المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
لم يكن المغربي عبد الحق حمدي، 40 عاماً، مدركاً أنّ مخالطته لأشخاص يتبنّون الفكر السلفي ستدخله في متاهة انتهت به وراء قضبان السجون، بعد إدانته مع آخرين بتهم تتعلق بالإرهاب، وذلك عقب الأحداث الإرهابية التي كانت مدينة الدار البيضاء، أكبر مدن المغرب، مسرحاً لها خلال شهر أيار/مايو 2003.
اعتُقل عبد الحق مباشرة بعد التفجيرات الإرهابية التي شهدتها مدينة الدار البيضاء وذلك بعد الاشتباه بانتمائه إلى تيّار متطرف. تمّت إدانته بالسجن لسنوات عدة، كانت بحسب ما يقول "كافية لإعادة النظر في أفكاري ومراجعتها بهدف إصلاح ما تركته من تأثيرات في المجتمع".
أفكار متشددة دخيلة على المجتمع
يحكي عبد الحق قصته لموقع (إرفع صوتك) مع الفكر المتشدّد الذي حرمه من الحرية لأكثر من عقد من الزمن، وهو، بحسب زعمه، الشاب المسالم الذي لم يكن ينتمي إلى أي تنظيم سلفي أو أي جهة تتبنى الفكر المتطرف.
"الظروف جعلتني مطلوباً من الأمن خلال عام 2003، حيث برزت في المغرب تيارات وأفكار متشددة دخيلة على المجتمع المغربي"، يقول عبد الحق في إشارة إلى الخطابات الدينية المتشددة التي دفعت السلطات المغربية إلى تضييق الخناق على كل من رأت فيه قرباً من هذه التيارات ولو بالمظهر فقط.
عبد الحق يقول إنّه لم يشارك بأيّ أعمال عنف، لكنّه علق لفترة من الزمن في دوّامة الظن بأنّه يمتلك الحقيقة المطلقة وأنّه يستطيع إقصاء الآخر.
ويعترف بأنّ "الأفكار الدخيلة التي تبنيتها لفترة معينة لاقت معارضة قوية من جميع أطياف المجتمع. حين يتبنّى الإنسان أفكاراً متطرّفة، يصبح مهمشاً اجتماعياً ولا يلتفت إليه أحد، ممّا يستوجب عليه إعادة النظر في ذلك، ومراجعة أفكاره، لأنّ الخطاب الديني المتطرف ممنوع في الدين الإسلامي (الغلو في الدين) واجتنابه واجب شرعي واجب على كل مسلم".
مراجعتي صادقة
يشير عبد الحق إلى أنّ خروجه من السجن بعدما حصل على عفو ملكي قبل أشهر، جاء بعد أن أثبت للمسؤولين بأن مراجعة أفكاره السابقة كانت صادقة ونابعة من القلب، وأنه يريد التكفير عنها بالدعوة إلى منهج الوسطية والرفق في الدين.
"لم تكن مراجعتي من أجل الخروج من وراء القضبان فقط.. كانت حقيقية".
التطرّف يفقد الإنسان هويته
يتّجه حمدي بعد تجربته في السجن إلى الجانب المنفتح من الدين مشيراً إلى أنّ "التطرّف يُفقد الإنسان هويّته". يعبّر عن إعجابه بالخطاب الديني الرسمي الذي يعتمده المغرب حالياً و"القائم على الوسطية والاعتدال ونبذ التطرف والتشدد".
يتمسّك اليوم بـ"ضرورة توعية الشباب بأهميّة الابتعاد عن خطابات العنف والتكفير، واعتماد المذهب المعتدل".
ويردف عبد الحق مؤكداً أنّه لا يريد العودة إلى ذلك الطريق "الاتجاه في طريق الغلو يفقد الإنسان توازنه وهويته ويحرمه من الحرية، ويقذف به في ويلات التطرّف المؤدية إلى العنف".
*الصورة: "برزت في المغرب تيارات وأفكار متشددة دخيلة على المجتمع المغربي"/ وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659