بقلم حسن عبّاس:

مع تصاعد مشاعر العداء للمسلمين في بعض الأوساط الأميركية، تتجه الأنظار أكثر إلى المحجبات. فهؤلاء السيّدات يكشفُ حجابهنّ، الذي يمثل هويّتهنّ، ما يعرّضهنّ أكثر من غيرهنّ للاعتداءات.

بين حين وآخر تُتداول أخبار عن تعرّض محجبّة هنا أو هناك لاعتداء يقوم به أحد معادي الإسلام أو الأجانب. لكن الأمر لم يصل إلى حدّ الحديث عن ظاهرة عامة تستهدف المحجبات.

الحجاب ليس عائقاً

وقالت المواطنة الأميركية العراقية زينب السويج "لم أتعرّض لأيّ نوع من التمييز العنصري بسبب حجابي. وخلال احتكاكي بالأميركيين العاديين وبالسياسيين في واشنطن، لم أشعر إلا بكل احترام".

وأضافت السويج، وهي المديرة التنفيذية لمؤسسة المؤتمر الإسلامي الأميركي، لموقع (إرفع صوتك) أنها أحياناً تلمس فضول أشخاص لا يعرفون الكثير عن الإسلام و"رغبتهم في التعرّف على بعض الأمور من خلالي".

وبرأي سلام، وهي شابة يمنية في بداية الثلاثينات من العمر وتعمل في منظمة دولية في واشنطن، فإنّه "بمجرّد ارتداء المرأة للحجاب، لا تعود تمثّل نفسها وتصير ممثلة لدينها. وكل حركة وكل تصرّف يصير محسوباً عليها، خاصةً أن الكثيرين ممن تلتقي بهم لم يعرفوا مسلماً قبلها. ولذلك، تكون أمام مسؤولية كبيرة".

وأكّدت سلام، التي لم تفضل استخدام اسمها الحقيقي، أنها لا تعاني من مشاكل في عملها بسبب حجابها. وقالت لموقع (إرفع صوتك) "أنا قادرة على إثبات نفسي". لكن الصعوبة، كما تابعت، "تنشأ خارج إطار مَن يعرفونك. فهنا، يحتاج الأمر إلى مزيد من الوقت ليعطيك الآخرون فرصة للتعارف".

القوانين تحمي

ولفتت السويج إلى أن "حياة المحجبة في أميركا هي كحياة أيّ شخص آخر، تحكمها القوانين وليس الناس. ففي أميركا قوانين ودستور تضمن حرية الملبس وحرية الاعتقاد والحريات الشخصية".

وأشارت إلى أن بعض السيّدات يشتكين لمنظمتها من تعرّضهن لحوادث عنصرية، كما أنّ بعضهنّ يعتقدن أنهنّ لم يحصلن على وظيفة ما بسبب ارتدائهنّ الحجاب.

وعلى الرغم من تأكيدها أن هذا يحدث أحياناً، إلا أنها ذكّرت بقضية الشابة المحجبة سامانثا أيلوف مع شركة "آبركرومبي آند فيتش" للملابس. فقد حكمت المحكمة العليا في الولايات المتحدة لصالح الشابة بعدما رفضت الشركة توظيفها لأنها محجبة.

ومن هذه القصة، دعت المحجبات إلى الإلمام بالقوانين الأميركية لكي يعرفن كيف يمكنهنّ حماية أنفسهنّ من أيّ تمييز.

المكان يلعب دوراً

من خلال تجربتها في أميركا، تشير سلام إلى أن "التعرّض للمضايقات يعتمد على طبيعة الولاية وطبيعة العمل والعلاقات الاجتماعية التي يبنيها الشخص". فولاية فيرجينيا، حيث تقيم، هي "ولاية منفتحة وسكّانها معتادون على رؤية المسلمين والمحجبات وبالتالي لا مشاكل".

ملاحظة سلام أكّدها المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الإسلامية الأميركية في ولاية إيلينوي أحمد رحاب، والذي قال لموقع (إرفع صوتك) إنه "في الأماكن المتمدينة، يمكن للمحجبات أن يعشنَ حياتهنّ بلا أيّة مشاكل. لكن في المدن الصغيرة والنائية يكنّ على رأس المستهدفين لأنّ لباسهن يكشف عن هويتهنّ".

"على المستوى الشعبي، هناك أشخاص متأثرون بما تنشره بعض الصحف. وأخبار العنف والتفجيرات والإعدامات التي ينفّذها تنظيم داعش لها دور كبير في تخويف غير المسلمين من العرب والمسلمين وفي تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا"، قالت السويج.

وشرحت أن "بعض الأميركيين غير المسلمين ليس لديهم أيّ نوع من التواصل مع مسلمين. والمسلمون، على مدى سنوات طويلة، لم يطلقوا برامج للتعريف بأنفسهم وللانخراط في المجتمع إلا بعد اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001، وذلك بسبب ما نتج عنها من مشاعر تخوّف من الإسلام والمسلمين".

شكوى من التنميط

تشكو سلام من التنميط السائد الذي يجبر المحجبة على القيام بمجهود مضاعف لكسره. "المرأة المحجّبة في مجتمع غير إسلامي يجب أن تكون قويّة"، قالت.

ولفتت إلى أنه "يُنظر إلى المرأة المحجبة على أنها مضطهدة أو غير منفتحة أو غير مثقفة".

وروت أن طبيب العيون قال لها مرّة بعد أن اشتكت له من شعورها بإجهاد عينيها أنها لا تحتاج إلى لبس نظارات لأنها غير مضطرّة للقراءة. وقالت "ظنّ فوراً أنني امرأة حبيسة منزلها فأجبته بأن عملي كله يقوم على القراءة".

لكنها أشارت إلى أن هذا التنميط تجده أيضاً في عقول مسلمين كثيرين تلتقي بهم.

وتذمّرت سلام من وجود قيود على حركة المحجبة فهي لا تستطيع الذهاب مع زملائها إلى الحانة بعد انتهاء دوام العمل "لأن هذا غير لائق". وأيضاً لا تتم دعوتها إلى السهرات التي يقيمها زملاؤها.

بعد اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر، تعرّضت السويج لحادثة تحرّش عنصري بسيطة، وكانت تعيش آنذاك في ولاية كنتكيت. كانت في حديقة عامة لمشاهدة حفل موسيقي، فراح شاب وفتاة أميركيين في الثلاثينات من العمر، يرشقوها بأوراق. وانتهى الأمر بتحذير الشرطة الموجودة في المكان لهما من تكرار المحاولة.

لا تعتقد السويج أن الأمور في أميركا يمكن أن تتجه نحو الأسوأ وقالت "لا أعتقد أنه يمكن أن يحصل أكثر مما حصل بعيد اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر. ما يجري حالياً هو موجة ستنتهي قريباً وهنالك أميركيون كثيرون ضدها".

*الصورة: حياة المحجبة في أميركا هي كحياة أيّ شخص آخر/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024
تنظيم داعش أعلن المسؤولية عن 153 هجوما في العراق وسوريا خلال النصف الأول من عام 2024

كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" تفاصيل جديدة بشأن العملية المشتركة التي نفذتها قوات أميركية وعراقية مؤخرا ضد داعش، وأسفرت عن مقتل 15 من عناصر التنظيم المتشدد غربي العراق، في واحدة من أكبر العمليات لمكافحة الإرهاب في البلاد في السنوات الأخيرة.

وقالت الصحيفة، نقلا عن مسؤولين أميركيين وعراقيين، إن سبعة جنود أميركيين تعرضوا لإصابات خلال العملية التي شارك بها أكثر من 200 جندي من كلا البلدين.

وأضافت أن العملية شملت مطاردة مسلحي داعش داخل أوكار تنتشر في مساحات واسعة وسط تضاريس نائية.

وذكر المسؤولون الأميركيون والعراقيون أن حجم ونطاق وتركيز العملية يسلط الضوء على عودة ظهور التنظيم المتشدد خلال الأشهر الأخيرة.

وفقا للصحيفة فقد كان الهدف الرئيسي للعملية هو الوصول لقائد ميداني كبير يشرف على عمليات تنظيم داعش في الشرق الأوسط وأوروبا.

وأفادت القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) التي يقع الشرق الأوسط ضمن نطاق عملياتها، بأنها نفذت وقوات عراقية "غارة مشتركة في غرب العراق في الساعات الأولى من صباح يوم 29 أغسطس"، مما أسفر "عن مقتل 15 من عناصر داعش".

وأضافت في بيان أن "العملية استهدفت قادة داعش بهدف تعطيل وتقويض قدرات التنظيم على التخطيط والتنظيم وتنفيذ الهجمات ضد المدنيين العراقيين، وكذلك ضد الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في جميع أنحاء المنطقة وخارجها".

ورفض المسؤولون الأميركيون تحديد القادة المستهدفين من داعش، بما في ذلك القيادي الكبير، لحين إجراء تحليل الحمض النووي لجثثهم.

وأشارت الصحيفة إلى أن العملية جاءت في وقت أعلن رئيس الوزراء العراق محمد شياع السوداني وقادة الجيش العراقي أن بإمكان البلاد السيطرة على تهديدات داعش من دون مساعدة الولايات المتحدة.

وتتفاوض بغداد وواشنطن منذ عدة أشهر على اتفاق من شأنه إنهاء مهمة التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق، حيث يتواجد حوالي 2500 جندي أميركي.

ومع ذلك، أعلنت القيادة المركزية الأميركية في يوليو أن عدد الهجمات التي تبنى داعش المسؤولية عنها في العراق وسوريا تزايد بشكل ملحوظ ويكاد يقترب من ضعف الهجمات التي حصلت العام الماضي.

وأعلن تنظيم داعش المسؤولية عن 153 هجوما في البلدين خلال النصف الأول من عام 2024، حسبما قالت القيادة المركزية الأميركية، من دون أن تقدم تفاصيل دقيقة عن أرقام الهجمات حسب كل بلد.

وتنقل الصحيفة عن مدير برامج سوريا ومكافحة الإرهاب في معهد الشرق الأوسط تشارلز ليستر القول إن العراق نجح في احتواء تحديات داعش في السنوات الأخيرة، مع انخفاض وتيرة العمليات إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق"، مضيفا أن "التعافي الواضح لداعش في سوريا المجاورة يثير قلقا كبيرا.

وأضاف ليستر: "لذا، فإن هذه الملاذات الآمنة القديمة لداعش، في صحراء الأنبار، ستحتاج إلى المتابعة بشكل مستمر، إذا كنا نريد تجنب تسرب داعش من سوريا إلى العراق في النهاية."

وأفاد مسؤول عسكري أميركي رفيع المستوى بأن الولايات المتحدة والقوات الحليفة الأخرى ساعدت القوات العراقية في تنفيذ أكثر من 250 عملية لمكافحة الإرهاب منذ أكتوبر الماضي.

لكن الصحيفة ذكرت أن هذه الغارة "لم تكن عادية" خاصة في ظل مشاركة  عدد كبير من القوات الأميركية الخاصة التي قادت الهجوم الأولي.

وتضيف الصحيفة أن أكثر من 100 عنصر من قوات العمليات الخاصة الأميركية وجنود آخرين بالإضافة لعدد أقل من الجنود العراقيين شاركوا في الهجوم الرئيسي الذي نفذ بواسطة طائرات الهليكوبتر.

وقالت السلطات العراقية في بيان إن العملية بدأت شرقي مجرى مائي يمر عبر صحراء الأنبار، في منطقة جنوب غرب الفلوجة.

وأكد جهاز المخابرات العراقي أن من القتلى "قيادات خطيرة كانوا يتخذون من صحراء الأنبار ملاذا لهم". وأشار إلى أنها بدأت بـ"ضربات جوية متتالية" لأربع مضافات يتواجد فيها الجهاديون، أعقبتها "عملية إنزال جوي في الموقع ثم اشتباك مع الإرهابيين".

وبحسب ليستر ومسؤولين أميركيين فقد استمرت العملية في اليوم التالي، مع مراقبة الطائرات المسيرة الأميركية للمنطقة، مؤكدين أن أكثر من 100 عنصر من القوات العراقية تايعوا الهجوم واعتقلوا اثنين من مسلحي داعش الذين فروا من الموقع في الليلة السابقة مع وثائق مالية ومعلومات عن التنظيم.

وتشير الصحيفة إلى أن محللين عسكريين أميركيين يدرسون المواد التي تم الاستيلاء عليها، والتي قال المسؤولون إنها قد تؤدي إلى غارات مستقبلية.