارك بها أكثر من 200 جندي من كلا البلدين.

وأضافت أن العملية شملت مطاردة مسلحي داعش داخل أوكار تنتشر في مساحات واسعة وسط تضاريس نائية.

وذكر المسؤولون الأميركيون والعراقيون أن حجم ونطاق وتركيز العملية يسلط الضوء على عودة ظهور التنظيم المتشدد خلال الأشهر الأخيرة.

وفقا للصحيفة فقد كان الهدف الرئيسي للعملية هو الوصول لقائد ميداني كبير يشرف على عمليات تنظيم داعش في الشرق الأوسط وأوروبا.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) التي يقع الشرق الأوسط ضمن نطاق عملياتها، بأنها نفذت وقوات عراقية "غارة مشتركة في غرب العراق في الساعات الأولى من صباح يوم 29 أغسطس"، مما أسفر "عن مقتل 15 من عناصر داعش".

وأضافت في بيان أن "العملية استهدفت قادة داعش بهدف تعطيل وتقويض قدرات التنظيم على التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين العراقيين، وكذلك ضد الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها".

ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد القادة المستهدفين من داعش، بما في ذلك القيادي الكبير، لحين إجراء تحليل الحمض النووي لجثثهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن العملية جاءت في وقت أعلن رئيس الوزراء العراق محمد شياع السوداني وقادة الجيش العراقي أن بإمكان البلاد السيطرة على تهديدات داعش من دون مساعدة الولايات المتحدة.

وتتفاوض بغداد وواشنطن منذ عدة أشهر على اتفاق من شأنه إنهاء مهمة التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق، حيث يتواجد حوالي 2500 جندي أميركي.

ومع ذلك، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في يوليو أن عدد الهجمات التي تبنى داعش المسؤولية عنها في العراق وسوريا تزايد بشكل ملحوظ ويكاد يقترب من ضعف الهجمات التي حصلت العام الماضي.

وأعلن تنظيم داعش المسؤولية عن 153 هجوما في البلدين خلال النصف الأول من عام 2024، حسبما قالت القيادة المركزية الأميركية، من دون أن تقدم تفاصيل دقيقة عن أرقام الهجمات حسب كل بلد.

وتنقل الصحيفة عن مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر القول إن العراق نجح في احتواء تحديات داعش في السنوات الأخيرة، مع انخفاض وتيرة العمليات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق"، مضيفا أن "التعافي الواضح لداعش في سوريا المجاورة يثير قلقا كبيرا.

وأضاف ليستر: "لذا، فإن هذه الملاذات الآمنة القديمة لداعش، في صحراء الأنبار، ستحتاج إلى المتابعة بشكل مستمر، إذا كنا نريد تجنب تسرب داعش من سوريا إلى العراق في النهاية."

وأفاد مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى بأن الولايات المتحدة والقوات الحليفة الأخرى ساعدت القوات العراقية في تنفيذ أكثر من 250 عملية لمكافحة الإرهاب منذ أكتوبر الماضي.

لكن الصحيفة ذكرت أن هذه الغارة "لم تكن عادية" خاصة في ظل مشاركة  عدد كبير من القوات الأميركية الخاصة التي قادت الهجوم الأولي.

وتضيف الصحيفة أن أكثر من 100 عنصر من قوات العمليات الخاصة الأميركية وجنود آخرين بالإضافة لعدد أقل من الجنود العراقيين شاركوا في الهجوم الرئيسي الذي نفذ بواسطة طائرات الهليكوبتر.

وقالت السلطات العراقية في بيان إن العملية بدأت شرقي مجرى مائي يمر عبر صحراء الأنبار، في منطقة جنوب غرب الفلوجة.

وأكد جهاز المخابرات العراقي أن من القتلى "قيادات خطيرة كانوا يتخذون من صحراء الأنبار ملاذا لهم". وأشار إلى أنها بدأت بـ"ضربات جوية متتالية" لأربع مضافات يتواجد فيها الجهاديون، أعقبتها "عملية إنزال جوي في الموقع ثم اشتباك مع الإرهابيين".

وبحسب ليستر ومسؤولين أميركيين فقد استمرت العملية في اليوم التالي، مع مراقبة الطائرات المسيرة الأميركية للمنطقة، مؤكدين أن أكثر من 100 عنصر من القوات العراقية تايعوا الهجوم واعتقلوا اثنين من مسلحي داعش الذين فروا من الموقع في الليلة السابقة مع وثائق مالية ومعلومات عن التنظيم.

وتشير الصحيفة إلى أن محللين عسكريين أميركيين يدرسون المواد التي تم الاستيلاء عليها، والتي قال المسؤولون إنها قد تؤدي إلى غارات مستقبلية.