متابعة علي عبد الأمير:

يرسم تقرير كتبه ياروسلاف تروفيموف في ملحق "مراجعات" الأسبوعي بصحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، صورة عن نشاط الجماعات الإسلامية في القارة الأفريقية، محذراً من أنّ "الجهاد يكاد يكتسح أفريقيا، عبر جماعة "بوكو حرام" النيجرية التي تعتبر من الجماعات الأكثر دموية في التاريخ المعاصر، و"حركة الشباب" في الصومال"، وبالتالي تحول القارة إلى قاعدة دموية للجهاد العالمي".

وفي مراجعة الدور الخطير الذي تلعبه جماعة "بو كو حرام"، فإنّ التقرير يعتبرها "من أخطر المجموعات الإرهابية في العالم. وتسارعت حملتها في التفجيرات الانتحارية شبه اليومية، خلال الشهر الماضي، حين قتلت 86 شخصاً، بينهم العديد من الأطفال، في قرية نيجيرية و32 آخرين في قرية كاميرونية إلى الغرب".

ويقول مسؤولون غربيون وأفريقيون إنّ "بوكو حرام"، التي تعني تقريباً "التعليم الغربي.. ممنوع" أعلنت مؤخراً ولاءها للدولة الإسلامية، حصلت على أسلحة جديدة وحسّنت تقنيات التفجير على جانب الطرق، وهو ما يجعلها أخطر مما كانت عليه بكثير.

وبشأن "القاعدة" ونشاطها، فإنّ فرع التنظيم الإقليمي شن الحرب على حكومة مالي ووسّع نطاق عمله في الشهر الماضي إلى بوركينا فاسو، حين قتل 30 شخصاً على الأقل، بينهم العديد من الغربيين في هجوم على فندق فخم.

كما يلفت التقرير إلى ما يحدث في شرق القارة، حيث مجموعة مرتبطة بالقاعدة، هي "حركة الشباب" الصومالية، استولى عناصرها على قاعدة عسكرية تابعة للاتحاد الأفريقي قبل ثلاثة أسابيع، وقتلوا أكثر من 100 عنصر من القوات الكينية المرابطة ضمن قوات افريقية لحماية الحكومة الشرعية ومكافحة الإرهاب.

هذا التوجه المتشدد يقارنه التقرير بالنمط  الذي كان سائداً في أفريقيا، وتحديداً في جنوب الصحراء الكبرى المحصّنة نسبياً من التشدد الإسلامي، حيث ممارسات ضاربة الجذور في التصوف، ووضع للإسلام يركز على القيم الروحية والفردية ثقافاته التقليدية. وهو جانب كان يبدو بعيداً عن صرامة تغلّف الإسلام في الشرق الأوسط، لكنّ المنطقة اليوم أصبحت "الجبهة الأسرع نمواً في الجهاد العالمي وربما أكثرها عدوانية".

ولمواجهة هذا التحدي، اختارت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى على نحو متزايد، دعم الدول الأفريقية الضعيفة التي لا يمكنها أن تتعامل ذاتياً مع الاعتداءات التي تتعرض لها من قبل المجموعات الإسلامية المسلحة.

ففي عام 2013، أطلقت فرنسا عملية عسكرية لمنع استيلاء الجهاديين على السلطة في مالي، المستعمرة الفرنسية السابقة، وهي لا تزال تحتفظ بنحو 3500 جندي في مالي والنيجر وموريتانيا وبوركينا فاسو وتشاد.

ومنذ ذلك الحين، أنشأت الولايات المتحدة قاعدة لطائرات من دون طيار في النيجر وأخرى في الكاميرون، بالإضافة إلى إرسال قوات خاصة إلى بلدان عدة في المنطقة. كما أرسلت بريطانيا عدداً من عسكرييها للمساعدة في محاربة جماعة "بوكو حرام".

وتتوسط أفريقيا الآن مناطق حرب تمتد من المحيط الهندي إلى المحيط الأطلسي. حيث تتنافس تنظيمات داعش وجماعات إرهابية سنية، تختلف في التكتيكات والسياسات، لكن لديها أهدافاَ مماثلة.

وحافظت هذه المجموعات المتمردة على كونها تعمل منفصلة عن بعضها، ​​لكن هذا قد لا يدوم، بحسب النبرة التحذيرية للتقرير، الذي ينوه إلى أنّ "عمليات هذه الجماعات المتشددة الأفريقية أصبحت متطورة على نحو متزايد، وذلك بفضل الخبرة والمشورة التي تتقاسمها مع أسيادها وحلفائها في الشرق الأوسط"، معتبراً أن "انهيار الدولة الليبية عام 2011 وسيطرة الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة لاحقاً على من العديد من المدن الليبية جعلها معقلا مسيطراً عليه من قبل الجهاديين".

الصورة: من موقع الهجوم الإرهابي الذي تعرضت اليه عاصمة بوركينافاسو/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".