بقلم جنى فواز الحسن:

في مقال بعنوان "ما ينقص التحالف الإسلامي"، يشدّد الكاتب والمحلّل اللبناني راشد فايد على أهمية أن يترافق العمل العسكري الذي ينوي التحالف الإسلامي ضد الإرهاب اعتماده بـ "حرب فكرية ثقافية دينية تنقذ، بالتوعية، الدين الإسلامي من أيدي داعش". وقد بات متداولاً في الأوساط المعنية، سواءً عربياً أو دولياً، أنّ الحرب على تنظيم داعش تحتاج ما هو أبعد من الأسلحة.

ويذكر الخبير العسكري والعميد المتقاعد اللبناني شارل أبي نادر، في حديث لموقع (إرفع صوتك)، أنّ بيان إعلان تشكيل تحالف إسلامي لمحاربة الإرهاب ضمّ ثلاثة اتجاهات، وذكر أنّ المحاربة ستتم عسكرياً وفكرياً وإعلامياً.

تدابير فكرية وإعلامية..

وعن فرص نجاح التحالف، يقول أبي نادر إنّ الطرح باتجاهاته الثلاث قد يحدث فرقاً ويتمكّن من تحقيق نتائج ضد الإرهاب إن تمّكن من "إظهار حسن النية والصدق فكرياً".

"يمكن لهذا التحالف أن يحدث فرقاً وأن يؤدي إلى طمس الفكر الإرهابي إن تمكّن من اتخاذ اجراءات جادّة، كتنظيم لجان لمحاربة الفكر المتطرّف ومراقبة المدارس الدينية وحتّى تبديلها من مدراس متزمّتة إلى مدارس أكثر اعتدالاً"، كما يقول أبي نادر.

يشير أبي نادر إلى أنّ الكثير من الدول التي يضمّها التحالف "تملك الموارد المادية والميزانية الكافية لاتخاذ هذه الخطوات".

ويتحدّث أيضاً عن الدور الذي يمكن أن تقوم به من الناحية الإعلامية، مثلاً "اتخاذ اجراءات مرتبطة بالتدابير الفكرية لمراقبة الفضائيات وتوجيهها نحو إعلام صحيح ووسائل إعلام لا تبدو طرفاً في الصراع".

يقول أبي نادر إنّ بعض وسائل الإعلام، وأحياناً تلك المدعومة من الدول المعنية بالتحالف "قاسية بتوجهاتها ولديها طريقة سحرية في إثارة النعرات الطائفية والتحريض المذهبي. ويمكن لدول الخليج أن تضع حدّاً لهذه الممارسات وأن تتشدّد في التراخيص الإعلامية والنشر والتوزيع".

تعريف الإرهاب

هناك ضرورة أيضاً، بحسب أبي نادر، "للاتفاق على تعريف الإرهاب". "فهل هو تعريف السعودية للإرهاب  فحسب؟ هناك دول أخرى في التحالف ويجب أن يتم تداول تعريف الإرهاب معها".

ويعتقد أبي نادر أنّ هذه كانت الثغرة الأساسية عند تشكيل التحالف، قائلاً "تمّ إصدار البيان وإعلان التحالف قبل حتى إعطاء المعلومات الكافية للدول المعنية".

مخاوف في العراق

الاعتراضات على طريقة تشكيل التحالف كانت واضحة إثر إعلان باكستان ولبنان أنّهم ليسوا جزءاً منه كون أحداً لم يستشرهم بالأمر. كما أثار التحالف مخاوف أخرى يتحدّث عنها الدكتور واثق الهاشمي، رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية.

يشير الهاشمي إلى أنّه يساند كل تحالف دولي وإقليمي عسكري لمحاربة الإرهاب، لكنّه يضيف "هناك اعتراضات موضوعية على هذا التحالف، فكيف لا يكون العراق فيه؟ كيف يمكن مثلاً لقوى عسكرية من التحالف أن تدخل العراق مثلاً لمحاربة الإرهاب من دون أن يكون العراق موافقاً؟".

بحسب الهاشمي، "الإعلان عن التحالف كما جرى من دون توجيه دعوة للعراق للمشاركة فيه يحمل رسائل غير مطمئنة للبلاد وللداخل العراقي الذي بات يخشى أنّ التوجّه هو استهداف التنظيمات الشيعية".

يثير كذلك الهاشمي الأسئلة حول "توقيت تشكيل هذا التحالف وتزامنه مع دخول القوات التركية إلى العراق بينما تركيا ضمن التحالف".

لكن توقيت إعلان التحالف بحسب أبي نادر "مرتبط بالضغوطات العالمية على السعودية للعب دورها ضدّ الإرهاب وداعش".

"تظهر الدراسات أنّ نسبة كبيرة من الانتحاريين الذين يقومون بتفجيرات إرهابية سواء في أحداث 11 أيلول/سبتمبر أو تفجيرات لاحقة حدثت في أوقات ليست بعيدة يحملون الجنسية السعودية"، حسب الهاشمي. "بالتالي موقف المملكة يزداد حرجاً فالمواطنون هناك لا يعيشون ضغوطات اقتصادية كبيرة وهم مرتاحون نسبياً، وبالتالي ليست هذه أسباب انضمامهم إلى الإرهاب، بل هناك فكر يسود هناك. وعلى السعودية أن تلعب دورها في هذا الإطار".

*الصورة: ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز خلال قمة مجلس التعاون الخليجي بالرياض/إرفع صوتك

 يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل جديدة بشأن العملية المشتركة التي نفذتها قوات أميركية وعراقية مؤخرا ضد داعش، وأسفرت عن مقتل 15 من عناصر التنظيم المتشدد غربي العراق، في واحدة من أكبر العمليات لمكافحة الإرهاب في البلاد في السنوات الأخيرة.

وقالت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وعراقيين، إن سبعة جنود أميركيين تعرضوا لإصابات خلال العملية التي شارك بها أكثر من 200 جندي من كلا البلدين.

وأضافت أن العملية شملت مطاردة مسلحي داعش داخل أوكار تنتشر في مساحات واسعة وسط تضاريس نائية.

وذكر المسؤولون الأميركيون والعراقيون أن حجم ونطاق وتركيز العملية يسلط الضوء على عودة ظهور التنظيم المتشدد خلال الأشهر الأخيرة.

وفقا للصحيفة فقد كان الهدف الرئيسي للعملية هو الوصول لقائد ميداني كبير يشرف على عمليات تنظيم داعش في الشرق الأوسط وأوروبا.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) التي يقع الشرق الأوسط ضمن نطاق عملياتها، بأنها نفذت وقوات عراقية "غارة مشتركة في غرب العراق في الساعات الأولى من صباح يوم 29 أغسطس"، مما أسفر "عن مقتل 15 من عناصر داعش".

وأضافت في بيان أن "العملية استهدفت قادة داعش بهدف تعطيل وتقويض قدرات التنظيم على التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين العراقيين، وكذلك ضد الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها".

ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد القادة المستهدفين من داعش، بما في ذلك القيادي الكبير، لحين إجراء تحليل الحمض النووي لجثثهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن العملية جاءت في وقت أعلن رئيس الوزراء العراق محمد شياع السوداني وقادة الجيش العراقي أن بإمكان البلاد السيطرة على تهديدات داعش من دون مساعدة الولايات المتحدة.

وتتفاوض بغداد وواشنطن منذ عدة أشهر على اتفاق من شأنه إنهاء مهمة التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق، حيث يتواجد حوالي 2500 جندي أميركي.

ومع ذلك، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في يوليو أن عدد الهجمات التي تبنى داعش المسؤولية عنها في العراق وسوريا تزايد بشكل ملحوظ ويكاد يقترب من ضعف الهجمات التي حصلت العام الماضي.

وأعلن تنظيم داعش المسؤولية عن 153 هجوما في البلدين خلال النصف الأول من عام 2024، حسبما قالت القيادة المركزية الأميركية، من دون أن تقدم تفاصيل دقيقة عن أرقام الهجمات حسب كل بلد.

وتنقل الصحيفة عن مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر القول إن العراق نجح في احتواء تحديات داعش في السنوات الأخيرة، مع انخفاض وتيرة العمليات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق"، مضيفا أن "التعافي الواضح لداعش في سوريا المجاورة يثير قلقا كبيرا.

وأضاف ليستر: "لذا، فإن هذه الملاذات الآمنة القديمة لداعش، في صحراء الأنبار، ستحتاج إلى المتابعة بشكل مستمر، إذا كنا نريد تجنب تسرب داعش من سوريا إلى العراق في النهاية."

وأفاد مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى بأن الولايات المتحدة والقوات الحليفة الأخرى ساعدت القوات العراقية في تنفيذ أكثر من 250 عملية لمكافحة الإرهاب منذ أكتوبر الماضي.

لكن الصحيفة ذكرت أن هذه الغارة "لم تكن عادية" خاصة في ظل مشاركة  عدد كبير من القوات الأميركية الخاصة التي قادت الهجوم الأولي.

وتضيف الصحيفة أن أكثر من 100 عنصر من قوات العمليات الخاصة الأميركية وجنود آخرين بالإضافة لعدد أقل من الجنود العراقيين شاركوا في الهجوم الرئيسي الذي نفذ بواسطة طائرات الهليكوبتر.

وقالت السلطات العراقية في بيان إن العملية بدأت شرقي مجرى مائي يمر عبر صحراء الأنبار، في منطقة جنوب غرب الفلوجة.

وأكد جهاز المخابرات العراقي أن من القتلى "قيادات خطيرة كانوا يتخذون من صحراء الأنبار ملاذا لهم". وأشار إلى أنها بدأت بـ"ضربات جوية متتالية" لأربع مضافات يتواجد فيها الجهاديون، أعقبتها "عملية إنزال جوي في الموقع ثم اشتباك مع الإرهابيين".

وبحسب ليستر ومسؤولين أميركيين فقد استمرت العملية في اليوم التالي، مع مراقبة الطائرات المسيرة الأميركية للمنطقة، مؤكدين أن أكثر من 100 عنصر من القوات العراقية تايعوا الهجوم واعتقلوا اثنين من مسلحي داعش الذين فروا من الموقع في الليلة السابقة مع وثائق مالية ومعلومات عن التنظيم.

وتشير الصحيفة إلى أن محللين عسكريين أميركيين يدرسون المواد التي تم الاستيلاء عليها، والتي قال المسؤولون إنها قد تؤدي إلى غارات مستقبلية.