بقلم حسن عبّاس:
مجرّد قراءة أسماء االدول الـ 34 الأعضاء في التحالف الإسلامي ضد الإرهاب يكفي لتبيّن افتقاره إلى الانسجام بين أعضائه. فهو يحاول جمع محوري مصر – الإمارات وتركيا – قطر في عمل مشترك، برغم أن هذين المحورين يختلفان تقريباً على كل شيء، إلى درجة أن البعض يعتبر أن صراعهما هو أحد أسباب تفاقم حدّة بعض الأزمات في الشرق الأوسط.
فالسلطة المصرية تعادي جماعة الإخوان المسلمين وتصنّفها "إرهابية"، ما يلاقي استحسان الإمارات. وفي المقابل، لا زالت تركيا وقطر تدعمان كل الجماعات المرتبطة بالإخوان في العالم العربي. وقال المختصّ المصري في العلاقات الدولية الدكتور أيمن سمير لموقع (إرفع صوتك) إن "مصر تعتبر أن قطر تدعم الإرهابيين وتستضيفهم على أرضها".
واعتبر الباحث في المعهد الدولي للجغرافيا السياسية في باريس خطار أبو ذياب، في حديث إلى موقع (إرفع صوتك)، أن "التناقضات الموجودة بين الدول الأعضاء تشير إلى أن السعودية قادرة على جمع التناقضات وعلى أن تكون قاسماً مشتركاً بين 34 دولة، منها دول كبيرة وهامة".
مواقف متناقضة من أبرز الملفات
تتضارب توجهات مكوّنات التحالف الإسلامي في ملفات عدّة. وأبرز مثال على ذلك هو الأزمة السورية.
وأشار الباحث المصري في العلوم السياسية عمار علي حسن، في حديث إلى موقع (إرفع صوتك) إلى أن "مصر ترى أن القضاء على داعش في سورية يتطلب التعاون مع الجيش السوري وإعادة تسليحه ومساندة النظام ولو مؤقتاً. وبرأيها لا يمكن أن ينجح تدخّل برّي إلا بالتعاون مع الجيش السوري".
مقابل ذلك، فإن مواقف دول كالسعودية وقطر وتركيا لا تزال تؤكد على ضرورة عدم التنسيق بأيّ شكل من الأشكال مع الحكومة والجيش السوريين، كما أن لكل منها علاقات خاصة مع مجموعات مسلّحة أهدافها غير موحّدة.
وينعكس هذا التناقض على الثقة المتبادلة بين دول التحالف. على سبيل المثال، قال حسن إن "مصر تدرك أن إرسال قواتها إلى سورية قد يوقعها في فخ تنصبه لها تركيا أو قطر من خلال دعم مجموعات مسلّحة بهدف إرهاق جيشها".
كما في سورية، كذلك في ليبيا حيث تدعم مصر والإمارات فريقاً يمثله عسكرياً اللواء خليفة حفتر، بينما تدعم تركيا وقطر الفريق الذي تمثله عسكرياً ميليشيات فجر ليبيا. ولكن مع التطورات الأخيرة في الملف الليبي والاتفاق على حكومة وحدة وطنية "قد يلعب هذا التحالف دوراً في التنسيق عسكرياً مع فرنسا وإيطاليا من أجل القيام بتحرك ما في ليبيا"، برأي خطار أبو ذياب.
وبطبيعة الحال، فإن أبرز الخلافات بين دول التحالف الإسلامي تأتي حول تصنيف المجموعات الإرهابية، خاصةً أن وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان صرّح أن الجهود لن تنحصر في محاربة داعش.
وأشار أبو ذياب إلى أن "المشكلة هي أن الإرهاب يُستخدم لتركيب توازنات دولية ولذلك يبرّر البعض بعض أشكاله أحياناً". وتابع أن "الأردن يلعب حالياً دوراً هاماً من خلال عمله على وضع لائحة بالجماعات الإرهابية. وهنالك إجماع دولي على اعتبار تنظيمي داعش (بوكو حرام ضمناً) والقاعدة (جبهة النصرة ضمناً) إرهابيين. ولكن ستبقى الخلافات حول تصنيف جماعات أخرى مدار سجال"، مذكّراً بأن العالم لم يتوصل إلى تعريف مشترك للإرهاب وبوجود خلاف سنّي شيعي حول تعريفه.
بطبيعة الحال، فإن اللائحة التي كلّف المشاركون في اجتماع فيينا الأردن بتنسيق جهود وضعها لن تنال رضا كل الأطراف. ولكن برأي أبو ذياب، فإن "الحدّ الأدنى الذي يجب أن يحاربه الجميع واضح والمسألة المطروحة بين دول التحالف هي توحيد الجهود ضد داعش والقاعدة".
أما بالنسبة لـ"الإرهاب" المُختلَف عليه، فاعتبر أبو ذياب أنه "إذا أرادت مصر والإمارات محاربة الإخوان المسلمين، ستستمران بالقيام بذلك لوحدهما. والتحالف لن يقدم لهما دعماً ولكنه لن يمنعهما من ذلك".
ماذا يبقى من التحالف؟
يعتبر أيمن سمير أن "ما دفع المملكة إلى الإعلان عن قيام هذا التحالف هو الضغط الغربي وخاصة الأميركي المنطلق من اتهام الدول السنّية بأنها لم تضطلع بدور قوي في محاربة داعش، مع تركيز على السعودية. وهذا ما دفع المملكة إلى تأسيس التحالف الإسلامي لكي تبرئ ساحتها من هذه التهمة".
أما أبو ذياب فيرى أن "التحالف هو عرض عضلات ديبلوماسي هام. وأهميته تنبع من أن الحرب ضد الإرهاب كانت دولية وكان الغرب يحتكرها، وحديثاً أتى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لينافسه. أما الآن، فإن الدول الإسلامية بدأت بالمساهمة في هذه الحرب تحت عنوان عريض".
وبرأيه، "هذا المسار لا يزال في بداياته، وهو نوع من عرض مقدّم إلى الولايات المتحدة، ولكن تحوّله إلى واقع يحتاج إلى رضا دولي عن الدور القادم للقوات البرية السنّية ونوعاً من التقارب السعودي الإيراني".
الصورة: طائرات حربية سعودية/ وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659