بقلم خالد الغالي:

كان العام 2015 من بين أكثر الأعوام التي طبعتها ظاهرة الإسلاموفوبيا، منذ سنوات طويلة.

ففي أميركا سجلت أكبر عدد من الحوادث المعادية للإسلام  منذ هجمات 11 أيلول/سبتمبر عام 2001. وفي أوروبا، وصلت الإسلاموفوبيا مستويات قياسية، خاصة بعد هجومي باريس وسان بيرنادينو (كاليفورنيا)، حيث ارتفعت الهجمات التي تعرض لها مسلمو بريطانيا بأكثر من 300 في المئة في الأسبوع الذي تلا هجمات باريس.

فيما يلي أشهر خمس اعتداءات تعرض لها مسلمون خلال السنوات الخمس الأخيرة.

16 طعنة في المحكمة

وجه متطرف ألماني، يدعى أليكس فينز، 16 طعنة بسكين للصيدلانية المصرية مروة الشربيني، داخل قاعة محكمة بمدينة دريسدن الألمانية. كانت المحكمة تنظر في قضية رفعتها الشابة المصرية، 32 عاماً، ضد فينز بعدما وصفها بأنها "إسلامية" و"إرهابية" و"عاهرة".

أدانت المحكمة فينز في المرحلة الابتدائية، غير أنه بادر إلى طعن مروة حتى الموت خلال إحدى جلسات مرحلة الاستئناف. وقع الحادث أمام أعين زوجها وابنها مصطفى البالغ من العمر ثلاث سنوات. أثارت القضية صدمة عارمة في ألمانيا، واندلعت احتجاجات في عدد من دول العالم الإسلامي. ووصفت وسائل إعلام في البلدان الإسلامية مروة بأنها "شهيدة الحجاب". حكم على القاتل بالسجن مدى الحياة.

https://twitter.com/freedomgirl362/status/663314712692695040

"الضربة القاضية" لمحجبة في لندن

رصدت كاميرا مراقبة في أحد شوارع لندن، في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، مقطع فيديو صادم: رجل في الثلاثينات من عمره يظهر من الخلف ويوجه ضربة قوية، على الوجه، لفتاة محجبة لم تبلغ العشرين. تسقط الفتاة فوراً على الأرض فاقدة الوعي تماماً.

بعد إلقاء القبض على المعتدي، تبين أن دواعي الحادث مرتبطة بمعاداة للإسلام والأجانب. منفذ الاعتداء رجل يدعى مايكل أيود، 34 عاماً. وقد استهدف ضحيته، تسنيم كبير، 16 عاماً، بينما كانت في طريقها إلى مدرستها. أدين الرجل بأربع سنوات سجنا بتهمة الاعتداء على تسنيم، وبعام آخر لهجوم مماثل ضد شابة أخرى.

كورسيكا: إرحلوا أيها العرب

بعد شهر على هجمات باريس، في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، تسبب اعتداء على رجال الإطفاء، في جزيرة كورسيكا الفرنسية في البحر الأبيض المتوسط، في خروج مظاهرات عارمة معادية المسلمين. وهوجم رجال إطفاء عمدا، من قبل ملثمين، ليلة عيد الميلاد، فخرج المئات من سكان الجزيرة في مظاهرات معادية للعرب، رفعت فيها شعارات "هذا وطننا"، "أيها العرب اخرجوا من هنا".

وتطورت التظاهرات إلى تخريب قاعة لصلاة للمسلمين، وتمزيق وإحراق عدد من المصاحف، وكتابة عبارات معادية للعرب على الجدران، ما دفع السلطات إلى حظر التظاهر في عدد من مناطق من المدينة لعدة أيام.

رئيس الوزراء مانويل فالس، كتب حينها في حسابه على تويتر "بعد الاعتداء غير المقبول على إطفائيين، ها نحن أمام تدنيس غير مقبول لقاعة صلاة للمسلمين. يجب احترام قوانين الجمهورية".

https://twitter.com/manuelvalls/status/680473236837130249?ref_src=twsrc%5Etfw

ساعة تتحول إلى قنبلة

في مدرسة بولاية تكساس الأميركية، اعتقل طالب من أصل سوداني في المرحلة التاسعة (الثالث متوسط)، اسمه أحمد محمد، بعدما أحضر إلى الفصل ساعة رقمية صنعها في المنزل إلا أن أستاذة اللغة الإنجليزية ظنتها قنبلة.

ونقل أحمد، 14 عاماً، إلى مقر الشرطة مصفد اليدين. وأثارت القضية جدلاً واسعاً في وسائل الإعلام الأميركية والعالمية. وبادر الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى دعوة التلميذ إلى البيت الأبيض. وكتب على حسابه في تويتر "ساعة جميلة يا أحمد. هل تريد إحضارها إلى البيت الأبيض؟".​

https://twitter.com/POTUS/status/644193755814342656?ref_src=twsrc%5Etfw

وقعت أحداث مشابهة في كل من فرنسا وبريطانيا. فقد اعتقل طفل يبلغ من العمر 8 سنوات، في جنوب فرنسا، بعدما ادعى أنّه دعم منفذي الهجوم على مجلة شارلي إيبدو. وفي بريطانيا، قاد خطأ إملائي طفلا في العاشرة إلى مقر الشرطة، بعدما كتب خطأ أنه يعيش في "بيت إرهابي" ‘terrorist house’  عوض أحد البيوت المتلاصقة  ‘terraced house’.

قس أميركي يحرق القرآن

احتل القس الأميركي تيري جونز، من ولاية فلوريدا، لفترة مهمة من سنة 2010، حيزاً واسعاً في وسائل الإعلام العالمية. وأعلن القس المتطرف، حينها، عزمه إحراق نسخ من القرآن بالتزامن مع الذكرى التاسعة لهجمات الـ11 من أيلول/سبتمبر 2001.

وفي أيلول/سبتمبر 2013، أوقفته الشرطة بعد وصوله إلى منتزه في ولاية فلوريدا وبحوزته 2998 نسخة من القرآن كان يخطط لإحراقها، في إشارة إلى عدد قتلى هجمات سنة 2001. وتسببت دعوة جونز في موجة احتجاجات عارمة في العالم الإسلامي.

* الصورة: تلقت مروة الشربيني 16 طعنة بسكين أردتها قتيلة في قاعة محكمة أمام أعين طفلها وزوجها/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".