المغرب – بقلم زينون عبد العالي:
تميّز المغرب بدور ريادي في مواجهة التطرف والتصدي للإرهاب بكل أنواعه في منطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط، منذ بداية التهديدات الإرهابية خلال السنوات الأخيرة. غير أن ذلك لم يكن كافياً لوقف التحاق المغاربة بصفوف التنظيمات الإرهابية في دول الشرق الأوسط التي تشهد صراعات ساخنة.
وتشير آخر التقارير الواردة نهاية السنة الماضية إلى وجود حوالي 1500 مقاتل مغربي بصفوف داعش، فيما أشارت أرقام كشفت عنها صحيفة التلغراف البريطانية خلال الأسابيع الماضية إلى وجود حوالي 1350 مغربياً ما زالوا يقاتلون في صفوف داعش، وهو ما قد يعكس تراجعاً بعدد هؤلاء المقاتلين.
مغاربة قاتلوا وعادوا
وكانت وسائل إعلام عربية وأجنبية قد تناولت قصص مغاربة التحقوا بصفوف داعش في سورية، بعد أن نجح التنظيم في استقطابهم عن طريق الغواية بالمال، خاصة أبناء المناطق الفقيرة في المغرب، أو غسل أدمغتهم بأفكار متشددة.
ومن بين قصص هؤلاء المغاربة، مقاتل اسمه رشيد، أوردت صحيفة مغربية قصته سابقاً، وأشارت فيها إلى أنه تم استقطابه بسهولة من طرف مختصين في تجنيد الشباب لصالح داعش، حيث كان هذا الشاب الذي وصف بـ"الطيب" بائعاً متجولاً في مدينة صغيرة غرب المغرب، غير أن الإغراءات المالية التي قدمت له من طرف المجنِّد جعلت حياته تنقلب رأساً على عقب، واختار مغادرة المغرب للجهاد في سبيل تحسين وضعيته المادية وليس في سبيل الله كما يدعي داعش، غير أنه وجد نفسه سجيناً وسط تنظيم إرهابي يدين بالعنف وسفك الدماء.
شهر العسل في داعش
قصص أخرى لعشرات المقاتلين المغاربة الذين فضلوا القتال بجانب داعش على حضن الوطن كانت مثار اهتمام الجميع، ومن ضمنها قصة ياسين أمغان – أوردتها جريدة أخبار اليوم المغربية - يحكي فيها أمغان الذي سافر إلى سورية بعد أيام من زواجه، كما لو أنه سيقضي شهر عسله في صفوف التنظيم الإرهابي. وعمل في صفوف التنظيم الإرهابي كمسؤول إعلامي، يقوم بتصوير المعارك ويبثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إضافة إلى بحثه عن شباب مغاربة على هذه المواقع ممن لديهم الرغبة في اللحاق به، غير أنه سرعان ما عاد للمغرب ليجد نفسه بين أسوار السجن مداناً بخمس سنوات.
جهود داخلية وخارجية
ويرى مراقبون أن تواجد هذا العدد من المقاتلين المغاربة في داعش لا ينم عن فشل المغرب في مواجهة الإرهاب، ذلك أنهم التحقوا بصوف داعش في ظروف معينة، ولم يذهبوا مباشرة من المغرب، بل كمسافرين إلى بلدان أخرى كتركيا ودول أوروبا، قبل أن يشدوا الرحال نحو سورية.
ويرى الباحث المغربي في الشؤون الأمنية والعلاقات الدولية أحمد الدراري أن "جهود المغرب في محاربة الارهاب داخلياً أتت بنتائج، والدليل على ذلك، أنّه حافظ على استقراره وتحصنه من أي استهداف إرهابي، وما العدد المهم للخلايا المفككة مؤخراً إلا دليل قوي على ذلك".
وبخصوص المغاربة المتواجدين في صفوف داعش، يقول الدراري في حديثه لموقع (إرفع صوتك) "هؤلاء استغلوا ظروفاً معينة عاشتها بعض البلدان العربية، واستطاعوا أن ينسقوا عملهم افتراضيا، قبل أن يسافروا كمواطنين عاديين ويلتحقوا بصفوف داعش فيما بعد عن طريق دول أخرى، وبالتالي لا يمكن تحميل المسؤولية للسلطات الأمنية بالمغرب، لأنها تقوم بدورها بشكل فعال، ولا يمكنها التدخل في نية هؤلاء أو معرفة وجهاتهم غير تلك الموجودة في تذكرة السفر".
الشباب المهمش.. قنبلة موقوتة
من جهة أخرى يقول محمد الحمودي، إعلامي مغربي، إن "الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها فئات مهمة من الشباب المغاربة من تهميش وفقر وبطالة جعلت من هؤلاء الشباب فريسة سهلة في يد التنظيمات المتطرفة. وحولتهم هذه الظروف إلى قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت".
ويشير الحمودي في حديثه لموقع (إرفع صوتك) إلى أنّه "بالعودة إلى سن هؤلاء الملتحقين نجد أنّهم ما زالوا في ربيع شبابهم، لم يتم الاهتمام بهم، ففضلوا البحث عن الاغتناء ولو على سبيل أرواحهم وحريتهم ضمن تنظيم داعش".
ويضيف "الالتحاق بداعش خلال السنتين الأخيرتين كان يتم لغاية في نفس يعقوب، حيث تتغاضى الدول عن سفر المتطرفين من أصحاب القناعات الداعشية، وترى في سفر هؤلاء تخلصاً منهم في ساحات القتال، كونهم يشكلون تهديداً لها. إلا أن محاربة الإرهاب أصبحت هي الأولوية حالياً بالنسبة لعديد من الدول بسبب تمدد داعش وإعلان الخلافة، حيث لجأت إلى التضييق على الالتحاق بداعش والمنع ومطاردة الملتحقين في الداخل والخارج".
*الصورة: "حولتهم هذه الظروف إلى قنبلة موقوتة قابلة للانفجار في أي وقت"/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659