الأردن – بقلم صالح قشطة:
يعيش المواطنون في الأردن في حالة من التفاهم والتناغم فيما بينهم، رغم انتمائهم لأعراق وطوائف وأصول مختلفة. كما أن هناك علاقة طيبة بين المسلمين والمسيحيين سوى بعض الاعتراضات التي قد تظهر بين الحين والآخر.
وقد أفضت دراسة إحصائية أعدها الأب د. حنا كلداني إلى أن عدد المسيحيين الأردنيين المقيمين في الأردن يقدّر بـ 239,003 فرداً، أي ما نسبته 3.68 في المئة من عدد سكان الأردن المفترض لعام 2014/2015، والبالغ ستة ملايين و500 ألف نسمة.
ويجمع المسيحيون الذين التقى بهم موقع (إرفع صوتك) على أنّهم يعيشون مع المسلم ضمن علاقات أخوية لا يمارس أي من أطرافها أي اضطهاد أو تمييز ضد الآخر، ولا يعطي أي منهما الحق لنفسه بالتعدي على الآخر أو على أي من حرياته بأي شكل من الأشكال.
كلانا يتشارك نفس الوطن..
يرى جيريس الداوود وهو شاب في العقد الثالث من عمره يعمل في إحدى الإذاعات المحلية، أن لا فرق بينه وبين المسلم في الأردن ولا يوجد لديه أي تخوف منه، "فكلانا يتشارك هذا الوطن وتقع علينا ذات المسؤوليات، ولا أحد منا كان موجوداً قبل الآخر في الأردن".
ويقول لموقع (إرفع صوتك) "أعلم أن داعش وكل تلك التنظيمات التي على شاكلتها ليست إسلامية، ولا تشبه المسلمين الذين عشت معهم طوال حياتي"، مضيفاً "صديقي المفضل منذ كنت في صفي الأول في المدرسة مسلم، وقد كنت المسيحي الوحيد في مدرستي التي كانت تحوي أكثر من 500 طالب".
وحول ملامح التعايش بين المسيحي والمسلم في الأردن، يتابع جيريس قائلاً "في رمضان لا آكل ولا أشرب نهاراً في منازلهم ومع عائلاتهم، ليس بسبب منعي من ذلك، بل مراعاةً لشعور زملائي وأصدقائي المسلمين، وأيضاً لرغبتي بمشاركتهم هذا الشعور لبعض أيام الشهر، وكثيراً ما ألبي دعواتهم لي لمشاركتهم طعام الإفطار في منازلهم ومع عائلاتهم، لم يسبق وأن أشعرني أي منهم أن هناك أي اختلاف بيننا"، ليضيف "وكذلك في أعيادنا أجدهم أول من يحرص على تهنئتي أنا وعائلتي، ولا أتوقع أنه يوجد مكان للتخوف وللإسلاموفوبيا في هذا النوع من العلاقات الأخوية".
الغرب لا يعرف المسلم كما نعرفه نحن
أما نادين، وهي عشرينية تعمل في إحدى الشركات الخاصة، واخترت استخدام اسمها الأول فقط، فتقول لموقع (إرفع صوتك) "الغرب لا يعرف المسلم كما نعرفه نحن، ونحن نعيش في حب وسلام وبشكل متناغم سوياً ولا نحس بأي تمييز. أحياناً نسمع بعض التعليقات التي لا نسعد لسماعها والتي تشكك بإيماننا، لكن نحن نتجاهلها بالتأكيد، فهي تصدر من أشخاص متطرفين وغير مثقفين، ويتعرض لها بعض المسلمين المعتدلين أيضاّ. فمن يشكك بإيمان ابن دينه بسبب اعتداله وإنسانيته لا نستغرب منه الإساءة إلى الآخر".
وبالنسبة لجورج برهم، وهو صحافي يعمل في إحدى أشهر القنوات التلفزيونية المحلية، فهو لا يجد أي إشكال أو تخوف في تعامله مع أي مسلم.
ويشرح وجهة نظره قائلاً "كمسيحي أردني، لدي إرث تاريخي أفخر به في التعامل مع المسلمين الأردنيين. لم يكن يوماً ولن يكون لدي أي تخوفات أو حتى اختلاف في التعامل مع أي شخص فقط لأنه مسلم، فكل شخص يمثل نفسه وأفكاره"، ليختم حديثه "لكن أنا أؤمن بأن الجماعات المتطرفة ليست مسلمة، لكن بنفس الوقت من صنعها استطاع صناعة إسلاموفوبيا في كل العالم، واستطاع المساهمة بشكل كبير في تشويه صورة الإسلام الحقيقية".
لا إسلاموفوبيا لدى مسيحيي الأردن
وفي هذا الشأن، يقول الأب رفعت بدر، مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، لموقع (إرفع صوتك) "لا يوجد إسلاموفوبيا لدى مسيحيي الأردن طبعاً، لأننا ندرك بأن هذه الحرب ليست حرباً دينية وليست حرباً موجهة ضد الديانة المسيحية. هي طبعاً حركات متطرفة تحاول تشويه الإنسانية ككل، وبالتالي المسلم مع المسيحي هنا يواجهون تحدي الحركات المتطرفة معاً".
ويضيف الأب رفعت بدر "كمسيحي أنا أصلي من هنا، ولم آت من بلد بعيد، والمسلم هو أيضاً مواطن هنا ولم يأت بشكل طارئ، لذلك تختلف هذه الشراكة الحضارية التاريخية عن حالة المسلم الموجود في الغرب، الذي لا تربطه صلات المواطنة مع المواطنين الأصليين. لذلك يحدث هذا الخوف من الآخر في المجتمعات الغربية، لكنه ليس موجوداً والحمد لله في مجتمعنا الأردني المتماسك منذ نشأته، وسيبقى متماسكاً. فكما أقول دائماً، الوحدة الوطنية واللحمة الوطنية هي الكنز الكبير وهي العامل الأساسي لاستقرار الأردن".
*الصورة: جامع وكنيسة مجاورين في منطقة العبدلي وسط العاصمة عمان/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659