صنعاء- بقلم غمدان الدقيمي:

ظروف اقتصادية صعبة دفعت بشاب عشريني في مدينة عدن للارتماء في أحضان جماعات إرهابية، بحسب ما يروي صديقه، بينما أسرته لا تزال مصدومة حتى اللحظة.

معاذ أنور عبده مرشد، 21 عاماً، كان أحد الشباب الأربعة، على الأقل، الذين غرر بهم تنظيم داعش، ودفعهم لتنفيذ الهجمات الإرهابية المروعة التي استهدفت مقرات الحكومة اليمنية، والقوات الإماراتية، في مدينة عدن في 6 تشرين أول/أكتوبر 2015، وأسفرت عن مقتل 15 جندياً بينهم أربعة إماراتيين وسعودي.

الحكاية كما يرويها صديقه

لم يكن معاذ قد انخرط قبل عام من الآن في صفوف التنظيم الجهادي، كما يقول صديقه منذ الطفولة محمد السبراتي، 23 عاماً، لموقع (إرفع صوتك). ”كنا أكثر من أصدقاء، بحكم أننا أبناء حي واحد (حي الشيخ اسحاق في مديرية المعلا، جنوبي عدن). لم يكن يفكر إطلاقاً في الانخراط بالجماعات الإرهابية. وقبيل سيطرة الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق على المعلا (مطلع نيسان/أبريل 2015)، حاول معاذ مراراً العبور إلى الخارج بإحدى سفن إجلاء الرعايا الأجانب. كان يريد الهجرة إلى السعودية للحصول على فرصة عمل، لكنه فشل لافتقاره جواز سفر".

"في المنصورة، التقيت معاذ مرة أو مرتين فقط بداية فترة الحرب، ثم اختفى لعدة أشهر"، وفقاً للسبراتي، الذي ما زال مصدوماً وعانى الكثير على خلفية تنفيذ صديقه تلك الهجمة الدامية.

”كنت أذهب إلى المدرسة التي نزح إليها معاذ وأسرته أسأل عنه. ولاحقاً عقب عودتنا إلى منازلنا، بعد استعادة القوات الحكومية والتحالف اجزاء واسعة من عدن (منتصف حزيران/يوليو 2015) كنت أذهب إلى منزلهم في المعلا ولا أجده. يقولون لي إنّه يقاتل مع المقاومة ولا يعود سوى الفجر ويغادر ظهراً كل يوم. انقطع عنا تماماً لعدة اشهر بشكل غير مسبوق".

رفض إخباري عن أصدقائه الجدد

وتابع محمد السبراتي، وهو طالب سنة رابعة تخصص هندسة اتصالات في المعهد التقني بعدن، "في أحد أيام شهر رمضان (تموز/يوليو 2015)، ظهر معاذ فجأة وأخبرني أنه موجود في عدن، لكنني لم أره، وطال غيابه فشككت أنه بالفعل سافر إلى حضرموت، وانخرط في صفوف الجماعات المتشددة هناك. ورفض يومها إخباري عن أصدقائه الجدد".

وقال "آخر مرة التقيته يوم عيد الفطر، اتفقنا أن نخرج لنمشي سوياً كما كنا قبل الحرب، لكنه اختفى إلى الأبد".

"لم أستوعب الموقف حتى عندما أطلعني الأصدقاء على صوره! لم يكن هذا معاذ الذي عرفته!" هكذا يصف محمد السبراتي مشاعره وصدمته يوم تنفيذ معاذ للعملية الانتحارية على فندق القصر (مقر إقامة نائب الرئيس اليمني ورئيس الحكومة خالد بحاح وحكومته).

"كان معاذ شاباً لطيفاً يريد أن يعيش" حسب السبراتي الذي يكمل "وبسبب ظروفه السيئة وعدم حصوله على فرصة عمل والحرب التي فُرضت علينا دفعت لاستغلاله من قبل جماعة داعش الإرهابية. لكني لا أبرر له جريمته. ارتكب جريمة كبرى لا تمت للدين الإسلامي بصلة".

نظرة مجتمعية قاصرة

"تضررت كثيراً من تلك العملية التي انعكست علي بشكل سلبي، اضطررت للانعزال في البيت لفترة طويلة، لأن الجيران والناس كانوا ينظرون إليّ كأنّني الانتحاري القادم كوني صديق معاذ. عشت أياماً سيئة جداً، لكنني تجاوزت ذلك خلال الاسابيع الأخيرة"، أضاف السبراتي في شهادته لـ(إرفع صوتك).

وينتمي معاذ أنور إلى إحدى قرى شرعب شمالي غرب مدينة تعز. لكنه تلقى تعليمه الأساسي والثانوي والعالي في مدينة عدن (كان طالباً في السنة الثالثة تخصص كهرباء ميكانيكية في المعهد التقني)، التي تتخذها حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي عاصمة مؤقتة لها منذ عام.

ورفض شقيق معاذ التحدث لـ(إرفع صوتك) حول القصة. "نسينا هذا الموضوع ونسينا معاذ. بالكاد هدأت والدتي من المرض منذ العملية، لا نريد أن تعود إلى مرضها من جديد"، وفضل عدم ذكر اسمه، معتذراً عن ذكر أي تفاصيل أخرى.

مسؤولية الحكومة

ويبدي محمد السبراتي حزناً شديداً على فقدان صديقه الذي يعاتبه في المقابل على ارتكاب تلك الجريمة، لكنه أيضاً يحمل الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً الجزء الأكبر من المسؤولية. "يجب على الحكومة أن تنظر بمسؤولية لمعاناة الشباب وتعالج مشاكلهم، حينها سيختفي الإرهاب فوراً وستفشل هذه الجماعات في استقطاب الشباب".

*الصورة: تفجير سابق في اليمن/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل جديدة بشأن العملية المشتركة التي نفذتها قوات أميركية وعراقية مؤخرا ضد داعش، وأسفرت عن مقتل 15 من عناصر التنظيم المتشدد غربي العراق، في واحدة من أكبر العمليات لمكافحة الإرهاب في البلاد في السنوات الأخيرة.

وقالت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وعراقيين، إن سبعة جنود أميركيين تعرضوا لإصابات خلال العملية التي شارك بها أكثر من 200 جندي من كلا البلدين.

وأضافت أن العملية شملت مطاردة مسلحي داعش داخل أوكار تنتشر في مساحات واسعة وسط تضاريس نائية.

وذكر المسؤولون الأميركيون والعراقيون أن حجم ونطاق وتركيز العملية يسلط الضوء على عودة ظهور التنظيم المتشدد خلال الأشهر الأخيرة.

وفقا للصحيفة فقد كان الهدف الرئيسي للعملية هو الوصول لقائد ميداني كبير يشرف على عمليات تنظيم داعش في الشرق الأوسط وأوروبا.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) التي يقع الشرق الأوسط ضمن نطاق عملياتها، بأنها نفذت وقوات عراقية "غارة مشتركة في غرب العراق في الساعات الأولى من صباح يوم 29 أغسطس"، مما أسفر "عن مقتل 15 من عناصر داعش".

وأضافت في بيان أن "العملية استهدفت قادة داعش بهدف تعطيل وتقويض قدرات التنظيم على التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين العراقيين، وكذلك ضد الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها".

ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد القادة المستهدفين من داعش، بما في ذلك القيادي الكبير، لحين إجراء تحليل الحمض النووي لجثثهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن العملية جاءت في وقت أعلن رئيس الوزراء العراق محمد شياع السوداني وقادة الجيش العراقي أن بإمكان البلاد السيطرة على تهديدات داعش من دون مساعدة الولايات المتحدة.

وتتفاوض بغداد وواشنطن منذ عدة أشهر على اتفاق من شأنه إنهاء مهمة التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق، حيث يتواجد حوالي 2500 جندي أميركي.

ومع ذلك، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في يوليو أن عدد الهجمات التي تبنى داعش المسؤولية عنها في العراق وسوريا تزايد بشكل ملحوظ ويكاد يقترب من ضعف الهجمات التي حصلت العام الماضي.

وأعلن تنظيم داعش المسؤولية عن 153 هجوما في البلدين خلال النصف الأول من عام 2024، حسبما قالت القيادة المركزية الأميركية، من دون أن تقدم تفاصيل دقيقة عن أرقام الهجمات حسب كل بلد.

وتنقل الصحيفة عن مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر القول إن العراق نجح في احتواء تحديات داعش في السنوات الأخيرة، مع انخفاض وتيرة العمليات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق"، مضيفا أن "التعافي الواضح لداعش في سوريا المجاورة يثير قلقا كبيرا.

وأضاف ليستر: "لذا، فإن هذه الملاذات الآمنة القديمة لداعش، في صحراء الأنبار، ستحتاج إلى المتابعة بشكل مستمر، إذا كنا نريد تجنب تسرب داعش من سوريا إلى العراق في النهاية."

وأفاد مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى بأن الولايات المتحدة والقوات الحليفة الأخرى ساعدت القوات العراقية في تنفيذ أكثر من 250 عملية لمكافحة الإرهاب منذ أكتوبر الماضي.

لكن الصحيفة ذكرت أن هذه الغارة "لم تكن عادية" خاصة في ظل مشاركة  عدد كبير من القوات الأميركية الخاصة التي قادت الهجوم الأولي.

وتضيف الصحيفة أن أكثر من 100 عنصر من قوات العمليات الخاصة الأميركية وجنود آخرين بالإضافة لعدد أقل من الجنود العراقيين شاركوا في الهجوم الرئيسي الذي نفذ بواسطة طائرات الهليكوبتر.

وقالت السلطات العراقية في بيان إن العملية بدأت شرقي مجرى مائي يمر عبر صحراء الأنبار، في منطقة جنوب غرب الفلوجة.

وأكد جهاز المخابرات العراقي أن من القتلى "قيادات خطيرة كانوا يتخذون من صحراء الأنبار ملاذا لهم". وأشار إلى أنها بدأت بـ"ضربات جوية متتالية" لأربع مضافات يتواجد فيها الجهاديون، أعقبتها "عملية إنزال جوي في الموقع ثم اشتباك مع الإرهابيين".

وبحسب ليستر ومسؤولين أميركيين فقد استمرت العملية في اليوم التالي، مع مراقبة الطائرات المسيرة الأميركية للمنطقة، مؤكدين أن أكثر من 100 عنصر من القوات العراقية تايعوا الهجوم واعتقلوا اثنين من مسلحي داعش الذين فروا من الموقع في الليلة السابقة مع وثائق مالية ومعلومات عن التنظيم.

وتشير الصحيفة إلى أن محللين عسكريين أميركيين يدرسون المواد التي تم الاستيلاء عليها، والتي قال المسؤولون إنها قد تؤدي إلى غارات مستقبلية.