بغداد – بقلم ملاك أحمد:
مع اقتراب عودة النازحين إلى مدينتهم بعد تحرير الرمادي من تنظيم داعش، اقترب أيضاً التحدي الأكبر في كيفية إعادة إعمار وتأهيل البنى التحتية لمدينة تحوّل كلّ ما فيها إلى تلال من الأنقاض.
أزمات اقتصادية ومالية
يقول الخبير الاقتصادي محسن عبد الرحمن إنه بعد أن أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي تشكيل لجنة عليا من الوزارات والهيئات كافة لإعادة إعمار مدينة الرمادي، بدا وكأنّ كلّ شيء سيجري وفق المخطط له. "لكنّ الحقيقة أنّ الأمور أكثر تعقيداً".
ويضيف عبد الرحمن في حديث لموقع (إرفع صوتك) "الدمار كبير.. وليس من السهل إعادة الإعمار في بلد تعصف به الأزمات الاقتصادية والمالية حتى لو تمّ الاتّفاق مع منظمات دولية مانحة أو شركات أجنبية".
مساع حكومية
الخطوة الأولى لعمل الحكومة بشأن إعادة إعمار الرمادي كانت إنشاء صندوق إعمار. وخُصِّصت مبالغ ضمن ميزانية العام 2016 لإعادة تأهيل البنى التحتية، من الطرق وشبكات الصرف الصحي وخطوط الكهرباء ودوائر الدولة ومنها التربية والتعليم والمستشفيات والمؤسّسات الصحية.
ويقول الدكتور أحمد الرديني، المتحدّث الرسمي لوزارة الصحة والبيئة، وهي من الوزارات المشاركة في اللجنة العليا لإعمار مدينة الرمادي، في حديث لموقع (إرفع صوتك) إنّ مهمة الوزارة تتمثل بإعادة إعمار المستشفيات والمراكز الصحية التي تضررت ولحق بها الخراب.
ويضيف "الأمر لا يتوقّف عند هذا الحد، بل مسؤوليتنا أيضاً إعادة الملاكات الطبية للعمل في مؤسسات القطاع الصحي في مدينة الرمادي، فضلاً عن توفير المستلزمات والأجهزة الطبية والأدوية وسيارات الاسعاف وغيرها الكثير".
تتطلّب احتياجات الإعمار الأولية في الرمادي نحو 20 مليون دولار، بحسب تقديرات الأمم المتحدة. لكن المدينة المدمّرة ستحتاج مبالغ أكبر بكثير على المدى البعيد. وفي الوقت الراهن، من المرتقب أن يقوم ممثلون عن كل وزارات الدولة بالعمل على تقدير ما يحتاجه كل قطاع والعمل على توفير هذه الاحتياجات.
ويقول المتحدث الرسمي لوزارة الصناعة والمعادن، عبد الواحد الشمري، في حديث لموقع (إرفع صوتك) إنّ الوزارة ستبدأ بتأهيل المصانع المتواجدة في مدينة الرمادي.
أما وزارة الداخلية فقد أكّدت في بيان لها أنّها تسعى الآن إلى "إعادة تأهيل مراكز الشرطة والمؤسسات التابعة لها، فضلاً عن توفير الأمن لهذه المدينة وإزالة الالغام والعبوات الناسفة من الشوارع والأبنية والبيوت".
منظمات تتهم الحكومة بإعاقتها
وعلى الرغم من الجهود الحكومية لإعادة بناء الرمادي، يعتقد ناشطون في منظمات غير حكومية أنّها غير كافية "لأنّنا نتعامل مع مدينة منهارة على كافة الأصعدة. وعند عودة النازحين، ستظهر مشاكل لا حصر لها"، بحسب أحمد نصير، وهو ناشط في منظمة غوث للدعم الانساني والإغاثة الطبية.
يقول نصير لموقع (إرفع صوتك) "تتّهم الكثير من المنظمات غير الحكومية التي تعنى بالإغاثة الجهات الحكومية بإعاقة دخولها الى المدن التي تحررت من داعش".
ويردف بالقول إن "الكثير من المنظمات تمّ منعها من تقديم المساعدات الإنسانية أو الاستشارية من دون موافقات أمنية. والحكومة لديها نفس العذر دائماً وهو أنّ الأوضاع الأمنية غير مستقرة في المدن التي تحرّرت".
الرمادي الآن هي الأخطر على حياة النساء
المشكلة في إعادة البناء ليست فقط اقتصادية، إذ أن هناك تحدّيات اجتماعية وأمنية وإنسانية وحقوقية، من أبرزها حماية النساء.
وفي لقاء مع موقع (إرفع صوتك) قالت الناشطة دلال الربيعي، عضو منظمة حرية المرأة في العراق، "من ضمن أولويات عملنا في هذا الصدد مطالبة الدولة بتوفير ملاذ آمن للنساء خوفاً عليهن من القتل والتشريد والانتهاكات، ومن التعرض إلى أيّ ضغط في المناطق المحرّرة بسبب ما سيحدث من ثارات عشائرية".
وتضيف "الرمادي الآن هي المدينة الأخطر على حياة النساء في العراق". وذلك بسبب تهدم المنازل، وصعوبة الإهتمام بالأطفال والعوائل فضلاً عن خسارة الكثير من النساء لأبنائهن أو أزواجهن وكل معيل لهن في هذه الظروف الصعبة.
وتشير إلى "عدم وجود دراسة حكومية أو غير حكومية عن الأوضاع الإنسانية في مدينة الرمادي قبل وبعد التحرير، وما يترتب عليه من مشاكل اجتماعية كثيرة".
*الصورة: "الدمار كبير.. وليس من السهل إعادة الإعمار في بلد تعصف به الأزمات الاقتصادية والمالية"/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659