واشنطن - بقلم إلسي ملكونيان:
يعيش في الولايات المتحدة الأميركية حوالي مليوني شخص من أصول عربية وشرق أوسطية، يهدد وجودهم في المهجر تصرفات التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم داعش، واستهدافها للغرب في عدد من الهجمات الإرهابية.
ويرى افتخار أرسلان، المحامي المختص في القانون الدولي لحماية حقوق الإنسان، أن الأحداث الإرهابية ساهمت في تزايد ظاهرة الإسلاموفوبيا. وضرب مثلاً عن ذلك من خلال عمله كمحام في مجلس العلاقات الإسلامية-الأميركية، حيث كانت تصل المجلس حوالي 2000 حالة لجرائم الكراهية سنوياً، بينما زادت بحوالي تسع أضعاف في الفترة التي تلت 11 أيلول/سبتمبر 2001.
ندوة لمناقشة الإسلاموفوبيا
ولنقاش تزايد المواقف العدائية تجاه المسلمين التي وصلت لحد اعتبارهم خطراً على المجتمع، أقامت شبكة العرب الأميركيين في واشنطن ندوة بعنوان "الإسلاموفوبيا: تأمل وتمكين وتصرف". عُقدت الندوة يوم الأحد 20 آذار/مارس، وحضرها شبان من كافة أطياف المجتمع الأميركي.
وتحدّث خلالها مفكرون وخبراء أميركيون من أصول عربية وهم منال عمر وهي نائبة مدير مساعد في مركز الشرق الأوسط وأفريقيا، و نديم مازن وهو أحد أعضاء المنتخبين لعضوية المجلس المحلي لمدينة كامبريدج، ومها هلال وهي المديرة التنفيذية للائتلاف الوطني لحماية الحريات المدنية، وافتخار أرسلان، المحامي المعروف على صفحات التواصل الاجتماعي باسم (الرجل المسلم)، ومايا بري وهي المديرة التنفيذية للمعهد العربي الأميركي.
الأسباب والدوافع
دار النقاش بين الحضور والمتحدثين حول الأسباب التي نتجت عنها الاسلاموفوبيا. ورأى البعض أن الأحداث الراهنة التي يشهدها المجتمع الأميركي والتي شكلت الرأي العام جعلته يعيش حالة من الخوف من المسلمين. وقال المتحدثون إن المسلمين والعرب بصورة عامة لا يملكون المنبر المناسب لتصحيح هذه الأفكار كونهم أقلية في الولايات المتحدة، حيث يصل عددهم إلى 1.9 مليون شخص بحسب البيانات الأخيرة لمكتب الإحصاء الأميركي.
أما المشكلة الثانية، فهي متعلقة بالتغطية الإعلامية لشؤون الإسلام والمسلمين. وقصّ افتخار أرسلان على السامعين مثالاً عن هذا الأمر عندما تمت استضافته على قناة تلفزيونية على أعقاب حادثة شارلي إيبدو، فبعد أن قضى حوالي أربع دقائق يدين خلالها العمل الإرهابي، تفاجأ بمقدم البرنامج يسأله "هل تساند داعش؟".
أما المشكلة الثالثة فهي الإقرار بوجود هذه الظاهرة. في حين يسعى العالم لمحاربة المتطرفين، يرى المتحدثون أنه من الضروري على المجتمعات العربية والمسلمة فهم الإسلاموفوبيا والإقرار بوجود هذه الظاهرة من أجل محاربة المتطرفين. كما أنهم يعتقدون بأن هناك مبالغة في استخدام الدين لأنه وظف المجتمعات بطريقة غير سليمة وبخاصة في الأماكن التي شهدت الصراعات.
افتقار إلى المعرفة
تقول نور التي كانت ضمن الحضور لموقع (إرفع صوتك) "إنني كمسلمة أحتاج لمعرفة المزيد عن موضوع الإسلاموفوبيا. أتيت لأتعرف أكثر على أسباب هذه الظاهرة وكيف يمكن للناس الذين يعيشون خارج واشنطن، المدينة التي تجمع أناساً من كافة الثقافات، أن يتصرفوا حيالها"، مشيرة إلى أن التنوع في واشنطن يجعلها أكثر قبولاً للآخر، الأمر الذي قد يختلف في مناطق أخرى بحسب رأيها.
وتتبعها راشيل، من الحاضرات في الندوة كذلك، بقولها لموقع (إرفع صوتك) "لقد نشأت في مجتمع لا يحبذ فكرة التعايش مع المسلمين، فأتيت لأعرف كيف يمكننا مساعدتهم لكي لا يشعروا بأنّهم مستضعفون".
في حديث لموقع (إرفع صوتك) قالت جنين قطب وهي عضوة مجلس إدارة شبكة العرب الأميركيين "بدأنا بالتفكير في هذا الموضوع منذ حوالي شهرين أو ثلاثة على خلفية الانتخابات الأميركية. وارتأينا أن النقاش حول الإسلاموفوبيا يفتقر إلى المعرفة. وقررنا دعوة مفكرين ممن تفردوا في هذا المجال لكي نفكر كمجوعة أميركيين بحلول مناسبة".
"أعتقد أننا نجحنا في استقطاب شريحة مختلفة من الحضور. نحن لسنا منظمة دينية ولسنا مرتبطين بديانة معينة. لذلك نحرص على أن تكون نشاطاتنا مبنية على أساس علماني. وأنوه هنا إلى أن الإسلاموفوبيا ليست مشكلة تواجه الإسلام فحسب، بل تواجه الأقليات كافة"، حسب قطب.
لكن.. هناك ما يمكن فعله
سعى كل من المتحدثين والحضور إلى مناقشة السبل المثلى لتغيير نظرة موقف الغربيين من الإسلاموفوبيا. وأشار أرسلان إلى أنه يمكن للناس قلب الموازين وتغيير الرأي العام إن استعانوا بوسائل التواصل الاجتماعي للتعبيرعن آرائهم التي قد تتعارض مع ما تتناقله وسائل الإعلام وتغطيتهم لشؤون المسلمين.
وعن طرق التعامل مع الموضوع، تقول مها هلال في مداخلة لموقع (إرفع صوتك) "يتوجب علينا أن ننظر إلى هيكلية الإسلاموفوبيا، أي إلى الطريقة التي دخلت فيها النظام القانوني. وإن لم يتم هذا، أعتقد أن الحلول المطروحة ستفشل. الحكومة مسؤولة عن الطريقة التي يعامل بها المسلمون والأقليات الأخرى".
وبنظر هلال، تكمن المشكلة الأخرى في قلة التنظيم من قبل المجتمعات المدنية المعنية بالموضوع لمواجهة مشكلة الإسلاموفوبيا بشكل فاعل، "نعتقد جميعنا بأننا نعتمد السيناريو عينه في عملنا، لكننا حقيقة لا نفعل ذلك. وهذا يتطلب إمعاناً بثنايا الموضوع لنسأل: ما هو السيناريو الذي نحاول تناوله؟ ما الذي نمثله كمجتمع؟ كيف يمكننا محاربة الأفكار الشائعة والمسيطرة على الحوار كدولة علمانية. إننا لا نملك فكرة متجانسة عن ما يعنيه ذلك".
أما بالنسبة لنديم مازن، فإن هناك أشخاص يتخذون الإسلاموفوبيا ذريعة لجذب الانتباه، إلا أن هذا قد لا يعني بالضرورة أنهم يعادون الإسلام، رغم قولهم بأنه يمثل مشكلة كبيرة لأميركا. وفي مداخلة لموقع (إرفع صوتك)، يوضح مازن أن أحد حلول هذه المشكلة يكمن في "تمويل منظمات المجتمع المدني، دينية أو مدنية، كأن تبرم تعاوناً مع منظمة محلية لتكون قادرة على تغيير الوضع. فيمكنها بذلك أن تقول هذا ما حدث في الماضي وهذا ما سيحدث في المستقبل، أما الآن فلنؤمن المصادرة الكافية لدعم هؤلاء الناس (الذين تضرروا من الإسلاموفوبيا)".
الصورة: متحدثون خلال ندوة شبكة العرب الأميركيين/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659