الأردن – بقلم صالح قشطة:
في وقت تتصدر فيه الجماعات المتطرفة المشهد في العديد من بلدان المنطقة العربية الإسلامية، تعمل المملكة الأردنية على الحفاظ على استقرارها والتصدّي لظاهرة الإسلاموفوبيا التي باتت منتشرة في العالم الغربي وحتى العربي أحياناً.
لهذه الأسباب يحرص العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني في خطاباته ومشاركاته في مختلف المحافل الدولية إلى توضيح اللبس الحاصل، وإظهار الصورة الحقيقية للإسلام، داعياً إلى تكاتف الجهود من أجل مواجهة تلك الصورة المشوهة والتي أدت إلى خلق تخوف من الإسلام لدى من يتابع أخبار المنطقة من الغرب.
وكان الملك عبد الله قد تحدّث في جلسة عقدها مجلس الأمن في نيويورك خلال شهر أيلول/سبتمبر 2014 عن التهديدات التي تواجه السلم والأمن العالميين بفعل الأعمال الإرهابية، ودعا الشخصيات المرجعية في كل دين ودولة أن يرفعوا صوتهم ضد التعصب وتشويه الدين.
وقد قال الملك "لقد أوضحت أنا وآخرون، أن داعش وما يتعلق بها من أيديولوجيات لا علاقة لها بالإسلام. وفي الوقت ذاته، يجب أن نكافح كل أشكال الإسلاموفوبيا. وقد قاد الأردن مبادرات الحوار بين الأديان، ونعمل الآن على تقديم مشروع قرار لمجلس الأمن من شأنه وقف الاستهداف المنظم للطوائف الدينية".
صورة المسلم في الغرب
د. حسين الرواشدة، الكاتب في جريدة الدستور الأردنية، والمتخصص في قضايا الحركات الإسلامية السياسية والجهادية، يرى أن هذه الموجة من الحذر من كل ما هو إسلامي لم تكن وليدة اللحظة، بل كانت نتاج تراكمي لأحداثٍ عدة شهدتها المنطقة منذ عقدين على الأقل.
ويقول لموقع (إرفع صوتك) "موضوع الإسلاموفوبيا ليس جديداً، لكن كمصطلح فهو موجود منذ التسعينيات. وقد بدأ هذا الخوف من الإسلام في الغرب بعد الثورة الإيرانية في نهاية السبعينات، ونلاحظ أن صورة الإنسان المسلم في الغرب بدأ يعاد النظر فيها، خاصة مع زيادة الأقليات الإسلامية وازدياد أعداد المسلمين والعرب في الغرب. بدأت التساؤلات، والتي هي مشروعة، حول ما هوية هؤلاء؟ وهل يشكلون خطراً على مجتمعاتهم؟ هل يستطيعون أن يندمجوا في هذه المجتمعات؟".
وحول صورة المسلم في الغرب، يقول الرواشدة "هي ليست واضحة تماماً، ولا يمكن تعميم الصورة بأن المسلم إرهابي كما يراه البعض، لكن علينا أن نتذكر أنّ هناك صدام تاريخي بين الحضارات، سواء كانت الحضارة العربية الإسلامية أو الحضارة الغربية، شهدنا حولها العديد مجموعة من الحملات والدراسات الاستشراقية، في حقبة الاستعمار وما بعد الاستعمار، ما ولّد نوعاً من الفجوة الحضارية بين العربي المسلم وبين الغرب"، مشدداً "نحن بحاجة إلى حوار ثقافات وحوار حضارات، حتى نردم هذه الفجوة".
جهود لتصحيح صورة الإسلام
ويرى الرواشدة أن مواجهة هذا التخوف من الإسلام تتطلب تعاوناً جاداً من قبل جميع الأطراف وفي كافة المجالات، مشيراً "أعتقد أن رسالة عمان التي أطلقها العاهل الأردني في وقتٍ سابق، كان لها دور هام في إبراز الصورة الحقيقية للإسلام".
وبحسب موقعها الرسمي، تسعى رسالة عمان إلى "أن تعلن على الملأ حقيقة الإسلام وما هو الإسلام الحقيقي، وتنقية ما علق بالإسلام مما ليس فيه، والأعمال التي تمثّله وتلك التي لا تمثّله. وكان هدفها أن توضح للعالم الحديث الطبيعة الحقيقية للإسلام وطبيعة الإسلام الحقيقي".
والرسالة موجودة على الموقع باللغتين العربية والإنجليزية وتتضمّن كذلك كتاباً حول الحب في القرآن.
ويشير الرواشدة إلى جهود في المجتمع المدني الأردني تمثلت بإطلاق مجموعة من الحوارات على صعيد الحوار الإسلامي المسيحي، "فقد عقدنا أكثر من ثلاثين ندوةً حوارية مع أربع كنائس غربية، وكان الحوار مثمراً وجدّياً. وعقدنا أيضاً حواراً للثقافات مع مجموعة مثقفين غربيين، وحاولنا إيصال صورة الإسلام الحقيقي، لأن من يتحمل مسؤولية إبراز الصورة هم الطرف المستهدف، وأنا أعتقد أن العالم الإسلامي هو الطرف المستهدف".
إعادة رسم صورة العالم الإسلامي
من ناحية أخرى، يقدّم المفكر الإسلامي وأستاذ الشريعة الإسلامية في الجامعة الأردنية د. وائل عربيات، بعض الحلول لمواجهة موجة "الإسلاموفوبيا" الحالية، والتي يرى أن تطبيقها قد يساهم في إعادة رسم صورة العالم الإسلامي من جديد.
ويقول لموقع (إرفع صوتك) "يجب على المؤسسات بشكل عام أن تتبنى الأفراد، وأقصد المؤسسات الدينية، كالأوقاف الإسلامية، وأيضاً مؤسسات المجتمع المحلي، كوزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية بشكل عام، مؤسسات الشباب، التربية والتعليم، كل هذه الجهات يجب أن تتضافر فيما بينها وأن تنقذ الشباب".
ويرى عربيات أن الشباب اليوم يعيشون في حالة من المتاهة ومن غياب المشروع الطموح إذ "لا يوجد مشاريع واضحة أمامهم تلوح في الأفق"، مطالباً "نريد خطة استراتيجية ممنهجة ونريد مشروعاً طموحاً للشباب وأن نرى في الأفق مستقبلاً واعداً ينتظر هؤلاء الشباب، ونريد أحلاماً وأن نبني هذه الأحلام،"، مضيفاً "نريدهم أن يعيشوا الحياة المدنية، لأن الإسلام هو حياة مدنية طبيعية، لكنها حياة ذات رسالة. هي حياة أخلاقية، وهي حياة ذات بعد قيّم وحقيقي وأخلاقي، وذات بعد إنتاجي".
*الصورة: ملك الأردن/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659