صنعاء - بقلم غمدان الدقيمي:
لا يزال ملايين السكان في اليمن بحاجة ماسّة للكثير من أجل مناهضة الإرهاب والعنف، في ظل نفوذ غير مسبوق للتنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش، بالتزامن مع انضمام المزيد من الأعضاء إلى صفوفهما، في البلد العربي المضطرب منذ العام 2011.
في جولة استطلاعية شملت مناطق متباعدة في العاصمة اليمنية صنعاء، رصد مُعد هذا التقرير تحفظ عدد من اليمنيين عن الحديث حول كيفية تصديهم للإرهاب والتطرف، وحماية أطفالهم وعائلاتهم منه، فيما يرى مراقبون ذلك حالة طبيعية بالنظر إلى البيئة والمعضلة القائمة.
لكن آخرين أوضحوا أساليبهم المتبعة في هذا الشأن، لمواجهة التنظيمات الجهادية.
تحسين جودة التعليم
عادل الحكيمي، وهو أب لستة أولاد، ذكوراً وإناثاً، قال لموقع (إرفع صوتك) إنّ متابعة الأطفال منذ الصغر وإرشادهم إلى السلوكيات الصحيحة التي حثّ عليها الدين الإسلامي، كغرس القيم النبيلة وحب الجميع مهما كانت دياناتهم ومذاهبهم، هي الأساسيات التي اتبعها لتحصين أولاده من خطر الجماعات الإرهابية.
يضيف الحكيمي، 42 عاماً، ”التعليم هو الطريق الأمثل لمواجهة التطرف. للأسف الشديد، طوال ثلاثة عقود دَمر حاكم هذا البلد التعليم، فوجدنا كثيراً من الشباب ينخرطون في التنظيمات الإرهابية عن جهل. ينبغي تحسين جودة التعليم وإقراره إجبارياً على الجميع، وفرض عقوبات قاسية ورادعة للمخالفين".
نتاج طبيعي للجهل والفقر
رشيد خيران مواطن يمني أيضاً وهو أب لطفلين، لا يسمح لأطفاله وعائلته بمشاهدة القنوات التلفزيونية "التي تحض على الكراهية والتطرف الديني".
وقال لموقع (إرفع صوتك) "أثقفهم بين الحين والآخر على نبذ العنف والإرهاب. الإرهابيون لا مبدأ ولا دين لهم".
كذلك نشوان سعيد، 41 عاماً، يصف هذه الجماعات بـ ”الظلامية التي تستغل جهل وحاجات المجتمع، فضلاً عن فراغ الشباب"، وبالتالي تسعى لـ”تُجند شبابنا وأطفالنا من أجل مصالحها الخاصة، تحت مسمى إمبراطورية إسلامية عظيمة“.
سعيد أب لستة من الأطفال، قال لموقع (إرفع صوتك) ”هذه الجماعات نتاج طبيعي للجهل والفقر والتسلط والفراغ الروحي الذي تمر به الأمة الإسلامية، بالإضافة إلى عدم وجود قيادات وحكومات توجه شعوبها نحو الطريق الصحيح، وتوفر لهم سبل العيش الكريم".
الحذر موجود
علي ردمان، 58 عاماً، تفرض طبيعة عمله البقاء في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ أيلول/سبتمبر 2014، بينما يعيش معظم أطفاله الثمانية في مدينة عدن الجنوبية (العاصمة المؤقتة للبلاد)، إلا أنّه مع ذلك يتابع "كل تحركاتهم بغية عدم الوقوع في فخ التطرف".
يقول ردمان "دائماً أحذرهم سواء كُنت في صنعاء أو في عدن من خطورة الاختلاط بالجماعات المشبوهة. الحذر موجود. بالطبع هذه الجماعات تُقلق الكثيرين ولست وحدي".
مارشال ثقافي تربوي تعليمي
"مهما كانت المحاولات، فإن المعضلة أكبر بكثير مما نتصور“، وفقاً للأكاديمي المتخصص في فلسفة العلم والفكر السياسي بجامعة عدن الدكتور سامي عطا.
بيّن عطا لموقع (إرفع صوتك) أن "من الصعوبة بل من الاستحالة أن يتصدى الناس لثقافة جرى ويجري ترسيخها في واقعهم عبر مناهج تدريس، وخطب منبرية، وإعلام جله يحتفي بالعنف ويدعو له باعتباره إما فرض وواجب ديني أو دنيوي، وتحت عناوين إما الجهاد أو العنف الثوري".
وأضاف "هذه الثقافة تشرّبها الآباء والأبناء وصارت ثقافة عامة“، مقللاً من ”إمكانية التصدي لها بأدوات معطوبة“ حيث ”نحن أمام معضلة طالما استخدمتها مراكز قوى في تحقيق مصالحها. القضية أكثر تعقيداً مما نتصور، ولا يمكن حلها أيضاً في ظل بيئة إقليمية مفخخة بالإرهاب في كل مفاصلها".
ولذا بحسب الأكاديمي عطا، ”نحن بحاجة لمشروع مارشال ثقافي تربوي تعليمي، يلعب الإعلام دوراً رئيسياً فيه بعد أن باتت المعضلة شديدة التعقيد“.
*الصورة: "من الصعوبة بل من الاستحالة أن يتصدى الناس لثقافة جرى ويجري ترسيخها في واقعهم عبر مناهج تدريس"/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659