الجزائر – بقلم أميل العمراوي:
يرى العقيد المتقاعد بالجيش الجزائري، الدكتور أحمد عظيمي، أن القضاء على الإرهاب لا يمكن أن يقتصر على العمليات العسكرية فقط، بل لا بد من مرافقة المعالجة الأمنية لمشكلة الإرهاب باستراتيجية شاملة تضمن الاستقرار الداخلي عبر محاربته فكرياً بالمدارس والمساجد، ثم اتخاذ إجراءات احترازية لتأمين الحدود، وهو بحسب رأيه ما لم يحدث في الجزائر.
في حديثه لموقع (ارفع صوتك)، أوضح الدكتور عظيمي أنّ أجهزة الأمن في الجزائر لعبت دوراً محورياً في محاربة الإرهاب وقامت بدورها كاملاً بهذا الخصوص.
وتابع قائلاً "في عام 1999، كنا نعتقد أن الجزائر بعدما قضى على الإرهاب عسكرياً، سيضع استراتيجية متكاملة لمحاربة الإرهاب فكرياً واجتثاث العنف من عمق المجتمع الجزائري. وكنا نظن أن ما حدث في الجزائر لن يتكرر ثانيةً، لكن الواقع اليوم غير ذلك".
وتساءل عظيمي "مع اندلاع الثورات العربية، أصبحنا نرى بعض المسؤولين السياسيين والعسكريين – مخافة انسياق أبنائنا وراء الجماعات الإرهابية - يخطروننا بوجود تهديدات على الوطن وأن الوضع أصبح خطيراً جداً وأن الجزائر تتعرض لمؤامرة كبيرة والوضع على الحدود خطير جداً... لماذا لم نتخذ الإجراءات اللازمة إذ ذاك؟".
المساجد في الجزائر
أما بخصوص الاستراتيجية التي يتحدث عنها والتي كان من الواجب انتهاجها، يقول عظيمي إن الاستراتيجية المتكاملة في نظره ترتكز على ثلاثة عناصر أساسية، هي المدرسة والمساجد ووسائل الإعلام.
ويدعو العميد المتقاعد إلى تأطير الخطاب بالمساجد التي تعتبر أكبر مجال اتصالي بالجزائر "هناك أكثر من 16 ألف مسجد بالجزائر حيث يلتقي الملايين من الجزائريين للاستماع لخطاب تجاوزه الزمن.. خطاب عنيف في بعض الأحيان، خطاب لا أحد يكاد يفهمه بسبب اللغة القوية التي لا يفهمها معظم المصلين".
حتمية دعم جيوش بلدان الجوار لمجابهة الإرهاب بقواعده
وفي رده عن سؤال لموقع (إرفع صوتك) حول أسباب استنفار الجيش الجزائري على الحدود مع البلدان المتاخمة لها ما دامت البلاد تمكنت من صد الإرهاب عسكرياً، قال الدكتور عظيمي "لما كان عدد الجماعات الإرهابية الناشطة بمنطقة الساحل الإفريقي لا يتعدى الـ 20، قلنا إنّه لا بد من إعانة دول الجوار مثل مالي والنيجر على تقوية ترسانتها العسكرية وأجهزتها الأمنية حتى تتمكن من صد الإرهاب، وبالتالي حماية حدودها معنا".
وأضاف "لكن ليس في الجزائر من يسمعك ولا توجد هنا سلطة تخطط للمستقبل وبالتالي نحن الآن في وضعية حرجة على حدودنا خصوصاً مع ليبيا ومالي".
الميزانية المالية لحماية الأمن القومي
أما بخصوص قدرة عناصر الجيش الجزائري المرابط على الحدود مع ليبيا و مالي على وجه الخصوص على الاضطلاع بمهامه على وجه سليم طيلة مدة التهديد التي لا يمكن إلا أن تكون طويلة بالنظر لمساعي تنظيم داعش نقل عملياته إلى ليبيا وشمال أفريقيا، قال عظيمي "السؤال الذي يجب طرحه في هذا النطاق هو ما قيمة الغلاف المالي الذي يمكن أن نوفره حتى نستمر في عملية الذود عن الوطن والتي تتطلب ميزانيات ضخمة؟".
وختم الخبير العسكري والمحلل السياسي حديثه لموقع (إرفع صوتك) قائلاً "مع الوضع المالي السابق الذي كانت تتمتع به الجزائر حينما كانت أسعار البترول في أوجها، كان من الممكن توفير ميزانيات ضخمة وتجديدها بسلاسة لحماية الأمن القومي".
وأضاف عظيمي أن مجال الدفاع يتطلب إمكانيات مالية ضخمة إذ "قد نجد أنفسنا في وضع يحتم علينا مضاعفة تعداد الجيش. لا أحد يحرك ساكناً في هذا المجال، لا السلطة ولا الطبقة السياسية ولا وسائل الإعلام. لا يمكن درء خطر الإرهاب عسكرياً فقط وإغفال كل النقاط التي أسلفت ذكرها".
*الصورة: العقيد المتقاعد أحمد عظيمي/إرفع صوتك
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659