الأردن – بقلم صالح قشطة:
"زعل وخضرة" زوجان بشخصيتهما الأردنية الريفية البسيطة، ذات الطابع الكوميدي الطريف، يعتبران من النجوم الأقرب إلى قلوب فئة كبيرة من الأردنيين. وقد عملا على معالجة كثير من القضايا المجتمعية من خلال عروض مسرحية يقدمانها للجمهور الأردني في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى سلسلة أعمال تلفزيونية تبث كل عام على التلفزيون الرسمي في الأردن، وبعض الأعمال الكرتونية التي يتطرقان فيها للعديد من التفاصيل المرتبطة بحياة الجمهور بطريقة توعوية كوميدية تلامس الواقع.
ومثل كل الموضوعات التي تؤثر على المجتمع الأردني، كان لـ" target="_blank">زعل وخضرة" تركيز كبير على مكافحة التطرف والإرهاب من خلال التوعية بأسبابه ومسبباته. فأخذا زمام المبادرة نظراً لحساسية الأمر، وإدراكاً منهما أن ما تمر به المنطقة من أزمات ما هو إلا منعطف هام في تشكيل ملامحها المستقبلية، كما يوضح ممثل شخصية "زعل"، الفنان حسن سبايلة.
ويقول سبايلة في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "لا شك أن الحرب الدائرة حالياً هي حرب إعلامية بالدرجة الأولى، وهذا ما يؤثر حالياً على المشهد العام في المنطقة العربية وفي كل العالم. فالإرهاب لا دين له، وها هو ينتشر عبر وسائل الاتصال المجتمعية، وهنا يأتي دورنا كفنانين لنوظف ذات الإعلام وذات الطرق لمحاربة ذات الفكر".
وعن دور الفنان، يضيف سبايلة "الفكر الأسود يجب أن يحارب من جهة أخرى بفكر يواجه توسعه، ويحصره في دائرة الإرهاب، وبالتالي يأتي دور الفنان للتصدي لهذا الفكر برسائل توعوية عن طريق المسرح وعن طريق الدراما وكافة أنواع الفنون".
أعمال تعالج التطرّف
حادثة حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة على يد (داعش) كانت الدافع الأكبر نحو المباشرة في تقديم أعمال تعالج التطرف من قبل "زعل وخضرة".
وعن بداية الفكرة توضح الفنانة رانيا إسماعيل، مؤدية شخصية "خضرة" في هذه الأعمال، لموقع (إرفع صوتك) "طرحنا الفكرة وعملنا على التحضير لها من قبل حادثة الشهيد معاذ الكساسبة. وبوقوع تلك الحادثة، قمنا بالتركيز على تنفيذها بشكل أسرع كمبادرة منا للتوعية بخطورة التطرف والحاجة الماسّة إلى الاعتدال، والتي سلطنا الضوء من خلالها على الإرهاب بشكل خاص".
وعن دعم الرسائل التوعوية المتصدية للفكر المتطرف، تقول إسماعيل "حتى اللحظة، لا يوجد إدراك حقيقي وواسع لضرورة دعم هذا النوع من الأعمال والرسائل من قبل مختلف الجهات، ولا بد من الالتفات إلى ضرورة التكاتف في دعم هذه الأفكار في هذه المرحلة التي يمر بها العالم أجمع".
"إرهاب على الباب"
"إرهاب على الباب" هو اسم target="_blank">العمل المسرحي الأخير الذي قدمه كل من "زعل وخضرة"، حيث قاما بتوجيهه إلى طلاب الجامعات في مختلف المحافظات الأردنية. وبحسب بطلة العمل "ردود الفعل تجاه المسرحية كانت كبيرة جداً، والمفاجئ أنّها أتت من جمهور الشباب نفسه. فبعد كل عرض كان هناك جلسة نقاش مع الجمهور، كانوا يعبرون فيها عن جميع ما يجول ببالهم حيال القضايا المطروحة".
وحول ما تعالجه "إرهاب على الباب" من عناصر، توضح رانيا "تطرقنا في مسرحيتنا إلى الأسباب المؤدية إلى الإرهاب والتطرف، وعن طرق دخول هذه الجماعات بأفكارها إلى عقول شبابنا، بأسباب قد تكون دينية وقد تكون اقتصادية أو نفسية ومعنوية، ومن الممكن أن تكون أسباباً أيدولوجية أو رغبة من الفرد بإثبات ذاته ولفت الانتباه لأنّه شخص مهمش في عائلته وفي مجتمعه".
فيما يلخص الفنان سبايلة رسالة المسرحية بقوله "من يذهب مع المتطرفين ومع فكرهم، فقد قطع لنفسه تذكرة باتجاه واحد بلا عودة. وأعمالنا تركز على هذه النقطة".
وعن استغلال الدين، تقول إسماعيل "تطرقنا أيضاً إلى أسباب قد تساعد زارعي هذه الأفكار في الوصول إلى أدمغة بعض ضعاف النفوس، والذين يتم إغراؤهم بالسبايا والغنائم والتي يتم الترويج لها بينهم بصبغة دينية كمبرر لتطبيقها".
في "إرهاب على الباب" تترك النهاية مفتوحة للجمهور، الذي يلعب دور الحكم فيما قدمه العرض. "نتوجه دائماً في نهاية عرضنا المسرحي إلى الجمهور ليقدم لنا الحل للقضية المطروحة أمامهم، لنسمع منهم ونشجعهم على المبادرة في طرح هذه الحلول في المجتمع كما قدموها لنا في قاعة المسرح، فهم يعرفون الحل، وهو موجود في داخل قلوبهم دائماً"، بحسب إسماعيل، التي توضح "في المشهد الأخير من مسرحيتنا يدخل "زعل" المنزل مفخخاً، يرتدي حزاماً ناسفاً ويريد أن يبدأ بعائلته ليطهر العالم من الكفار، وحينما يفتح معطفه ويظهر الحزام الناسف تنتهي المسرحية ويبدأ النقاش مع الجمهور فوراً".
المسرح أكثر تفاعلاً!
الزوجان سبايلة وإسماعيل لم يكتفيا بالعمل المسرحي، وأطلقا كذلك سلسلة target="_blank">أفلام من الرسوم المتحركة عبر شبكات التواصل الاجتماعي بهدف توعية العائلات من مخاطر وقوع أبنائها في فخ التطرف عن طريق الإنترنت.
لكن المسرح هو صاحب التأثير الأكبر بحسب إسماعيل التي تنظر له من منظور تفاعلي يكون فيه الجمهور جزءاً لا يتجزأ من العمل، "حقيقةً، وجدنا المسرح مؤثراً بشكل أكبر من الكرتون، رغم أن ما يعرض على التلفاز يضمن لك ملايين المشاهدات. لكن في المسرح هناك مواجهة وجهاً لوجه مع الجمهور، فأنت تقدم رسالتك لهم بشكل مباشر، وتسمع منهم ردة فعلهم على الفور، وترد عليهم مرة أخرى من فوق ذات الخشبة، فردة الفعل مباشرة، وتمكنك من رصدها وتقييمها في لحظتها".
وحول الأفكار والحلول التي يقدمها الجمهور بعد كل عرض، تشير إسماعيل "عادةً ما يقدم الجمهور لنا مجموعة من الحلول الكثيرة والمتنوعة، إلّا أن الحلول الأبرز والأكثر طرحاً من قبل معظمهم ركزت على محورين: الأول يركز على دور الحكومة في العمل الجاد على هذه القضايا، والمحور الثاني كان حول المناهج وضرورة إصلاحها وتغيير بعضها، بالإضافة إلى مطالبتهم بإضافة مقررات حول التطرف والإرهاب، ليتم تدريسها مثلما يتم تدريس منهاج التربية الوطنية لجميع الطلاب".
وبحسب سبايلة، فإن العمل على هذه المحاور سوف يبقى متواصلاً حتى تجاوز ظاهرة التطرف بشكل كامل، مؤكداً "نعمل في "زعل وخضرة" على إنتاج المزيد من الأعمال التي تعالج القضايا الحساسة وسوف نستمر في توجيه رسالتنا ضد التطرف والإرهاب وكل الأسباب المؤدية لهما للجمهور من كافة الفئات والأعمار، فهذا ما أخذناه على عاتقنا منذ البداية، وهذا ما سوف نتابعه بكل جدية حتى يتم تحقيق هذا الهدف الذي نعمل بشكل متواصل من أجله، فهذه مسؤوليتنا".
*الصور: "نعمل في "زعل وخضرة" على إنتاج المزيد من الأعمال التي تعالج القضايا الحساسة"/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659