مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:

تتواصل المواجهات بين الأمن المصري والتنظيمات المتطرفة منذ حوالي ثلاث سنوات وحتى الآن. تعلو وتيرتها أحياناً كما حدث بعيد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، وتخفت أحياناً أخرى كما هو الوضع الآن.

ويتخلل ذلك قيام المتطرفين بتنفيذ عمليات أسماها الخبراء الأمنيون بالنوعية كتلك التي وقعت في تموز/يوليو الماضي وحاول خلالها تنظيم ولاية سيناء الذي أعلن مبايعته لداعش، الاستيلاء على مدينة أو مجموعة مدن لإعلان قيام ولاية داعشية جديدة. لكن هذه العملية باءت بالفشل. وخلال نفس الشهر نفذ المتطرفون عملية اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات.

رفح الأولى

والمتابع لهاتين العمليتين يرصد أنّهما تمتا في شهر رمضان، كما حدث من قبل في عمليات مماثلة منها واقعة استهداف الجنود والمعروفة بـ"رفح الأولى" في الخامس من آب/أغسطس 2012 الموافق 17 رمضان، وراح ضحيتها 23 جندياً وضابطاً.

وفي رمضان 2014، استهدف الإرهابيون أفراد الكتيبة 14 بمنطقة "الدهوس" بين الفرافرة والواحات البحرية واغتالوا 28 مجنداً. وكل ما سبق يطرح التساؤل حول ماذا حققت المواجهات الأمنية للتنظيمات المتطرفة بما فيها تنظيم داعش وفروعه في مصر؟

تفعيل التصدي للإرهاب

يقول اللواء محمود زاهر الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية لموقع (إرفع صوتك) إنّ التنظيمات المتطرفة في الداخل "أصبحت ضعيفة نظراً لسيطرة الأمن وتبنيه منهج الضربات الاستباقية".

ويضيف "على الرغم من قوة المواجهات الأمنية وفرض التشديدات والحصار بوضع إمكانيات التنظيمات المتطرفة سواء الأفراد أو المال أو السلاح تحت أعين الأمن، إلا أنه لا يمكن القول بالانتهاء تماماً من وجود هذه التنظيمات"، مشيراً إلى "تحجيم قدراتها بحيث لم تعد قادرة على القيام بعمل قوي".

وتابع اللواء زاهر الذي عمل لفترة طويلة في جهاز الاستخبارات العسكرية ليشدد على عدة عوامل يمكن من خلالها تحقيق نجاحات أكبر في مواجهات الأمن مع التنظيمات المتطرفة. واختصرها بما يلي:

أولاً: بذل المزيد من الجهود للارتقاء بالنواحي الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية للمواطنين.

ثانياً: إدخال بعض التعديلات على المنظومة الأمنية نفسها كهيكل تنظيمي وكأسلوب فكر وكأدوات.

ثالثاً: إصدار عدد من القوانين التي تنظم الحركة الأمنية بين المواطنين من ناحية، والمنوطة بالعملية الأمنية من ناحية أخرى.

جهود من مختلف الأطراف

أما العميد خالد عكاشة، الخبير الأمني ومدير المركز الوطني للدراسات الأمنية، فيقول لموقع (إرفع صوتك) إن المواجهات الأمنية ضد التنظيمات الإرهابية حققت نجاحاً كبيراً في الفترة الحالية إذا ما قورنت بالأوضاع عام 2013، حيث تم تقليص إمكانيات هذه التنظيمات بما فيها تنظيم داعش بشكل جيد.

وضرب المثال على ذلك بتحرير مدينتي رفح والشيخ زويد بشمال سيناء من قبضة الجماعات الإرهابية بحيث تغيرت صورة المدينتين في 2016 بشكل كامل.

وأضاف عكاشة "التصدي الأمني فقط قد يقصم ظهر التنظيمات المتطرفة بما فيها تنظيم داعش ويصيبه ويشتت أفراده وقوته بشكل كبير، لكن تبقى المواجهة الشاملة من مختلف عناصر الدولة بحاجة إلى التدخل على ساحة المعركة وتحتاج قيامهم بأدوار مهمة وفارقة، حتى يمكن الحديث عن اقتلاع ظاهرة الإرهاب من جذورها وتجفيف منابعه من أي إمدادات جديدة سواء بالأموال أو بالعناصر والأفراد".

ويشير إلى أن "هذه الأطراف التي لا بد أن تدخل في المواجهة بجانب المواجهات الأمنية هي مجموعة من أجهزة الدولة المختلفة المتمثلة في وزارات الثقافة والشباب والرياضة والتربية والتعليم والأوقاف إلى جانب الإعلام والأزهر والكنيسة، فلو قامت هذه المؤسسات بأدوار حقيقية وجادة وبنفس القدر التي تقوم به أجهزة الأمن والقوات المسلحة، أظن أن هذا سيساهم بشكل كبير في القضاء على ظاهرة الإرهاب وسيحجم انتشار الأفكار المتطرفة".

*الصورة: قوات مصرية في سيناء/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".