الجزائر – بقلم أميل عمراوي:

أعادت تفجيرات بروكسل ذكريات أليمة في نفوس الجزائريين ممن عايشوا سنوات التسعينيات، حيث ارتكب إرهابيون جرائم كثيرة ضد المدنيين، وكانت تلك الفترة الأكثر دموية منذ استقلال البلاد العام 1962.

ومع ردود الفعل الدولية عموماً والعربية على وجه أخص، أوقع الخبر استياءً متجدداً لدى الجزائريين إزاء آلة القتل التي يشغلها المتشددون باسم الإسلام كلما اقتضت مصالحهم ذلك .

واختلفت الآراء بخصوص صور الخراب الذي خلفته تفجيرات بروكسل، حيث يرى البعض أن الوقت قد حان لانتهاج سياسة دولية موحّدة قوامها ضرب الإرهاب في معاقله "دونما رأفة" على حد تعبير دحماني نبيل، وهو طالب بكلية الآداب واللغات، قسم الإعلام في جامعة الجزائر.

الإرهاب.. لا دين ولا وطن له

على الرغم من كون نبيل لم يعايش سنوات التسعينيات، إلا أنه بحكم اختصاصه، كثيراً ما راجع بعض المواد الإعلامية التي تناولت الموضوع وخلص، كما يقول لموقع (إرفع صوتك)، إلى أنه لا بد من انتهاج قوة الردع حتى يتراجع كل من تسول له نفسه المساس بأمن الآخر سواء كان ذلك هنا (يقصد الجزائر) أم في الخارج .

وأضاف نبيل "أنا أرى أن الإرهاب لا دين ولا وطن له، وبالتالي يجب التعامل معه من هذا المنطلق. لا يمكن انتهاج سياسة تعسفية ضد المسلمين بسبب مجموعة من المرضى وسفاكي الدماء".

ولم يخفِ عمر حمدي وهو جزائري في العقد الثالث من عمره تخوفه من زيادة الإحساس بالكراهية تجاه العرب والمسلمين جراء الأحداث الأخيرة. وقال في حديث لموقع (إرفع صوتك) "لا أحد يمكن أن يبارك القتل مهما كانت الظروف، لكن ليس من المعقول كذلك تشخيص جميع المسلمين على أساس أنهم إرهابيون، لأن ذلك يمكن أن يضاعف الهوة التي بين العالمين العربي والغربي . لا بد من التفريق بين المتطرف والمعتدل لدى التعامل مع المسلمين في أوروبا عموماً و فرنسا خاصّةً.. لقد حدث ذلك عندنا سنة 1992"، في إشارة إلى تفجيرات مطار هواري بومدين ذاك العام التي راح ضحيتها أكثر من 123 شخصاً.

أما محمودي مصطفى، وهو شرطي متقاعد، فأكد أن صور الثلاثاء 22 آذار/مارس القادمة من بروكسل ذكرته بما عاشه خلال سنوات الإرهاب بالجزائر، وقال إنه يتذكر جيداً لما بُعث على جناح السرعة لتحصين مطار الجزائر الدولي ذات 26 من آب/أغسطس 1992.

وأضاف لموقع (إرفع صوتك) "كان المنظر مريعاً تماماً كالصور التي عرضت على الفضائيات عن تفجيرات مطار بروكسل. نفس المشاهد ونفس الأسى الذي تخلفه مثل هذه العمليات. يجب علينا جميعاً الاتحاد ضد هذا الطاعون، لا يهم الجنسية ولا الدين في مواجهة هذا الخبل".

أجواد الذاكرة الجزائرية

وصادف تنظيم جمعية "أجواد الذاكرة الجزائرية" احتفالية بباريس بمشاركة عدد من الفنانين المغتربين جراء التهديدات الإرهابية خلال "العشرية السوداء"، كما ينعت الجزائريون تسعينيات القرن الماضي.

وقالت الجمعية في بيان لها نشرته عبر "فيسبوك" ''نحتفل بيوم يبقى في الذاكرة، لشعب يقاتل لكن بالأخص يقاوم''.

وكتب الصحافي سليم أغار مقالاً بعنوان "من مطار الجزائر 1992 إلى مطار بروكسل 2016... الإرهاب لم يغير منهجه ". ويشير المقال إلى تأثر الجزائريين بما يقع الآن في مختلف البلدان من تفجيرات إرهابية وتضامنهم مع أهالي الضحايا. لكنه أعقب ذلك بتذكير المجتمع الدولي بالعزلة التي عاشتها الجزائر إبان سنين الدم وكيف وجدت البلاد نفسها وجهاً لوجه أمام آلة القتل الإرهابية. وكتب "كان علينا انتظار أحداث 11 أيلول/سبتمبر 2001 حتى يتفطن المجتمع الدولي لما كنا نعانيه ونحن نواجه الإسلاميين المتطرفين... إنّهم ثلة من المجانين لا عقل لهم ولا دين!".

وأضاف أغار "24 سنة بعد ذلك الحدث فإن التاريخ يعيد نفسه ويكتب صفحة متجددة عن طريقة عمل الإرهاب الذي يضرب دونما ضمير ليلفت الانتباه ويزرع الخوف في النفوس".

*الصورة: عناصر من الشرطة البلجيكية في أحد شوارع بروكسل/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل جديدة بشأن العملية المشتركة التي نفذتها قوات أميركية وعراقية مؤخرا ضد داعش، وأسفرت عن مقتل 15 من عناصر التنظيم المتشدد غربي العراق، في واحدة من أكبر العمليات لمكافحة الإرهاب في البلاد في السنوات الأخيرة.

وقالت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وعراقيين، إن سبعة جنود أميركيين تعرضوا لإصابات خلال العملية التي شارك بها أكثر من 200 جندي من كلا البلدين.

وأضافت أن العملية شملت مطاردة مسلحي داعش داخل أوكار تنتشر في مساحات واسعة وسط تضاريس نائية.

وذكر المسؤولون الأميركيون والعراقيون أن حجم ونطاق وتركيز العملية يسلط الضوء على عودة ظهور التنظيم المتشدد خلال الأشهر الأخيرة.

وفقا للصحيفة فقد كان الهدف الرئيسي للعملية هو الوصول لقائد ميداني كبير يشرف على عمليات تنظيم داعش في الشرق الأوسط وأوروبا.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) التي يقع الشرق الأوسط ضمن نطاق عملياتها، بأنها نفذت وقوات عراقية "غارة مشتركة في غرب العراق في الساعات الأولى من صباح يوم 29 أغسطس"، مما أسفر "عن مقتل 15 من عناصر داعش".

وأضافت في بيان أن "العملية استهدفت قادة داعش بهدف تعطيل وتقويض قدرات التنظيم على التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين العراقيين، وكذلك ضد الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها".

ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد القادة المستهدفين من داعش، بما في ذلك القيادي الكبير، لحين إجراء تحليل الحمض النووي لجثثهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن العملية جاءت في وقت أعلن رئيس الوزراء العراق محمد شياع السوداني وقادة الجيش العراقي أن بإمكان البلاد السيطرة على تهديدات داعش من دون مساعدة الولايات المتحدة.

وتتفاوض بغداد وواشنطن منذ عدة أشهر على اتفاق من شأنه إنهاء مهمة التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق، حيث يتواجد حوالي 2500 جندي أميركي.

ومع ذلك، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في يوليو أن عدد الهجمات التي تبنى داعش المسؤولية عنها في العراق وسوريا تزايد بشكل ملحوظ ويكاد يقترب من ضعف الهجمات التي حصلت العام الماضي.

وأعلن تنظيم داعش المسؤولية عن 153 هجوما في البلدين خلال النصف الأول من عام 2024، حسبما قالت القيادة المركزية الأميركية، من دون أن تقدم تفاصيل دقيقة عن أرقام الهجمات حسب كل بلد.

وتنقل الصحيفة عن مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر القول إن العراق نجح في احتواء تحديات داعش في السنوات الأخيرة، مع انخفاض وتيرة العمليات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق"، مضيفا أن "التعافي الواضح لداعش في سوريا المجاورة يثير قلقا كبيرا.

وأضاف ليستر: "لذا، فإن هذه الملاذات الآمنة القديمة لداعش، في صحراء الأنبار، ستحتاج إلى المتابعة بشكل مستمر، إذا كنا نريد تجنب تسرب داعش من سوريا إلى العراق في النهاية."

وأفاد مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى بأن الولايات المتحدة والقوات الحليفة الأخرى ساعدت القوات العراقية في تنفيذ أكثر من 250 عملية لمكافحة الإرهاب منذ أكتوبر الماضي.

لكن الصحيفة ذكرت أن هذه الغارة "لم تكن عادية" خاصة في ظل مشاركة  عدد كبير من القوات الأميركية الخاصة التي قادت الهجوم الأولي.

وتضيف الصحيفة أن أكثر من 100 عنصر من قوات العمليات الخاصة الأميركية وجنود آخرين بالإضافة لعدد أقل من الجنود العراقيين شاركوا في الهجوم الرئيسي الذي نفذ بواسطة طائرات الهليكوبتر.

وقالت السلطات العراقية في بيان إن العملية بدأت شرقي مجرى مائي يمر عبر صحراء الأنبار، في منطقة جنوب غرب الفلوجة.

وأكد جهاز المخابرات العراقي أن من القتلى "قيادات خطيرة كانوا يتخذون من صحراء الأنبار ملاذا لهم". وأشار إلى أنها بدأت بـ"ضربات جوية متتالية" لأربع مضافات يتواجد فيها الجهاديون، أعقبتها "عملية إنزال جوي في الموقع ثم اشتباك مع الإرهابيين".

وبحسب ليستر ومسؤولين أميركيين فقد استمرت العملية في اليوم التالي، مع مراقبة الطائرات المسيرة الأميركية للمنطقة، مؤكدين أن أكثر من 100 عنصر من القوات العراقية تايعوا الهجوم واعتقلوا اثنين من مسلحي داعش الذين فروا من الموقع في الليلة السابقة مع وثائق مالية ومعلومات عن التنظيم.

وتشير الصحيفة إلى أن محللين عسكريين أميركيين يدرسون المواد التي تم الاستيلاء عليها، والتي قال المسؤولون إنها قد تؤدي إلى غارات مستقبلية.