بقلم علي عبد الأمير:

بعد أن أعلنت المملكة العربية السعودية تشكيل التحالف الإسلامي ضد الإرهاب ضمن سياسة خارجية قوية جديدة تهدف إلى مواجهة تنظيم داعش، لا تزال طبيعة الخطة التي سينفذها التحالف غير معلنة كلياً للرأي العام.

ومن بين الدول المعنية بالتحالف الجديد المملكة الأردنية، التي أكّدت حكومتها أنّ "الأردن تساند أي جهد لمحاربة الإرهاب". لا بل أنّها تؤكد أنّ "الحرب على الإرهاب هي حربنا وحرب المسلمين ضد الإرهابيين الذين يقومون بأعمالهم الوحشية البشعة باسم الدين".

وظلّ الملك عبدالله الثاني يشدّد في خطاباته الأخيرة على "معركة المسلمين ضدّ من يسعون لاختطاف المجتمعات والأجيال نحو التعصّب والتكفير".

كما وسبق للأردن أن شارك في "التحالف الدولي للحرب على الإرهاب" بقيادة الولايات المتحدة، واشترك طيرانه بتنفيذ عمليات ضد تنظيم داعش في العراق وسورية، وانضم  كذلك إلى "تحالف عاصفة الحزم" الذي تقوده السعودية للقتال ضد الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح في اليمن.

وفضلاً عن الموقف الأردني (الرسمي) من التحالف، كانت هناك أفكار لقوى من المجتمع المدني توضح النظر إلى فعالية "التحالف" على الأرض، وهل بدا متوافقاً مع الرغبة الأميركية بإقامة قوة عسكرية سنية لمقاتلة داعش؟

محاولة لخلق التوازنات في المنطقة؟

وعن هذا الجانب، يقول الناشط المدني والسياسي الأردني محمد الحسيني "يمكن النظر إلى مبادرة المملكة العربية السعودية بتشكيل تحالف إسلامي من زاوية محاولة خلق التوازنات في المنطقة"، موضحاً في مداخلة مع موقع (إرفع صوتك) "لقد بات واضحاً أنّ التصاعد في الأحداث نتيجة التدخل الروسي قد خلق نوعاً من التهديد لدور دول المنطقة فيما يتعلق بالتعامل مع القضية السورية وذلك ينقل الملف السوري من المستوى الإقليمي إلى المستوى الدولي. وبات الكل يتحدث الآن عن اتفاق روسي غربي على أسس الحل في سورية، وهو ما يوحي باستثناء دول المنطقة من هذا الحل".

لذلك، حسب قول الحسيني، بادرت السعودية بتشكيل التحالف "لتبعث برسالة إلى المجتمع الدولي أنّها لاعب أساسي في المنطقة وأنّ أيّ حل لأزماتها وبالأخص للأزمة السورية لا يمكن أن يتم بالقفز عليها".

عمّان والرياض: الشراكة الاستراتيجية

ويؤكد الحسيني أنّ المشاركة الأردنية تأتي في هذا التحالف متوافقة مع السياسة المعلنة، التي تؤكد دائماً استعداد الأردن للمساهمة في أي جهد من شأنه محاربة تنظيم داعش وغيره من التنظيمات المتطرفة، حيث تضع المملكة محاربة هذه التنظيمات أولوية وهدفا استراتيجيا. كما لا يمكن إغفال أثر العلاقات الأردنية السعودية في هذا الجانب، فمشاركة الأردن في هذا التحالف، ومن قبله التحالف العربي في اليمن، يأتي في سياق الالتزام بعلاقات الشراكة الاستراتيجية مع الرياض.

قوة سنّية تحارب داعش

وحول التحالف الإسلامي ضد الإرهاب وعضويته، واستثناء بعض الدول منه وبالأخص ايران، يرى الحسيني أنّ ذلك "يأتي نتيجة عدم ثقة السعودية بالدور الإيراني، إضافة إلى توجيه رسالة مهمة تتطابق مع الرؤية الأميركية وهي أن داعش الذي يقدم نفسه كممثل عن السنّة في المنطقة لا يمكن محاربته إلّا من خلال السنّة أيضاً، وذلك في محاولة لعدم الوقوع في الفخ الطائفي وعدم إعطاء شرعية للتنظيم باعتباره المدافع عن سنّة المنطقة في وجه المد الشيعي".

*الصورة: مناورات عسكرية في الأردن/ وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل جديدة بشأن العملية المشتركة التي نفذتها قوات أميركية وعراقية مؤخرا ضد داعش، وأسفرت عن مقتل 15 من عناصر التنظيم المتشدد غربي العراق، في واحدة من أكبر العمليات لمكافحة الإرهاب في البلاد في السنوات الأخيرة.

وقالت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وعراقيين، إن سبعة جنود أميركيين تعرضوا لإصابات خلال العملية التي شارك بها أكثر من 200 جندي من كلا البلدين.

وأضافت أن العملية شملت مطاردة مسلحي داعش داخل أوكار تنتشر في مساحات واسعة وسط تضاريس نائية.

وذكر المسؤولون الأميركيون والعراقيون أن حجم ونطاق وتركيز العملية يسلط الضوء على عودة ظهور التنظيم المتشدد خلال الأشهر الأخيرة.

وفقا للصحيفة فقد كان الهدف الرئيسي للعملية هو الوصول لقائد ميداني كبير يشرف على عمليات تنظيم داعش في الشرق الأوسط وأوروبا.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) التي يقع الشرق الأوسط ضمن نطاق عملياتها، بأنها نفذت وقوات عراقية "غارة مشتركة في غرب العراق في الساعات الأولى من صباح يوم 29 أغسطس"، مما أسفر "عن مقتل 15 من عناصر داعش".

وأضافت في بيان أن "العملية استهدفت قادة داعش بهدف تعطيل وتقويض قدرات التنظيم على التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين العراقيين، وكذلك ضد الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها".

ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد القادة المستهدفين من داعش، بما في ذلك القيادي الكبير، لحين إجراء تحليل الحمض النووي لجثثهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن العملية جاءت في وقت أعلن رئيس الوزراء العراق محمد شياع السوداني وقادة الجيش العراقي أن بإمكان البلاد السيطرة على تهديدات داعش من دون مساعدة الولايات المتحدة.

وتتفاوض بغداد وواشنطن منذ عدة أشهر على اتفاق من شأنه إنهاء مهمة التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق، حيث يتواجد حوالي 2500 جندي أميركي.

ومع ذلك، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في يوليو أن عدد الهجمات التي تبنى داعش المسؤولية عنها في العراق وسوريا تزايد بشكل ملحوظ ويكاد يقترب من ضعف الهجمات التي حصلت العام الماضي.

وأعلن تنظيم داعش المسؤولية عن 153 هجوما في البلدين خلال النصف الأول من عام 2024، حسبما قالت القيادة المركزية الأميركية، من دون أن تقدم تفاصيل دقيقة عن أرقام الهجمات حسب كل بلد.

وتنقل الصحيفة عن مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر القول إن العراق نجح في احتواء تحديات داعش في السنوات الأخيرة، مع انخفاض وتيرة العمليات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق"، مضيفا أن "التعافي الواضح لداعش في سوريا المجاورة يثير قلقا كبيرا.

وأضاف ليستر: "لذا، فإن هذه الملاذات الآمنة القديمة لداعش، في صحراء الأنبار، ستحتاج إلى المتابعة بشكل مستمر، إذا كنا نريد تجنب تسرب داعش من سوريا إلى العراق في النهاية."

وأفاد مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى بأن الولايات المتحدة والقوات الحليفة الأخرى ساعدت القوات العراقية في تنفيذ أكثر من 250 عملية لمكافحة الإرهاب منذ أكتوبر الماضي.

لكن الصحيفة ذكرت أن هذه الغارة "لم تكن عادية" خاصة في ظل مشاركة  عدد كبير من القوات الأميركية الخاصة التي قادت الهجوم الأولي.

وتضيف الصحيفة أن أكثر من 100 عنصر من قوات العمليات الخاصة الأميركية وجنود آخرين بالإضافة لعدد أقل من الجنود العراقيين شاركوا في الهجوم الرئيسي الذي نفذ بواسطة طائرات الهليكوبتر.

وقالت السلطات العراقية في بيان إن العملية بدأت شرقي مجرى مائي يمر عبر صحراء الأنبار، في منطقة جنوب غرب الفلوجة.

وأكد جهاز المخابرات العراقي أن من القتلى "قيادات خطيرة كانوا يتخذون من صحراء الأنبار ملاذا لهم". وأشار إلى أنها بدأت بـ"ضربات جوية متتالية" لأربع مضافات يتواجد فيها الجهاديون، أعقبتها "عملية إنزال جوي في الموقع ثم اشتباك مع الإرهابيين".

وبحسب ليستر ومسؤولين أميركيين فقد استمرت العملية في اليوم التالي، مع مراقبة الطائرات المسيرة الأميركية للمنطقة، مؤكدين أن أكثر من 100 عنصر من القوات العراقية تايعوا الهجوم واعتقلوا اثنين من مسلحي داعش الذين فروا من الموقع في الليلة السابقة مع وثائق مالية ومعلومات عن التنظيم.

وتشير الصحيفة إلى أن محللين عسكريين أميركيين يدرسون المواد التي تم الاستيلاء عليها، والتي قال المسؤولون إنها قد تؤدي إلى غارات مستقبلية.