بقلم إلسي ملكونيان:

يعتقد البعض أن سبب الخوف من "الغير" هو قلة المعلومات المتوفرة عنه. ويمكن كسر حاجز الخوف هذا إن قُدمت المعلومات الناقصة أو اللازمة بطريقة صحيحة.

ومن هذا المنطلق، سعى مؤسسو المعهد العربي الأميركي في واشنطن إلى تشجيع الأميركيين العرب على المشاركة الفاعلة في الحياة السياسية والمدنية في الولايات المتحدة بهدف تقريب وجهات النظر وتقديم صورة حقيقية عن الإسلام والعرب بطرق ونشاطات متنوعة.

 نشاطات المعهد

تأسس المعهد العربي الأميركي في عام 1985 كمبادرة لتشجيع المشاركة المدنية للعرب الأميركيين في بلدهم. وقد تزامنت فترة التأسيس مع محاولات لاستبعاد العرب من الحياة السياسية، بحسب مايا بري، المديرة التنفيذية للمعهد. وقالت بري في حديث لموقع (إرفع صوتك) "استبعاد العرب آنذاك كان يدل على رغبة في تقليص مساهمتهم في الحملات الانتخابية. ولوقف ذلك أسسنا هذا المعهد لتشجيع العرب المواطنين الذين يعملون في القطاع الحكومي على التصويت لكي يكون لهم دوراً في العملية الديمقراطية".

وللمعهد نشاطات ثقافية متنوعة، منها تعريف المواطنين الأميركيين بالمتاحف العربية الإسلامية الموجودة في الولايات المتحدة وبالمنظمات الداعمة للفن والثقافة وما قدمه مشاهير العرب للمجتمع الأميركي، إضافة إلى تعريف الناس بالمرشحين العرب في الانتخابات. كما يقوم المعهد بطباعة العديد من المنشورات التي تقدم المعلومات الديموغرافية عن المجتمع العربي في أميركا وتستخدم من قبل الجامعات والمدارس التي تدرس أو تركز على الأقليات والثقافة العربية الإسلامية.

 برنامج "يلا نصوت" (Yalla Vote)

بدأ تطبيق هذا البرنامج في 1998 من خلال الطلاب العرب في الجامعات الأميركية ليشجعوا أقرانهم على التصويت فيكون لهم دور إيجابي في العملية الانتخابية مثل الأقليات الأخرى. ويتم التركيز على طلاب الجامعات لأنهم وسيلة جيدة للتأثير على زملائهم وتخفيزهم على المشاركة في التصويت. ويبلغ هذا النشاط أوجه في بداية العام الدراسي.

وتستشهد بري بمثال من الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح رئاسي والجارية حالياً "أثناء حملة بيرني ساندرز في ولاية واشنطن مثلاً، كان من بين الحضور مجموعة من العرب الأميركيين المساندين له، وكانوا يرتدون القميص الأصفر لـ (يلا نصوت). إنه نشاط حيادي يركز على أن المواطنين العرب هم مكون هام في الحياة السياسية لبلدهم. وهذا ما يشجعهم على الاشتراك في عملية التصويت".

أما عن علاقة هذا الأمر بالإسلاموفوبيا، فتعتقد بري أنها ليست محصورة بالإسلام، إذ يوجد تخوف من العرب أيضاً. ويمكن ملاحظة الإسلاموفوبيا أيضاً في توجهات بعض مرشحي المناصب العليا في الدولة. ومثال على ذلك تصريحات السيناتور كروز الأخيرة حول ضرورة تشديد المراقبة على بعض الأحياء السكنية ذات الأغلبية المسلمة.

وترى بري أن كل هذا "يستوجب أن نكون على أهبة الاستعداد والتنظيم لمجابهة تعصب أعمى كهذا".

 تدريب الشباب على مهارات جديدة

يقدم المعهد الأميركي العربي فرصة للشبان الراغبين في صقل معارفهم عبر التدريب المهني لفترة قصيرة على مدار العام. وكانت نسرين، وهي مواطنة أميركية من أصول فلسطينية، واحدة من المشتركات في برنامج التدريب في العلاقات الدولية الذي أتمته في خريف عام 2015.

وتصف نسرين تجربتها بالمفيدة "تعلمت أن للعرب تأثير كبير في المجال السياسي وأن العديد منهم ساهم في الدفاع عن وجودهم ليس فقط في الكونغرس، بل أيضاً ضمن القطاع العدلي وفي المؤسسات التي تعنى بتطبيق القرارات".

وتتابع نسرين "يعنى المركز بالدفاع عن حقوق الإنسان والحريات ولا يقتصر ذلك على العرب الأميركيين بل على المجتمع الأميركي ككل بأقلياته المختلفة. وأعتقد أن برنامج "يلا نصوت" كان فاعلاً أيضاً من حيث طريقة إرشاد طلاب الجامعات بكيفية التسجيل والتصويت".

*الصورة: مسلمات أمام البيت الأبيض في العاصمة واشنطن يتظاهرن ضد الإرهاب/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم0012022773659

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".