مصر – بقلم الجندي داع الإنصاف:
تعاني مصر، كدولٍ كثيرة، من الإرهاب ومن عمليات متفرقة تستهدف أمنها، ومن ضمنها عمليات الاعتداء على الكنائس وأقسام الشرطة. ومن أبرز هذه الاعتداءات الاعتداء على قسم كرداسة في آب/أغسطس 2013 وقتل ضباطه وأفراده والتمثيل بجثثهم.
كما وصل إلى مصر تنظيم داعش بفرعه "ولاية سيناء"، ودخل في عدد من الاشتباكات مع الجيش المصري. وقالت وزارة الداخلية المصرية في أواخر العام المنصرم 2015 إن تنظيم داعش يستقطب آلافاً من الشباب شهرياً عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
الإرهاب والأوضاع المعيشية
يربط كثير من المحللين والخبراء بين الظروف الاقتصادية والأوضاع السياسية من جهة، وبين تفشي الإرهاب من جهة أخرى. ويرون أن عدم إحساس المصريين بأي تحسن في أوضاعهم المعيشية وغياب العدالة الاجتماعية عوامل تخلق بيئة خصبة لإنتاج التطرف، ما يؤدي إلى استمرار العمليات الإرهابية. فيما يرى آخرون عدم منطقية هذا التفسير معتبرين أن منشأ الإرهاب الذي يضرب مصر في هذه المرحلة سياسي بامتياز.
يقول الكاتب الصحافي عبد الله السناوي لموقع (إرفع صوتك) إن الأوضاع السياسية والاجتماعية في مصر وراء تفشي ظاهرة الإرهاب واستمراره، "فالعنف يجد بيئته الحاضنة وبيئته المولدة في البنية السياسية والاجتماعية والثقافية".
ويتابع "هذه الثغرات يقفز من بينها الإرهاب. وقد حدث هذا في كل العصور والتجارب السابقة وليس الآن فقط. فالسجون في كثير من الحالات كانت هي مفرخة للعنف والإرهاب وبيئة حاضنة لإنتاج من يميلون ويتبنون العمل العنيف المسلح".
إن غاب التفكير...
يعاني المصريون، بغالبيتهم من الوضع الاقتصادي المتردي، خاصّةً فيما يتصل بالخدمات التي تقدمها الحكومة لهم، تحديداً بعد ارتفاع أسعار السلع بشكل عام والسلع الرئيسية كالأرز والزيت بشكل خاص، بالإضافة إلى ارتفاع فواتير الكهرباء والمياه وغيرها. ويرى مراقبون أن التنظيمات المتطرفة استغلت حالة عدم الرضا التي يشعر بها المواطنون لاستقطاب عناصر جديدة إلى صفوفها.
لكن الدكتور أحمد يحيى، أستاذ علم الاجتماع السياسي، في حواره لموقع (إرفع صوتك)، يرى أنه من الخطأ الربط بين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مصر وبين ما يحدث من أعمال إرهابية.
ويعتقد أن هذه الأعمال "في الحقيقة تعبر عن رغبة فصيل معين في الاستيلاء على مقدرات هذا البلد ويحاول الحصول على ما ليس له بحق".
ويشير إلى أن ربط الظروف المعيشية الصعبة بالإرهاب يوحي أن المجتمع المصري على استعداد لاستمرار الإرهاب أو انتشاره أو قبول ما يحدث الآن "والعكس هو الصحيح، فمصر الآن أكثر أمناً".
بحسب يحيى، الظروف الاقتصادية والاجتماعية الطارئة التي تعاني منها مصر لا تنتج إرهابيين وإن كان من الممكن أن تنتج رافضين أو متظاهرين أو وقفات فئوية معينة.
ويضرب أستاذ الإجتماع السياسي المثل بتحمل الشعب المصري الأوضاع الإقتصادية والاجتماعية السيئة بعد نكسة عام 1967 انطلاقاً من إيمانهم بأن الأمن يأتي قبل المأكل والمشرب، مشيراً إلى أن "الإرهاب لن يتأتي إلا من تدريب متواصل وعقيدة أيدلوجية تؤمن بالقتل ومواجهة الآخر على أنه كافر، فإذا غاب التفكير بدأ التفجير".
الأمن المطلق.. وهم مطلق
لكن هل تواصل العمليات الإرهابية في مصر يعني الفشل في التصدي لهذه الظاهرة، يقول السناوي إن هذا الاستنتاج ليس بالضرورة أن يكون صحيحاً، "فظاهرة الإرهاب موجودة في أماكن كثيرة من العالم كتلك التي وقعت في فرنسا في تشرين الثاني/نوفمبر من العام الماضي والحادث المؤلم الذي وقع مؤخراً في بروكسل.
ويلفت إلى أن هذا الواقع يدعو للبحث عن الأسباب ومحاولة سد كل المنافذ التي يخرج منها الإرهاب "مع الوضع في الاعتبار أنه لا يمكن منع الإرهاب بنسبة مئة بالمئة لأن هذا وهم كبير. فالأمن المطلق وهم مطلق".
*الصورة: جنود مصريون في سيناء/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659