بقلم علي عبد الأمير:

يفرض السجال حول علاقة تنظيم داعش بالإسلام، مجموعة متجددة من الإسئلة، مثل:

*هل اتصل تنظيم "داعش" بجوهر الإسلام، أم كان نقيضاً له؟

*ما الذي قام به التنظيم وكان مخالفاً للشريعة الإسلامية؟

* في أي المواضع يرى المسلمون أن التنظيم المسلح قام باختطاف دينهم؟

وبحسب أكاديميين وصحافيين عراقيين وعرب ينشطون في صفحة "نريد أن نعرف" على موقع "فيسبوك" للحوار الفكري والسجال الثقافي حول موضوعات خلافية كبرى تعيشها منطقة الشرق الأوسط والعالم، وفي مقدمتها الأغطية الدينية للقوى المتشددة والإرهابية، ومنها تنظيم داعش، أعرب يحيى ذياب عن اعتقاده أن "داعش ليس نقيض الإسلام، لسبب واضح وجلي هو إن الإسلام استخدم قوة السلاح ونزف الدماء من أجل نشر تعاليمه، وهذا ما يصنعه داعش وغيره".

لكن الناشط والمهندس عمر نزار النوح يرى أن "تعريف داعش على أنّه إسلام أو يمثل الإسلام، يجعلنا خصوماً لما يقارب المليار ونصف مسلم، يرفضون هذا الوصف، بل ويصرون على أنهم أبرياء من التنظيم بل ويحاربونه أيضاً. لذا فإن وصف داعش بأنّه يمثل الإسلام يعني نزع صفته كدين عن نحو ربع سكان المعمورة ممن يعتنقون الإسلام ويلتزمون به".

وكي لا نرى من أجيالنا القادمة دواعش محتملة، من جهته يقول سهيل كبه، "إذا كان الدين يحتاج لمراجعة أفكاره، فكلنا مدعوون إلى مراجعة ثقافتنا وآرائنا وأساليبنا. فبدلاً من وضع المسؤولية على المنظومة الإسلامية، نحتاج أن نتحمل المسؤولية نحن، كي لا نرى من أجيالنا القادمة دواعش محتملة" .

ويلفت كبّه إلى "أنّنا كمجتمع التبست عليه المفاهيم، وغلّفت باسم المقدس، فأصبح ما يصدر عن جماعة سياسية لها غايات للوصول إلى سدة الحكم باستخدام التدين الشعبوي باعتبارة خلاصة للدين. وبالتالي احتكرت لنفسها حق القول بأنّها هي دون غيرها من يمثل الإسلام بأسانيد وأحاديث لم يتم الإتفاق على صحتها أو توافقها مع الدين نفسه". 

لكن يحيى ذياب يعود في مداخلة مع موقع (إرفع صوتك) إلى القول بأنّ "ما قام به التنظيم ليس مخالفاً للإسلام، بل هو طبّق تاريخ الإسلام بدقة. وأتمنى من رجال الدين المسلمين أن يطوروا ويحدّثوا أفكار هذا الدين "الحنيف" عسى أن تتحسن صورته أمام البشر الآدميين"، مؤكداً "لا أبرر سلوك داعش، وهو بالتأكيد سلوك غير سوي. لكن لنكن منصفين، لو تحرك عدد من رجال الدين وقاموا بتحديث أفكار الإسلام وحاولوا أن يخرجوا من قمقمهم، لكان هناك تغير واضح. لكن رجل الدين المسلم لا يريد أن يغيّر، لأنه ببساطة شديدة هو مستفيد من كل ما حدث ويحدث وسيحدث، فذلك يضمن بقاءه ضمن سلطته الدينية ونفوذه الشخصي".

إلى ذلك، يقول ناصر البهادلي إنّه "لا مدرسة من المدارس الدينية أو الفكرية قالت إنّها عرفت جوهر الإسلام، بل قالت إنما هو فهمنا واجتهادنا. وجميع المدارس الدينية تتفق بأن جوهر الإسلام لا يدركه إلا المعصوم وباقتصار المعصوم على جميع المدارس الدينية بالرسول الأعظم (ص)، وبتوسعة لدى الإمامية بالإثني عشر إماماً مع الرسول".

ويوضح البهادلي أن "جميع المذاهب والمدارس الدينية ما خلا الوهابية وتسميتها السلفية المتطرفة تتعارض مع قراءة داعش، بل وتتعارض مع الثابت والمحكم من المنظومة المعرفية الإسلامية. فالثابت والمحكم هو "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين". ومن يعرف اللغة يعرف كيف أداة الإستثناء والحصر تفيد التأكيد الشديد، وأفعال داعش وأفكاره بالمجمل تتعارض مع الرحمة".

وينتقد البهادلي من يعتبر داعش منسجماً مع النص الإسلامي، فيقول "نشهد بعض البسطاء في مستوى التفكير والمتبنين للسطحية، وهو يهرول سريعاً ليأتي بآية هنا وهناك أو حديث هنا وهناك ليبرر انسجام قراءة داعش مع النص الديني".

ويخلص إلى القول إن "داعش وفكره لا تنسجم مع الجمهور الأعظم من المدارس الإسلامية، بل ويتعارض معها. والدليل على الأقل في العراق، هو الحشد الشعبي المرتكز على فتوى من قراءة دينية راسخة تاريخياً وحاضراً كحال المدارس الإسلامية الأخرى".

وفي سياق النقاش ذاته حول داعش والإسلام، يقول عمر النوح "إذا اتفقنا بأن الإسلام كحال بقية الأديان والأفكار والأنظمة تتعرض للتقدم والتغير والإضافات والتجريح والتعديل، سنجد أن الإسلام نفسه تطور تباعاً لفهم معتنقيه ولاختلافات مفكريه، وهذا غيّره كثيراً عن أصوله. فنجد أن كل باحث إسلامي يحدد هذه النقطة بالتحديد على أنّ منبع داعش الذي يعتمد الفهم القديم الأصولي لأي حديث نبوي ولأي تفسير للقرآن، ويتعمد أن لا يأخذ بالتطور الفكري الذي يعتبره غير إسلامي، بل من إضافات المستشرقين أعداء الدين".

*الصورة: داعش يعادي مليار ونصف مليار مسلم/Shutterstock

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل جديدة بشأن العملية المشتركة التي نفذتها قوات أميركية وعراقية مؤخرا ضد داعش، وأسفرت عن مقتل 15 من عناصر التنظيم المتشدد غربي العراق، في واحدة من أكبر العمليات لمكافحة الإرهاب في البلاد في السنوات الأخيرة.

وقالت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وعراقيين، إن سبعة جنود أميركيين تعرضوا لإصابات خلال العملية التي شارك بها أكثر من 200 جندي من كلا البلدين.

وأضافت أن العملية شملت مطاردة مسلحي داعش داخل أوكار تنتشر في مساحات واسعة وسط تضاريس نائية.

وذكر المسؤولون الأميركيون والعراقيون أن حجم ونطاق وتركيز العملية يسلط الضوء على عودة ظهور التنظيم المتشدد خلال الأشهر الأخيرة.

وفقا للصحيفة فقد كان الهدف الرئيسي للعملية هو الوصول لقائد ميداني كبير يشرف على عمليات تنظيم داعش في الشرق الأوسط وأوروبا.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) التي يقع الشرق الأوسط ضمن نطاق عملياتها، بأنها نفذت وقوات عراقية "غارة مشتركة في غرب العراق في الساعات الأولى من صباح يوم 29 أغسطس"، مما أسفر "عن مقتل 15 من عناصر داعش".

وأضافت في بيان أن "العملية استهدفت قادة داعش بهدف تعطيل وتقويض قدرات التنظيم على التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين العراقيين، وكذلك ضد الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها".

ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد القادة المستهدفين من داعش، بما في ذلك القيادي الكبير، لحين إجراء تحليل الحمض النووي لجثثهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن العملية جاءت في وقت أعلن رئيس الوزراء العراق محمد شياع السوداني وقادة الجيش العراقي أن بإمكان البلاد السيطرة على تهديدات داعش من دون مساعدة الولايات المتحدة.

وتتفاوض بغداد وواشنطن منذ عدة أشهر على اتفاق من شأنه إنهاء مهمة التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق، حيث يتواجد حوالي 2500 جندي أميركي.

ومع ذلك، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في يوليو أن عدد الهجمات التي تبنى داعش المسؤولية عنها في العراق وسوريا تزايد بشكل ملحوظ ويكاد يقترب من ضعف الهجمات التي حصلت العام الماضي.

وأعلن تنظيم داعش المسؤولية عن 153 هجوما في البلدين خلال النصف الأول من عام 2024، حسبما قالت القيادة المركزية الأميركية، من دون أن تقدم تفاصيل دقيقة عن أرقام الهجمات حسب كل بلد.

وتنقل الصحيفة عن مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر القول إن العراق نجح في احتواء تحديات داعش في السنوات الأخيرة، مع انخفاض وتيرة العمليات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق"، مضيفا أن "التعافي الواضح لداعش في سوريا المجاورة يثير قلقا كبيرا.

وأضاف ليستر: "لذا، فإن هذه الملاذات الآمنة القديمة لداعش، في صحراء الأنبار، ستحتاج إلى المتابعة بشكل مستمر، إذا كنا نريد تجنب تسرب داعش من سوريا إلى العراق في النهاية."

وأفاد مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى بأن الولايات المتحدة والقوات الحليفة الأخرى ساعدت القوات العراقية في تنفيذ أكثر من 250 عملية لمكافحة الإرهاب منذ أكتوبر الماضي.

لكن الصحيفة ذكرت أن هذه الغارة "لم تكن عادية" خاصة في ظل مشاركة  عدد كبير من القوات الأميركية الخاصة التي قادت الهجوم الأولي.

وتضيف الصحيفة أن أكثر من 100 عنصر من قوات العمليات الخاصة الأميركية وجنود آخرين بالإضافة لعدد أقل من الجنود العراقيين شاركوا في الهجوم الرئيسي الذي نفذ بواسطة طائرات الهليكوبتر.

وقالت السلطات العراقية في بيان إن العملية بدأت شرقي مجرى مائي يمر عبر صحراء الأنبار، في منطقة جنوب غرب الفلوجة.

وأكد جهاز المخابرات العراقي أن من القتلى "قيادات خطيرة كانوا يتخذون من صحراء الأنبار ملاذا لهم". وأشار إلى أنها بدأت بـ"ضربات جوية متتالية" لأربع مضافات يتواجد فيها الجهاديون، أعقبتها "عملية إنزال جوي في الموقع ثم اشتباك مع الإرهابيين".

وبحسب ليستر ومسؤولين أميركيين فقد استمرت العملية في اليوم التالي، مع مراقبة الطائرات المسيرة الأميركية للمنطقة، مؤكدين أن أكثر من 100 عنصر من القوات العراقية تايعوا الهجوم واعتقلوا اثنين من مسلحي داعش الذين فروا من الموقع في الليلة السابقة مع وثائق مالية ومعلومات عن التنظيم.

وتشير الصحيفة إلى أن محللين عسكريين أميركيين يدرسون المواد التي تم الاستيلاء عليها، والتي قال المسؤولون إنها قد تؤدي إلى غارات مستقبلية.