المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
تشير التقارير الصادرة في أوروبا حول ظاهرة أعمال العنف المعادية للإسلام أو ما يصطلح عليه بـ"الإسلاموفوبيا" إلى زيادة غير متوقعة في نسب معاداة المهاجرين المسلمين وخاصة المنحدرين من أصول عربية، فيما يعزو السبب إلى الهجمات الإرهابية التي كانت بعض الدول الأوروبية مسرحاً لها خلال السنوات الأخيرة.
إسلاموفوبيا فرنسية
وكشف تجمع مناهضة الإسلاموفوبيا بفرنسا في تقريره بخصوص عام 2016 الصادر مؤخراً تسجيل ارتفاع ملحوظ في عدد الاعتداءات والتهديدات العنصرية في حق المسلمين، يقدر بنسبة تفوق 18 بالمئة مقارنة بإحصائيات سنة 2014.
أرقام التقرير الذي ركز على فترة ما بين الهجومين الدمويين اللذين تعرضت لهما فرنسا بداية ونهاية العام الماضي، كشفت أن الاعتداءات العنصرية والتمييز تركزت بالأساس على النساء المحجبات، حيث فاقت نسبة الاعتداءات 74 بالمئة.
من جهة أخرى كشف تقرير حديث للمجلس الأوروبي عن تزايد مضطرد في ما أسماه جرائم الكراهية بفرنسا، إذ عبر عن قلقه حول ارتفاع وتيرة هذه "الجرائم" في المؤسسات الحكومية، مشيراً إلى أنها "أصبحت أمراً مألوفاً بشكل مقلق".
وكشف التقرير، الذي نشرته اللجنة الأوروبية لمناهضة العنصرية والتعصب التابعة للمجلس الأوروبي، أن ارتفاع نسبة العنصرية تسبب في زيادة حدة جرائم العداء والكراهية. كما أشار التقرير إلى أن ظاهرة الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية وأعمال العنف العنصرية شهدت تصاعداً مهما قارب نسبة 6 بالمئة خلال الفترة ما بين 2012 و2015.
ودعا المجلس الأوروبي السياسيين في فرنسا إلى تجنب الإدلاء بالتصريحات المعادية لبعض المجموعات، والتي قد تؤدي إلى بروز التوتر داخل المجتمع.
اعتداءات على المساجد في هولندا
وكانت عدة مساجد في هولندا قد تلقت رسائل متضمنة لعبارات مسيئة للإسلام وتهديدات للمسلمين، بحسب ما كشف عنه المجلس الأوروبي للعلماء المغاربة، حيث أصدر بياناً أدان فيه هذه التصرفات التي وصفها بالخطيرة، ودعا إلى عدم التساهل مع مرتكبيها.
كما دعا المجلس المسلمين إلى "التحلي بالحكمة في مواجهة تصاعد الخطابات المستفزة والتعاون مع المؤسسات الأوروبية الساهرة على قيم التعايش بين مختلف مكونات المجتمعات الأوروبية والمساهمة في تعزيز ثوابت الديموقراطية وحقوق الإنسان، وكذلك الانخراط الفعال في تحصين مبادئ المواطنة الأوروبية المستوعبة للتعدد وعدم التمييز بين المواطنين على أساس الدين أو العرق"، بحسب ما جاء في البيان.
داعش هو السبب
وعن أسباب هذا الارتفاع الملحوظ في نسب العداء ضد الإسلام والمسلمين، يقول الباحث في الشأن الديني المحجوب داسع، إنّ "عودة الإسلاموفوبيا بقوة إلى المشهد السياسي في أوروبا في الآونة الأخيرة يعود بالدرجة الأولى إلى أفعال تنظيم داعش التي يربطها بالإسلام، إضافة إلى محاولته الانتقام من الدول المشاركة في التحالف ضده. وهو ما فتح من جديد النقاش حول نظرة الأوروبيين للإسلام والمسلمين، فالجرائم التي يرتكبها التنظيم، والفيديوهات التي ينشرها على نطاق واسع، وضعت الجالية المسلمة بديار المهجر أمام فوهة وسائل الإعلام الأوروبية والغربية، التي لم تكف عن ربط وإلصاق ما حدث بالمسلمين، وتحميلهم المسؤولية في ما وقع".
للإعلام دور فيها
وأشار داسع في حديث لموقع (إرفع صوتك) إلى أن "وسائل الاعلام أسهمت أيضاً في تزايد حدة الإسلاموفوبيا من خلال التقارير التي تبثها القنوات التلفزيونية، وتنشرها كبريات الصحف والمواقع العالمية، والتي غالباً ما لا تتحرى الصدقية والمهنية خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالمسلمين أو باعتداءات يروج أن المسلمين متورطين فيها".
وأضاف المتحدث أن المسلمين القاطنين بدول الغرب هم الضحية الأولى لتزايد موجة الإسلاموفوبيا، حيث يتعرضون لاعتداءات وشتى أصناف الإهانة في الفضاءات العامة والشوارع والمؤسسات العمومية.
حلول لمواجهة الظاهرة
ولمواجهة استفحال ظاهرة الإسلاموفوبيا وما تخلفه من مشاكل داخل المجتمعات الغربية بين المسلمين وغيرهم، يقترح الباحث في الرابطة المحمدية للعلماء بالمغرب، عدة حلول، نوردها كما يلي:
أولاً: يتوجب على المسلمين إعطاء صورة مشرقة عن دينهم، وعن تاريخهم الإسلامي الحافل بقيم الوسطية والاعتدال والتسامح، إضافة إلى تعزيز ثقافة التسامح بين الشعوب لمواجهة محاولات تغذية الكراهية ضد الإسلام والمسلمين.
ثانياً: وضع مناهج تعليمية لترسيخ الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين في التفاهم المتبادل والتسامح والتعددية ولمد جسور التواصل بين الجاليات المسلمة في المهجر، بما يضمن تعزيز وحدتها وتضامنها في مواجهة حمى الكراهية والعنصرية.
ثالثاً: دعم البحث والتكوين في مجال الحوار والعلاقات بين الأديان لتعزيز المعرفة المتبادل ونبذ الغلو والتطرف.
رابعاً: يتوجب على الإعلام أن يلعب دوراً جوهرياً لمحاربة ظاهرة الإسلاموفوبيا، حيث يجب استخدام الوسائل الفعالة لمواجهتها، بإبراز الصورة الحقيقية للإسلام، ونشرها في العالم كله، واستثمارها في معالجة ظاهرة الخوف من الإسلام، بما يبطل دعاواها، ويفند شبهاتها ويدحض أباطيلها، ومواجهة الإعلام المزيف للحقائق، بالإعلام الصادق النزيه الموجّه لخدمة الحقيقة عن الإسلام والمسلمين.
*الصور: "وسائل الاعلام أسهمت أيضاً في تزايد حدة الإسلاموفوبيا"/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659