صنعاء – بقلم غمدان الدقيمي:
اختلفت ردود عدد من اليمنيين الذين يقطنون دولاً غربية بشأن الصورة النمطية ومدى اختلاف النظرة إليهم، في إطار تأثير الإسلاموفوبيا التي يتردد أنها اجتاحت غالبية دول العالم الغربي.
ولليمن خصوصيته في هذا الموضوع، حيث أسفرت قائمة من القضايا الإرهابية بانعكاسات سلبية على حرية المهاجرين من أصول أو جنسيات يمنية في الغرب.
فإلى جانب شمول اليمني بالعدائية باعتباره مسلم، يتضاعف الأمر عندما يتعلق بأصوله اليمنية التي تُعد في فكر تنظيم القاعدة "أرض المدد"، ومنها جَنَد رجل الدين المتشدد الأميركي الجنسية أنور العولقي، الذي قتل بغارة لطائرة أميركية من دون طيار بمحافظة الجوف نهاية العام 2011، العديد من المقاتلين الأجانب الذين شنوا هجمات دامية في بلدانهم.
مشاكل متفاوتة
"يعاني بعض اليمنيين هنا في روسيا مشاكل بدرجات متفاوتة لكونهم مسلمين. شخصياً لم أواجه مضايقات طوال فترة تواجدي التي تتجاوز ثلاث سنوات"، هكذا يقول ضياء العريفي، وهو طالب يمني انتقل إلى روسيا لاستكمال دراسته الجامعية.
يضيف العريفي، 24 عاماً، في حديثه لموقع (إرفع صوتك)، ”قبل الحرب الأخيرة في بلدي لم يكن كثير من الروس يعرفون حتى موقع اليمن".
تبدأ من المطارات
ضاعفت المطارات العالمية من قيود السفر على الوافدين والسلع القادمة من اليمن بصورة غير مسبوقة منذ إحباط عملية تفجير طائرة الركاب المتجهة من أمستردام إلى ديترويت الأميركية ليلة رأس السنة عام 2009، والمتهم فيها النيجيري عمر فاروق عبد المطلب، الذي تلقى تدريباً في اليمن.
"معاناة اليمنيين أثناء سفرهم إلى الولايات المتحدة الأمريكية تبدأ من المطارات. لا يسمحون لك بالدخول إلا بعد مساءلة واستجواب لا تقل عن ساعتين، لسبب بسيط وهو أنك قادم من بلد تنشط فيه التنظيمات الإرهابية. وهذا غير عادل في بلد معروف أنه يحترم الحريات الدينية"، قال آدم حزام، 22 عاماً، لموقع (إرفع صوتك).
"المشكلة أيضاً في المواطن الأميركي نفسه"، ويضيف حزام "إحدى قريباتي تحمل الجنسية الامريكية خرجت للتسوق الأسبوع الماضي كالعادة في أحد شوارع ولاية ممفيس، ولأنها ترتدي البالطو (ثوب أسود)، فاجأتها مواطنة أمريكية بقولها (أنتم المسلمون لماذا تأتون إلى بلدنا؟) ثم شتمت الدين الإسلامي".
ويعتقد الشاب العشريني أن مستقبلاً سيئاً بانتظار اليمنيين هناك خصوصاً إذا ما فاز المرشح الجمهوري دونالد ترامب، بمنصب رئاسة الجمهورية، لكونه يرفع شعارات معادية للمسلمين، على حد قوله.
صورة نمطية لجميع العرب
وفي أحدث العمليات العابرة للحدود التي ألقت بانعكاسات سلبية في أوروبا، تبني التنظيمات الجهادية في اليمن، الهجوم المسلح الذي استهدف صحيفة ”شارلي ابدو“ الفرنسية مطلع العام الماضي 2015، حيث يعتقد أن منفذي الهجوم الأخوين ”كواشي“ تلقيا تدريباً في الأراضي اليمنية.
لكن الواقع ليس سيئاً في بعض هذه الدول، وفقاً لأيمن نبيل، كاتب وباحث يمني في ألمانيا، والذي يقول لموقع (إرفع صوتك) ”لا توجد صورة نمطية خاصة باليمني لوحده في المجتمع الألماني، لأن اليمن ليس بلداً معروفاً دوماً هنا. ولا تشكل ألمانيا لليمنيين بلداً للاغتراب بقصد العمل، لكن لغرض الدراسة. وهذا جعل اليمنيين بعيدين عن التجارة المشبوهة والممارسات غير القانونية غالباً".
ويضيف نبيل "هناك صورة نمطية تشمل جميع العرب بسبب الحرب على الإرهاب وأزمة اللاجئين واستغلال اليمين المتطرف لهما. هنا أصبح العربي مشبوهاً إلى حد ما. تضاعفت بعض المشاكل أمام اليمني، وخاصة شرق ألمانيا، لكن بصورة عامة لا توجد أزمة كبرى في تعامل الألمان مع اليمنيين".
سلطة القانون
توافقه الرأي الصحافية والكاتبة اليمنية ميساء شجاع الدين، العائدة قبل أيام من زيارة إلى فرنسا، "خلال زيارتي وجدت أن الأوروبيين محكومين بقوانين قاسية تعاقب أي شيء قد يفسر أنه عنصري، لذا المسلمون محميون بسلطة القانون هناك، وهي سلطة عليا يصعب تجاوزها".
ولفتت شجاع الدين في حديثها لموقع (إرفع صوتك) إلى وجود أسلوب نمطي في التعامل مع المسلمات "البعض يتذمر عندما يرى محجبة أو لا يتجاوب معها لو سألته عن شيء. أحياناً يتم إيقافك في المطارات ويطلب منك إبراز دعوة الجهة التي استضافتك رغم أن لديك فيزا وليس من حقه القيام بذلك، لكن يظل كل هذا لا شيء يذكر أمام مضايقات العرب لنا في المطارات".
أسباب وحلول مقترحة
يُحمل هؤلاء وخبراء مهتمين الغرب والمجتمعات الإسلامية مسؤولية ظاهرة الإسلاموفوبيا، ويشددون على العديد من الحلول، بينها أن يجري العرب والمسلمين (واليمن ضمناً) إصلاحات ثقافية ودينية واجتماعية عميقة، تسمح بالانفتاح على العصر والانتقال إلى المدنية ومنع إقحام الدين بالسياسة وتعزيز العلمانية والقيم الجمهورية وحماية الأديان.
شجاع الدين، التي تُقيم في القاهرة، ترى أن هذه المشكلة "سياسية تتعلق بعداء طويل بسبب إرث استعماري، نحن ضحاياه“. وتدعو إلى "تعريف رسمي للإرهاب لا يقتصر فقط على بعض الجماعات حسب عدائها للغرب وليس حسب عنفها وعدوانيتها، والمزيد من التواصل الإعلامي والثقافي".
وتقول "الغرب نجح في فرض نمط حياته على العالم باعتباره النمط الأكثر نموذجية، بينما المسلمون ما زالوا يؤمنون باختلاف هويتهم وعاداتهم وسلوكياتهم مما يصعب من دمجهم ضمن المجتمعات الغربية".
بدوره يؤكد أيمن نبيل على ضرورة الاندماج أكثر في التشكيلات المدنية والحقوقية الألمانية وتوعية اليمنيين بالإبلاغ عن أي حادثة تعامل عنصري يتعرض لها مهما كانت صغيرة، "ألمانيا دولة لها مؤسسات قانونية جيدة. يمكن تشكيل قوى ضاغطة بإمكانها تغيير أو على الأقل مقاومة الصورة النمطية التي تتشكل حالياً عن العرب".
*الصورة: "هناك صورة نمطية تشمل جميع العرب بسبب الحرب على الإرهاب"/shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659