مصر - بقلم الجندي داع الإنصاف:
بين الحين والآخر، تعود قضية اضطهاد الأقباط في مصر إلى الواجهة، وكلام عن خوف الأقباط من تزايد ظاهرة التشدد الإسلامي في المنطقة.
وفي السنوات الخمس الأخيرة، ظهر هذا الأمر في مناسبتين، الأولى بعد وفاة البابا شنودة الثالث في 17 آذار/مارس 2012، والذي كان يعتبره الكثيرون حامياً للأقباط في مصر، إلا أن هذه المخاوف تبددت بعد تولي البابا تواضروس الثاني قيادة الكنيسة الأرثوذكسية، سائراً على نهج سابقه.
أمّا المناسبة الثانية، فكانت في العام نفسه وكان مصدر الخوف هذه المرة تولي جماعة الإخوان الحكم، باعتبارها أحد أجنحة الإسلام السياسي. وهو ما أثار المخاوف لدى أقباط مصر، إلا أن هذه المخاوف تبددت هي الأخرى بعد ثورة 30 حزيران/يونيو 2013.
والتساؤل هل يشعر الأقباط في مصر بالخوف من الإسلام والمعروف بـ"الإسلاموفوبيا" والذي انتشر في عدد من بلدان أوروبا خاصة بعد أن طالتهم يد الإرهاب؟
لا نخاف من الإسلام
يقول القمص بطرس بطرس، مقرر لجنة الخطاب الديني ببيت العائلة المصرية ووكيل مطرانيه دمياط وكفر الشيخ، لموقع (إرفع صوتك) إنّ هناك فرقاً بين الدين ومعتنقي الدين الذين يستغل بعضهم الدين استغلالاً خاطئاً، متابعاً "فالدين في حد ذاته يحض على المحبة والتعاون".
ويشير إلى أنّ المسيحي هو أقرب الناس مودة للمسلمين، "فعلاقة المسلم بالمسيحي من خلال القرآن ومن خلال الدين الإسلامي هي أن المسيحي موضع احترام ومحبة ويقبله في الدين. لكن هناك بعض المتطرفين أو بعض من يستغلون الدين استغلالاَ آخر".
"نحن لا نخاف من أحد ولا ننزعج من شيء، ونعيش في اتكال كامل على الله. ولا يوجد لدينا خوف من الإسلام ولا نعرف الإسلاموفوبيا"، يؤكّد بطرس.
خوف من الواقع
تعود مخاوف الأقباط في مصر إلى أحداث متعددة في فترات زمنية مختلفة، مثل حوادث الاعتداء على الكنائس، وأبرزها تفجير كنيسة القديسين بالأسكندرية صبيحة أول أيام عام 2011، وكذلك حرق عدد من الكنائس بعيد فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في تموز/يوليو 2013. فضلاً عن الأحداث المرتبطة بأحكام بعينها كالحكم الصادر من محكمة جنح بني مزار بالسجن خمس سنوات لأربعة مسيحيين لاتهامهم بالسخرية من شعائر صلاة المسلمين، وتصوير مقطع فيديو يحرض على إثارة الفتن وتكدير السلم العام.
وفي نهاية عام 2015 خلال إحياء قداس عيد الميلاد، طمأن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أقباط مصر بشأن موقعهم ومستقبلهم، وجدّد وعده بالعمل على ترميم الكنائس التي تعرضت للحرق خلال السنوات الماضية.
ويقول د. كمال زاخر، المفكر القبطي ومنسق التيار العلماني في مصر لموقع (إرفع صوتك)، "بدايةً، أنا متحفظ على المصطلح نفسه لأن كلمة فوبيا تعني حالة ربما لا تجد ما يدعمها على الأرض، وبالتالي هي حالة نفسية عند من يحملها وليس عندنا إسلاموفوبيا".
ويعود المفكر القبطي إلى الواقع المصري منذ عام 1952، وكذلك ما بعد صعود الرئيس المصري السابق أنور السادات إلى كرسي السلطة "حيث كان هناك اتجاه لدعم الخلاية الراديكالية الإسلامية التقليدية في مواجهة تيارات اليسار والناصريين، وهؤلاء كان استهدافهم الأساسي للأقباط. ومن هنا فإن لدى الأقباط حالة خوف حقيقي من الواقع وليس من الإسلام، نتيجة توجهات هذه الجماعات الراديكالية والتي تأكدت بعد صعودهم للسلطة في السنة التي حكم فيها الإخوان مصر".
ويضيف زاخر أن هذه الحالة لا تزال موجودة بعد ثورة 30 حزيران/يونيو مع الإعتراف بأن الثورة لا تحمل عصا سحرية لتغيير واقع تجذر في المجتمع المصري.
"فوبيا اللحية"
أما ماركو ابرام، وهو مواطن قبطي فيقول لموقع (إرفع صوتك) إن كلمة "فوبيا" تعني الخوف المبالغ به، وهو أمر غير موجود لدى الأقباط في مصر.
وأضاف "طبعاً لن أردد الكلام الإنشائي عن التعايش، لأن الواقع أكبر بكثير، فالأقباط والمسلمين في مصر يتعايشون بشكل ودي ومتلاحم. وأنا شخصياً حياتي مليئة بهذا ولدي أصدقاء مسلمين أكثر من الأقباط. ولا يوجد أي نوع من التفرقة. نحن تجاوزنا هذه المرحلة".
وتابع "لا يوجد إسلاموفوبيا لكن نشعر بفوبيا اللحية، فالشخص الملتحي يعتبر سلفياً متشدداً" حسب رأيه، "وليس لديه تسامح".
وتؤكد ماريان رمزي لموقع (إرفع صوتك) التعايش "بشكل رائع" بين المسلمين والأقباط في مصر. وتقول "لا نخاف من الإسلام، لكن التخوف ربما يكون موجوداً من الإسلام السياسي".
وتشير إلى خبرتها وتعايشها مع المسلمين بشكل طبيعي جداً سواء في مجال العمل أو محل السكن. وتقول "هناك دور للسياسة في تشويه صورة الإسلام في الغرب، لكن كمواطنة مصرية لا أحس بأي نوع من الخوف سواء كان مبرراً أو غير مبرر".
*الصورة: كنيسة مريم العذراء في القاهرة/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659