أربيل - بقلم متين أمين:
تحوّلت مدينة سنجار ذات الغالبية الأيزيدية الواقعة غرب مدينة الموصل خلال نحو 15 شهراً من سيطرة تنظيم داعش عليها من مدينة تعجُ بالحياة إلى كومةٍ من رماد. البُنى التحتية مدمّرة بالكامل وهناك نقص حادّ في الخدمات الرئيسية من مياه الشرب والطاقة الكهربائية والمستشفيات والمدارس. الأنقاض في كل مكان ولم يعُد هناك أيّ وجود للمدنيين فيها. فالمعارك وكثافة العبوات الناسفة التي زرعها داعش في كل أرجاء المدينة تمنع سكانها من العودة.
العودة شبه مستحيلة..
يقول المواطن فرحان إبراهيم، وهو عامل نزح مع عائلته إلى مدينة دهوك بعد سيطرة التنظيم على سنجار في صيف عام 2014، لموقع (إرفع صوتك) "ليست هناك مدارس ولا مستشفيات وليست هناك دوائر. قائمقامية القضاء تتخذ من خيمة مقراً لهاً، فكيف نعود إلى تلك المنطقة؟ العودة إليها شبه مستحيلة في ظلّ هذه الأوضاع".
إنهار الإنسان الأيزيدي
تعرّضت مدينة سنجار في الثالث من آب/أغسطس 2014 إلى هجوم واسع من قبل مسلحي داعش الذين سيطروا عليها وقاموا بحملة إبادة جماعية ضد سكانها الأيزيديين، فقتل التنظيم الآلاف من الرجال والشباب الأيزيديين وسبى نساءهم وفتياتهم وأطفالهم، الذين نقلهم التنظيم فيما بعد إلى مدن الموصل والرقة والمناطق الأخرى الخاضعة لسيطرته في العراق وسورية.
كما عرض داعش النساء للبيع في أسواق النخاسة التي فتحها لهذا الغرض في تلك المناطق، بحسب شهادات الناجيات منهن. ولا زال داعش يحتجز الآلاف من النساء والفتيات الأيزيديات.
ويشير المواطن ميسر مراد إلياس، وهو موظّف، لموقع (إرفع صوتك) "إنهار كل شيء في سنجار، إنهار الإنسان الأيزيدي أولاً وبعده كل البيوت الموجودة هناك، وفُجرت كل المعابد والكنائس. الوضع في سنجار مأساوي.".
ويوضح إلياس أن آلاف العوائل ما زالت في جبل سنجار بدون مأوى وفي ظلّ أوضاع سيئة جداً. هناك نازحون في إقليم كردستان بحاجة إلى دعم وإلى تأهيل نفسي ومساندة، حسب قوله." والمطلب الرئيسي لأهالي سنجار هو إنقاذ ما تبقى من الأيزيديين من قبضة داعش وتوفير الحماية الدولية لهم".
سوء الخدمات والظروف المعيشية
ويوضح خضر دوملي، الناشط الأيزيدي المختصّ في شؤون الأقليات والإعلام وبناء السلام، لموقع (إرفع صوتك) "الوقت ليس ملائماً حالياً للحديث عن عودة المواطنين إلى سنجار خاصة مركز المدينة... فللأسف هناك فشل كبير من قبل المؤسسات الدولية التي تعمل وتخطط لتنفيذ برامج إعمار مناطق ما بعد النزاع في العراق".
وعبوات ناسفة..
تحدّيان يمثلان مرحلة ما بعد التحرير في سنجار: التحدي الأمني والتحدي المعيشي. ومن أبرز العوامل التي حدّت عودة الأهالي انتشار العبوات الناسفة والألغام التي خلّفها داعش وراءه.
ويشدّد قائمقام سنجار محما خليل "لم تعد أي عائلة الى سنجار وإنّما عادوا إلى ناحية سنونة، بسبب سوء الظروف المعيشية والخدمية وعدم رفع العبوات لحد الآن".
ويستبعد محمد إبراهيم، رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة نينوى، عودة داعش إلى مدينة سنجار أو أيّ منطقة محررة مرة أخرى. ويقول لموقع (إرفع صوتك) "لا أتوقع أن يتمكّن تنظيم داعش من العودة إلى أي منطقة حُررت منه. تحرير قضاء سنجار والقرى والبلدات التابعة له من قبل قوات البيشمركة كانت ضربة لداعش، كذلك تحرير الرمادي كان بمثابة الضربة التي قصمت ظهر داعش".
ويضيف ابراهيم "التنظيم اليوم في حالة وهن وضعف وانكسار وليس بمقدوره إحراز أيّ تقدم، فالدولة اللاإسلامية التي كان تنظيم داعش يدّعي أنّها تتمدّد، اليوم تتقلص. وفي الأيام القريبة سوف ينتهي وجودها في مدينة الموصل وكافّة الأراضي العراقية"، مشدّداً أنّ "التنظيم لا يستطيع أن يهدّد مدينة سنجار أو أيّ منطقة عراقية أخرى".
*الصورة: عنصران من قوات البيشمركة قرب سنجار/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659