بقلم إلسي مِلكونيان:
حاولت بريطانيا على مدى السنين أن يكون لها كيان مختلف عن سواها من دول أوروبا. فلم تكن طرفاً في اتفاقية إلغاء الحدود بين دول الاتحاد الأوروبي "الشنغن" أو العملة المشتركة "اليورو" أو فتح الباب لاستقبال أعداد كبيرة من اللاجئين كنظيراتها مثل فرنسا وألمانيا.
وعلى الرغم من ذلك، يبدو أنها تخشى امتداد خطر الإرهاب على أراضيها ومواطنيها، إذ قامت بفرض إجراءات أمنية مشددة عقب تفجيرات بروكسل وباريس ودعمت استراتيجيات الحماية وشجعت المبادرات العلمية ضمن خطط ورؤية ثابتة لمكافحة الإرهاب. لكن ما مدى فاعلية كل هذا؟
خطط وطنية لمواجهة الإرهاب
اشتركت بريطانيا إلى جانب قوات التحالف بالحرب على داعش. إلا أن تركيزها انصب أكثر على تحصين الأمن الداخلي، من خلال استراتيجيات وسياسات لمنع المتطرفين من دخول بلادها ومحاربة الفكر المتطرف والتخفيف من آثار الهجمات الإرهابية وفرض قيود على استقبال اللاجئين وتمكين سبل الحماية كتطوير البنية التحتية وشبكة المواصلات لمجابهة الهجمات الإرهابية، إن وقعت.
أما على صعيد المجتمع الأكاديمي، اكتشف الباحثون طرقاً لمواجهة الإرهاب عن طريق الحرب المضادة الالكترونية. ومثال على ذلك برنامج Cyberterrorism project (بالعربية مشروع الإرهاب الالكتروني)، وهو أحد المشاريع التي تهدف إلى فهم الإرهاب الإلكتروني والتهديد الذي يسببه وصولاً إلى اكتشاف طرق المواجهة.
يقول الخبير توم شان، الأستاذ في علوم الرياضيات وهندسة الكومبيوتر في جامعة (سيتي) في لندن، وهو أحد مدراء المشروع في حديث لموقع (إرفع صوتك) "ندرس في هذا المشروع طرق استخدام الإرهابيين للإنترنت وكيف يمكنهم أن ينفذوا هجمات إرهابية من خلال الاستعانة به. أما مخرجات المشروع فهي عبارة عن ملفات بحثية ومطبوعات توثق نتيجة البحث".
يأمل شان أن تساعد نتائج أبحاثه أقرانه من الباحثين في التصدي للإرهابيين عبر الإنترنت بحيث يمكنهم ذلك من الكشف عن مواقعهم وحجبها. ويأمل أيضاً أن يكون لأبحاثه تأثير في سياسات الحكومة والتعاون الدولي، بحيث يأخذ بها صناع القرار ويعتمدوها بدل أن تخزن في المكتبات الإلكترونية.
ويضيف شان أن ما ينقص الآن هو عدم وجود ارتباط بين القانون ومخرجات البحث العلمي في هذا المجال. لكنّه وفريقه "ماضون في ابتكار المزيد من طرق الهجوم الإلكتروني (ضد وسائل التواصل بين الإرهابيين) على ضوء الهجمات الأخيرة لأننا نتوقع من داعش والجماعات الإرهابية الأخرى استخدامها في القريب العاجل".
هل تنجح بريطانيا في مواجهة الإرهاب؟
يشكك البعض في قدرة بريطانيا على مواجهة الإرهاب وفاعلية الاستراتيجيات التي تمضي قدماً بتطبيقها. إذ يرى عادل درويش، المعلق السياسي البريطاني والصحافي في مجلس العموم في لندن، أن المشاريع التي يطلقها الأكاديميون للقضاء على داعش علمياً لا تترك أثراً كبيراً.
ويشرح السبب في حديث لموقع (إرفع صوتك) بقوله "لا قيمة كبيرة لمخرجات هذه المشاريع البحثية إذ تمثل 90 في المئة من هذه المبادرات وسيلة لخلق فرص عمل جديدة تمول من خزينة الدولة. لم يسبق لي أن رأيت أحداً اكتُشف من قبل هذه المشاريع واعترف أنه كان يقاتل في صفوف داعش أو أنّه ضر بالناس وأقرّ بذنبه وتاب عن أفعاله".
ويضيف درويش "إن كانت بريطانيا تريد القضاء على الإرهاب بالفعل، فلا بد من مواجهة داعش على الأرض. ومثال على ذلك ما حدث في تدمر، حيث استطاعت القوة العسكرية دحرهم إلى الوراء".
أما عن تخوف بريطانيا من قدوم المزيد من اللاجئين وما شابه فلا يعتقد أن كل الناس الذين وصلوا إلى فرنسا هم لاجئون فعلاً. "إن كان غير مرغوب فيهم لكانت السلطات أعادتهم إلى ليبيا، وأصبحوا بذلك درساً لكل من يرغب في المجيء".
ويضيف درويش "المشكلة الحقيقية هي القضاء على الأيدولوجية التي يقوم عليها الجهاد وارتباطه بالإسلام والتي تبدو مقنعة للكثيرين (فتشجعهم على الانضمام إلى القتال والقيام بأعمال الإرهاب)".
الصورة: "ندرس في هذا المشروع طرق استخدام الإرهابيين للإنترنت"/Shutterstock
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659