المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
يثير تزايد معدلات العنصرية والكراهية ضد المسلمين في الغرب مخاوف كثيرة حول مستقبل الجاليات المسلمة التي تعيش في بلدان تنتشر فيها ظاهرة الإسلاموفوبيا. كما يطرح هذا الوضع إشكاليات تتعلق بنظرة الغرب للإسلام والمسلمين، وجهود المنظمات الإسلامية للتعريف بالدين وتقديم الصورة الصحيحة عنه.
جمعيات ومنظمات
تنتشر في أوروبا جمعيات مدنية، ومراكز إسلامية، إضافة إلى منظمات ومؤسسات لا توجد إحصائيات دقيقة حولها، تعنى بخدمة المسلمين في الغرب وشرح وتوضيح الرؤية الإسلامية للأمور الدينية والدنيوية عبر هيئات الإفتاء، إضافة إلى ردم الهوة بين المذاهب والأديان السماوية عبر الحوار.
ومع تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا وتفشيها في المجتمعات الغربية، تزداد الضغوط على هذه المؤسسات باعتبارها الممثل الرسمي للديانة الإسلامية، من أجل مواجهة هذه الظاهرة التي تنخر البلدان الأوروبية في ضوء الاعتداءات الإرهابية التي تستهدفها مؤخراً.
ومن أبرز المنظمات التي تعمل بشكل دائم في هذا الإطار، اتحاد المنظمات الإسلامية في أوروبا الذي يضم مؤسسات تابعة له في مختلف أنحاء أوروبا. ويقدر عدد البلدان التي تنتشر فيها المؤسسات التابعة له بـ30 بلداً.
ويهدف الاتحاد، بحسب ما تشير إليه المعلومات المنشورة على موقعه الإلكتروني، إلى المساهمة في تحقيق الاندماج الإيجابي للمسلمين بالغرب، والتصدي لكل ما من شأنه الإضرار بصورة الإسلام والمسلمين، وذلك عن طريق أنشطة التوعية والتحسيس التي تقوم بها الهيئات التابعة له عبر فروعها الشبابية والنسوية والطلابية.
عواقب وخيمة
ولتسليط مزيد من الضوء حول الدور المنوط بالمؤسسات الإسلامية في الغرب لمواجهة الإسلاموفوبيا، يقول رئيس منتدى بروكسيل للحكمة والسلم العالمي، خالد حاجي، في تصريح لموقع (إرفع صوتك) إنّه "من الخطأ أن يتصور المرء أن بمقدور جهة بعينها النهوض بمسؤولية دفع آفة هذه الظاهرة، فالأمر منوط بجميع مكونات المجتمع الأوروبي، بدءا من المؤسسات السياسية والتعليمية والإعلامية".
وإذ يعتقد أن "ما يقع في أوروبا من أحداث إرهابية سيكون له تبعات وعواقب وخيمة على علاقة الغرب بالإسلام والمسلمين، وسيزيد من تأجيج الصراع وتنامي مشاعر الحقد والكراهية ضد المسلمين"، يشير إلى أن "ما يُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي من أفكار مليئة بالعنصرية وكراهية المسلمين، ومن أفكار تصب كلها في إلصاق تهمة الإرهاب والعنف بالإسلام والمسلمين، يساهم بشكل واضح في خلق أجواء من التوتر والقلق، الأمر الذي ينذر بعواقب قد تكون وخيمة لا قدر الله".
ويضيف حاجي، الذي يشغل كذلك منصب الكاتب العام للمجلس الأوروبي للعلماء المغاربة في بروكسيل، إن "صمت أوروبا أمام ظاهرة الإسلاموفوبيا قد يفضي بالقارة الأوروبية إلى السماح بخطابات عنصرية إقصائية لا تخدم مستقبل التعايش بين مكونات المجتمع المتعددة".
دور الهيئات الإسلامية وغياب التنسيق
وعن دور الهيئات الإسلامية في أوروبا في مواجهة المد المتسارع للإسلاموفوبيا، يقول حاجي إن "المنظمات والمؤسسات الإسلامية لا تقوى لوحدها على النهوض بمسؤولية محاربة الإسلاموفوبيا، وذلك لاعتبارات كثيرة، أهمها صعوبة التنسيق فيما بينها، باعتبار الاختلاف الكبير الحاصل بينها من حيث الانتماء والانتساب إلى عوالم ومذاهب ومدارس مختلفة، في غياب سلطة روحية دينية واحدة تضمن لهذه المؤسسات التنسيق والتناغم. كما لا يخفى، فإن لكل دولة أوروبية سياسة خاصة فيما يتعلق بتنظيم الحقل الديني وتدبير العلاقة بين الدين والدولة، وهو الأمر الذي يستعصي معه تحقيق نوع من التوافق بين مسلمي أوروبا"، يضيف المتحدث.
ويضيف المتحدث "على المؤسسات الإسلامية أن تستوعب خصوصية السياق حيث تنشط، كما عليها أن تطلب الانفتاح على منظمات المجتمع المدني على اختلاف أصحابها بغية التنسيق معها"، محذراً من أن "ربط مناهضة الإسلاموفوبيا بالمؤسسات الدينية فقط قد يحقق ما يصبو إليه المعادون للإسلام من اختزال هوية المواطنين ذوي الأصول الإسلامية في بعدها الديني، مفوتين بذلك على هؤلاء فرصة الوقوف في وجه أصحاب الدعوات المتطرفة وفرصة الحد من المد الخطير لمظاهر الكراهية والتعب".
*الصورة: "لكل دولة أوروبية سياسة خاصة فيما يتعلق بتنظيم الحقل الديني وتدبير العلاقة بين الدين والدولة"/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659