بقلم علي قيس:
"لم تنجح العلاقات الطيبة التي بنيت خلال مئات السنين بين المسلمين والمسحيين في درء خطر الإعلام المتطرف"، حسب قول الأب رامي شاؤول سيمون، من دير (الآباء الدومينيكان) في بغداد. "بل انقلبت تلك العلاقات إلى شعور بالخوف من الإسلام يحيط بالمسيحيين، بسبب الجرائم التي ارتكبتها الجماعات المتطرفة بحق أبناء هذه الديانة".
ويشرح الأب شاؤول، وهو مدير (أكاديمية بغداد للعلوم الإنسانية) في حديث إلى موقع (إرفع صوتك) "عندما نقرأ التاريخ نجد أن كل الديانات والجماعات الدينية حاولت في فترات معينة الاستيلاء على التيار العام للمجتمع، وهذا حصل مع اليهودية والمسيحية والبوذية واليوم مع الإسلام".
وتابع "في بداية القرن الـ21 أصبح الإسلام على المحك فيما يخص قضايا العنف. ومع الأسف، المجتمع البسيط يتأثر كثيراً بالإعلام. وبالفعل هناك من يتهمون الإسلام بالعنف كديانة وكتوجه، نتيجة لتصرفات بعض الجماعات المتطرفة".
وحمّل الأب شاؤول وسائل الإعلام مسؤولية الاتهامات الموجهة إلى الإسلام، موضحاً "لأنها تعرض أخبار الانفجارات والقتل كحدث فقط من دون إعطاء الوقت للنقد والتحليل. المواطن عندما يسمعها تتولد لديه رؤية سيئة ولا يمكن أن يفكر أن نسبة المجرمين لا شيء قياساً إلى تعداد المسلمين الذي يتجاوز المليار".
وحول دور المؤسسة الدينية إزاء هذا الموضوع، أوضح الأب شاؤول "كل رجال الدين والمؤسسات الدينية مع الأسف ليس لها مواقف شجاعة وواضحة للدفاع عن الجوانب الإيجابية الموجودة في الإسلام من رحمة وتسامح، فهناك فرق بين الدفاع الذكي والبكاء أو لعب دور المظلوم".
وشدّد الأب شاؤول على أهمية نشر ثقافة التاريخ الديني، مشيراً إلى أن "المجتمعات فيها من يمتلك ذاكرة ضعيفة، خصوصاً الشعوب الفقيرة والبسيطة. وهناك من يجهل التاريخ لأن دراسته تحتاج إلى تحليل ونقد، وهذا أدى إلى تناسي العلاقة الطيبة بين المسلمين والمسيحيين خلال الفترات السابقة، وهنا تبرز مسؤولية المؤسسات الدينية والإعلامية".
وانتقد "التناقض الحكومي" في التعامل مع موضوع هجرة الأقليات، وأردف قائلاً "العراق يشهد هجرة المسلمين أيضاً، لكن بالنسبة للأقليات فإنه لم يتم الاهتمام بها ولو بمبادرات صغيرة، سواء من ناحية العمل أو الأمن أو حتى التشريع، ورأينا (المادة) 26 (من) القانون الذي يحول القاصر إلى مسلم، إذاً الدولة هي إحدى أسباب هجرتهم".
وقد أثارت المادة 26 من قانون البطاقة الوطنية الموحدة الذي أقره مجلس النواب العراقي أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2015 حفيظة الأقليات وجدلاً واسعاُ في العراق. وتنصّ المادة على أنّه "يجوز لغير المسلم تبديل دينه وفقاً للقانون. ويتبع الأولاد القاصرون في الدين من اعتنق الدين الإسلامي من الأبوين".
خسرنا أموالنا لنشتري أرواحنا
رافل قزانجي، شاب مسيحي عراقي من بغداد، ويقيم حالياً في العاصمة الأردنية عمان، قدم طلباً إلى منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة بإعادة توطينه في دولة أخرى، روى لموقع (إرفع صوتك) أسباب هجرته من العراق، وقال "لدي الكثير من الأصدقاء المسلمين رافقتهم منذ الصغر، لكن بسبب الأحداث أصبح لدي شيء من التخوف، لا سيما بعد أن بدأت أسمع أحاديث عن التطرف والمتطرفين. وفي ذات صباح استيقظت على خبر مقتل أحد أقاربي واستيلاء عناصر داعش على منزله في الموصل، لذا قررنا الهجرة أنا وعائلتي".
وأكد قزانجي أنه وعائلته خسروا الكثير من أموالهم بسبب الهجرة من أجل الحفاظ على حياتهم. وأضاف "بعنا منزلنا بسعر رخيص وكذلك سيارتي أنا وزوجتي. وقمت بتصفية بضاعة محلي بسعر زهيد جداً، من أجل الحفاظ على أرواحنا، فالكثير من أقاربنا أشرقت عليهم شمس الصباح وهم في قبضة المسلحين المتشددين".
واختتم رافل حديثه بالقول "لا يمكن أن أعمم صفة التطرف على جميع المسلمين، فلدي الكثير منهم ما زلت متواصلاً معهم سواء بالاتصال الهاتفي أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي. والأحداث التي تمر بها البلاد لا بد لها من نهاية، وعسى أن تكون نهايتها خيراً".
*الصورة: عراقية مسيحية تشارك في إقامة القداس الأسبوعي في أحد المخيمات في أربيل/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659