بغداد – بقلم ملاك أحمد:

المشكلة التي يعاني منها أغلبية اللاجئين العراقيين الآن هي ترسخ فكرة في الوعي الأوروبي مفادها أن "العراق أو الثقافة العراقية والواقع السياسي في البلاد مسؤولون بشكل أو بآخر عن نشوء وازدهار الفكر الإسلامي المتطرف المتمثل بداعش في المنطقة"، يقول باسم مردان، وهو كاتب يعمل في مجال الترجمة، في حديث لموقع (إرفع صوتك).

ويتابع "لا يُنظر إلى العراقي في الغرب على أنّه ضحية للإرهاب بقدر ما ينظر إليه على أنّه متساهل أو متواطئ أو حتى مسؤول بشكل او بآخر عن الفكر الذي أنتج هذا الإرهاب".

 الشعوب الأوروبية

هذا الفكر يعود بنظر مردان، الذي يقيم في النرويج منذ 11 سنة، إلى "ضعف التمثيل الثقافي العراقي في أغلب الدول الأوروبية مقارنة مع دول أخرى أو مجموعات أخرى عرفت الطريقة المثلى لمخاطبة العقل الأوروبي أو استغلال ظروفهم السياسية أو الاجتماعية للحصول على فرصة مخاطبة الرأي العام الأوروبي".

 ويبدو أنّ مخاوف العراقيين المقيمين في الدول الاسكندينافية تتمثل حسب مردان في تغير المزاج السياسي في هذه الدول من اليسار الاشتراكي إلى أحزاب يمين الوسط أو اليمين المتطرف. "ويمثل هذا ترجمة دقيقة لمخاوف الشارع الأوروبي المشروعة إلى حد ما من كل ما هو شرقي أو إسلامي بغض النظر عن الأبعاد المذهبية أو الدينية، فحتى شيعة ومسيحيو العراق من المغتربين مثلاً يعانون من عنصرية سوق العمل المتزايدة في هذه البلدان. نتحدث عن بلدان لم يكن مواطنوها وحتى قبل عشر سنوات يدركون الفرق بين العراق وإيران مثلاً".

 مجتمع في حالة دفاع

ويشير مردان إلى أنّه "من حسن الحظ، لم تتعرض الدول الاسكندينافية بعد إلى هجمات إرهابية، لكن يمكن تحسّس مخاوف الشارع من احتمالية وجود بلدانهم على إرهابين، خصوصاً وأنّ هذه البلدان غير معتادة على الإجراءات الأمنية المشددة. ففي النرويج مثلاً، من النادر أن يحمل رجال الشرطة أسلحة نارية قاتلة في أوقات عملهم اليومية. لكن ومع وصول الموجة الهائلة من اللاجئين الجدد، أصبح المجتمع في حالة دفاع عن قيمه وأسلوب حياته. وأصبح النقاش حول طريقة التعامل مع هؤلاء (خصوصاً بعد حالات التحرش الجنسية الجماعية في ألمانيا) هو الشغل الشاغل لهذا المجتمع، مما أتاح الفرصة لظهور آراء متطرفة لم تعتد المجتمعات الاسكندينافية على قبولها أو حتى سماعها في وسائل الإعلام العامة".

 ويضيف مردان "لسنا خائفين بعد من عنصرية الشارع من اعتداءات لفظية أو جسدية، لكننا مدركون أننا مقبلون على مرحلة مختلفة تكون فيها سياسات هذه الدول موجهة بشكل خاص نحو التقليل من الخطر المحتمل. وقد نكون مضطرين إلى التعايش مع المزيد من التشدد الأمني والعزلة الاجتماعية وبالتأكيد المزيد من عنصرية سوق العمل".

تزايد المشاعر المناهضة للمسلمين

وتثار مخاوف من أن تداعيات هجمات بروكسل الإرهابية الأخيرة ستضر باللاجئين العراقيين القدامى. ويقول أسيل حسن، وهو شاب يعمل في نصب أجهزة التكييف في ايطاليا، إنّ "الهجمات الإرهابية الأخيرة ستؤثر بلا شك على القرارات الأمنية والسياسية وعلى وجودنا، وبالتالي تعرضنا لمزيد من الضغوط".

 ويضيف حسن الذي يقيم في إيطاليا منذ تسع سنوات، في حديث لموقع (إرفع صوتك) "حتى الآن، لم تمارس السلطات الإيطالية ضغوطاَ على اللاجئين القدامى، وإنما فقط على لاجئي ما بعد العام 2012، لكن مخاوفنا تكمن في زيادة الهجمات الإرهابية التي ستشجع على تزايد المشاعر المناهضة لوجودنا كمسلمين".

سندفع الثمن غالياَ

"لم أستغرب ما حدث"، يقول محمد رعد وهو شاب يقيم في ألمانيا منذ سبعة أعوام، في حديث لموقع (إرفع صوتك). "أتوقع المزيد من الهجمات الإرهابية المماثلة التي ستؤجج مشاعر العداء والكراهية ضد اللاجئين من المسلمين".

ويضيف "تزايد أعداد اللاجئين في الآونة الاخيرة أسهم كثيراً في تفاقم الأزمة على المسلمين، وسندفع الثمن غالياً إذا لم نقف لمواجهة التنظيمات الإرهابية".

 *الصورة: عربة للأمن البلجيكي تقف أمام أحد المطاعم في العاصمة بروكسل/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل جديدة بشأن العملية المشتركة التي نفذتها قوات أميركية وعراقية مؤخرا ضد داعش، وأسفرت عن مقتل 15 من عناصر التنظيم المتشدد غربي العراق، في واحدة من أكبر العمليات لمكافحة الإرهاب في البلاد في السنوات الأخيرة.

وقالت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وعراقيين، إن سبعة جنود أميركيين تعرضوا لإصابات خلال العملية التي شارك بها أكثر من 200 جندي من كلا البلدين.

وأضافت أن العملية شملت مطاردة مسلحي داعش داخل أوكار تنتشر في مساحات واسعة وسط تضاريس نائية.

وذكر المسؤولون الأميركيون والعراقيون أن حجم ونطاق وتركيز العملية يسلط الضوء على عودة ظهور التنظيم المتشدد خلال الأشهر الأخيرة.

وفقا للصحيفة فقد كان الهدف الرئيسي للعملية هو الوصول لقائد ميداني كبير يشرف على عمليات تنظيم داعش في الشرق الأوسط وأوروبا.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) التي يقع الشرق الأوسط ضمن نطاق عملياتها، بأنها نفذت وقوات عراقية "غارة مشتركة في غرب العراق في الساعات الأولى من صباح يوم 29 أغسطس"، مما أسفر "عن مقتل 15 من عناصر داعش".

وأضافت في بيان أن "العملية استهدفت قادة داعش بهدف تعطيل وتقويض قدرات التنظيم على التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين العراقيين، وكذلك ضد الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها".

ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد القادة المستهدفين من داعش، بما في ذلك القيادي الكبير، لحين إجراء تحليل الحمض النووي لجثثهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن العملية جاءت في وقت أعلن رئيس الوزراء العراق محمد شياع السوداني وقادة الجيش العراقي أن بإمكان البلاد السيطرة على تهديدات داعش من دون مساعدة الولايات المتحدة.

وتتفاوض بغداد وواشنطن منذ عدة أشهر على اتفاق من شأنه إنهاء مهمة التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق، حيث يتواجد حوالي 2500 جندي أميركي.

ومع ذلك، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في يوليو أن عدد الهجمات التي تبنى داعش المسؤولية عنها في العراق وسوريا تزايد بشكل ملحوظ ويكاد يقترب من ضعف الهجمات التي حصلت العام الماضي.

وأعلن تنظيم داعش المسؤولية عن 153 هجوما في البلدين خلال النصف الأول من عام 2024، حسبما قالت القيادة المركزية الأميركية، من دون أن تقدم تفاصيل دقيقة عن أرقام الهجمات حسب كل بلد.

وتنقل الصحيفة عن مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر القول إن العراق نجح في احتواء تحديات داعش في السنوات الأخيرة، مع انخفاض وتيرة العمليات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق"، مضيفا أن "التعافي الواضح لداعش في سوريا المجاورة يثير قلقا كبيرا.

وأضاف ليستر: "لذا، فإن هذه الملاذات الآمنة القديمة لداعش، في صحراء الأنبار، ستحتاج إلى المتابعة بشكل مستمر، إذا كنا نريد تجنب تسرب داعش من سوريا إلى العراق في النهاية."

وأفاد مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى بأن الولايات المتحدة والقوات الحليفة الأخرى ساعدت القوات العراقية في تنفيذ أكثر من 250 عملية لمكافحة الإرهاب منذ أكتوبر الماضي.

لكن الصحيفة ذكرت أن هذه الغارة "لم تكن عادية" خاصة في ظل مشاركة  عدد كبير من القوات الأميركية الخاصة التي قادت الهجوم الأولي.

وتضيف الصحيفة أن أكثر من 100 عنصر من قوات العمليات الخاصة الأميركية وجنود آخرين بالإضافة لعدد أقل من الجنود العراقيين شاركوا في الهجوم الرئيسي الذي نفذ بواسطة طائرات الهليكوبتر.

وقالت السلطات العراقية في بيان إن العملية بدأت شرقي مجرى مائي يمر عبر صحراء الأنبار، في منطقة جنوب غرب الفلوجة.

وأكد جهاز المخابرات العراقي أن من القتلى "قيادات خطيرة كانوا يتخذون من صحراء الأنبار ملاذا لهم". وأشار إلى أنها بدأت بـ"ضربات جوية متتالية" لأربع مضافات يتواجد فيها الجهاديون، أعقبتها "عملية إنزال جوي في الموقع ثم اشتباك مع الإرهابيين".

وبحسب ليستر ومسؤولين أميركيين فقد استمرت العملية في اليوم التالي، مع مراقبة الطائرات المسيرة الأميركية للمنطقة، مؤكدين أن أكثر من 100 عنصر من القوات العراقية تايعوا الهجوم واعتقلوا اثنين من مسلحي داعش الذين فروا من الموقع في الليلة السابقة مع وثائق مالية ومعلومات عن التنظيم.

وتشير الصحيفة إلى أن محللين عسكريين أميركيين يدرسون المواد التي تم الاستيلاء عليها، والتي قال المسؤولون إنها قد تؤدي إلى غارات مستقبلية.