بغداد - بقلم ملاك أحمد:
"عقب حادثة تفجير ضريح الإمامين العسكريين في العام 2006 وسوء الأوضاع الأمنية في العراق، بدأ الخطاب الديني المتشدد في الكثير من المساجد والمؤسسات الدينية بالتصاعد. وسرعان ما أثار ردود فعل واسعة نشطت عبرها جماعات مسلحة استهدفت المساجد والناس والكثير من مظاهر الحريات الشخصية على أساس المذهب والطائفة"، حسبما يقول الشيخ أحمد الراوي المنتمي للحضرة القادرية، التي تعتبر أحد أبرز مراكز التصوّف في بغداد.
الحرب الطائفية
ويضيف الراوي في حديث لموقع (إرفع صوتك) "وسط هذه الفوضى والغياب التامّ لسلطة القانون، كان الأئمة ورجال الدين الذين ينادون بالابتعاد عن التطرّف والتشدد في الخطاب الإسلامي خوفاً من انزلاق البلاد إلى الحرب الطائفية، يتعرضون لهجمات شرسة، تمّ بسببها هدر دماء الكثيرين منهم وتمت تصفية بعضهم جسدياً".
"ومن هنا بدأت كل طائفة دينية تنظر بارتياب لمحاولات الطائفة الأخرى لإزاحتها، وظهرت مساعٍ لتشكيل تحالفات واتفاقيات مبنية على أساس مذهبي وطائفي بغرض الوصول إلى السلطة"، يقول الراوي.
نواة التطرف
وحول انتشار التطرّف، وتحديداً في خطابات المؤسسات الدينية الرسمية ورجال الدين المتشددين وخطب الجمعة في المساجد، يقول السيد غيث التميمي المنتمي للحوزة العلمية في النجف الأشرف في حديث لموقع (إرفع صوتك) "الخطاب الديني العام (سواءً المعتدل أو المتطرف) يستند إلى تقسيم المجتمعات على أساس عقائدي (مؤمن/كافر)، ويعتبر مشاركة الدين في الفضاء الاجتماعي العام عقيدة دينية، أي من ضرورات الدين. وتعتقد المؤسسات الدينية أنّ الدين الإسلامي شامل لكل مفاصل الحياة ويطرح رجال الدين تفسيرات وأفكار تتعارض مع العلم في كثير من الأحيان".
"كل هذه الأشياء تشكّل نواة أساسية للتطرف، لأنّ التطرف هو أن يكون الرأي مقدس وغير قابل للنقاش والنقد، خصوصاً إذا كان مصحوباً بالعنف المقدس وهو الأمر الذي يبدو واضح جداً في مجتمعنا"، يتابع التميمي، مضيفاً "الخطاب الديني الإسلامي بمجمله خطاب ماضوي ويدعو الناس لتقديس التاريخ رغم ما فيه من انتهاكات وجرائم بشعة ارتكبت باسم الله".
ويؤكد "غالبية خطب الجمعة وغيرها التي يلقيها رجال الدين عادة في المساجد تتضمن مفاهيم عنيفة وأموراً يتم تسويقها على أنّها قطعية".
بحسب التميمي، يعتمد الخطباء على تشويه الآخر في خطبهم، "فهو إمّا كافر أو فاسق أو مشرك أو ضال أو مرتد أو منحرف، الخ.. في كل تلك الحالات، هو مرفوض ويترتب على رفضه الديني آثار اجتماعية وإنسانية وأحكام دينية تصل في بعض الأحيان إلى هدر دمه وتفريقه عن أسرته وحرمانه من أمواله".
ويشير التميمي إلى أنّ المؤسسات الدينية والمساجد ورجال الدين "يخضعون الدولة والمجتمع لسلطتهم ولمفاهيمهم، لكنّهم يرفضون الإنصياع لأي سلطة ونظام".
مآس إنسانية معقدة
بدوره، يعتبر رجل الدين المنتمي للحوزة العلمية في النجف الأشرف جعفر فرج الله "كلما كان الخطاب معتدلاً ووسطياً، اعتدل المجتمع وثقافته. وكلما كان هذا الخطاب متشنجاً ومتطرفاً وعصبياً ويحمل نظرة سلبية للحياة وللآخر، كلما كان المجتمع وثقافته كذلك. والنتيجة هي إما خطاب صالح ممنهج عقلاني وعلاقات إنسانية صالحة عقلانية، وإما العكس".
ويضيف فرج الله "ما نعيشه اليوم من مآسٍ إنسانية معقدة تكاد تذهب بنا جميعاً إلى الجحيم بعدما وقعت مكونات مجتمعنا تحت طائلة تأثير هذا الخطاب".
التحريض والتحشيد والتجنيد
يستثني المواطن عادل الفتلاوي خطبة الجمعة في كربلاء التي تشرف عليها المرجعية الدينية التي تحاول أن تعالج القرار السياسي العراقي على الرغم من ضعف الاستجابة من قبل الحكومة أو تسويفها. ويقول في حديث لموقع (إرفع صوتك ) إنّ “خطب الجمعة في باقي المناطق غالباً ما تكون غير متوافقة مع خطبة الجمعة في كربلاء، لذا تأخذ اتجاهات أخرى".
ويضيف "نعم، قد تسهم هذه الخطب بشكل مباشر أو غير مباشر في التحريض على العنف أو إثارة الفتن والنعرات الطائفية بما يطرح فيها من مواضيع دينية حساسة أو إثارة رأي عام تجاه موضوعة معينة".
أما المواطنة عواطف رشيد، فتعتقد أنّ "الأمر برمّته يعتمد على الخطيب". وتقول لموقع (إرفع صوتك) "هناك خطباء يستغلون منابر الجمعة للتحريض على العنف، وهناك من يدعون للسلام". لكنّها تعود وتقول "خطب الجمعة تاريخياً.. تحريض في تحريض".
من جهته، يقول المواطن نضال العياش في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "هناك خطاب ديني متطرّف وعنيف، حتّى أن النبرة المستخدمة في صلاة الجمعة نبرة قائمة على التحشيد والتجنيد، الأمر الذي دفع الى صناعة بيئة متطرفة في الشارع العراقي".
*الصورة: الصورة للشيخ غيث التميمي مع فرقة موسيقية للشباب/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659