الأردن – بقلم صالح قشطة:

أجريت في الأردن مؤخراً دراسة حول الشباب في مواجهة الفكر المتطرف، قام صندوق دعم البحث العلمي الأردني بإعدادها بإشراف د. عبد الله الزعبي، مدير عام الصندوق. وقد حصل موقع (إرفع صوتك) على نسخة من الدراسة قبل نشرها.

تعالج الدراسة ظاهرة انتشار الفكر المتطرف، وانجراف بعض الشباب خلفه، ودورهم في الأعمال التي تتبناها جماعات التطرف، والتي تستغل ظروفهم الاجتماعية والاقتصادية وجهل بعضهم لاستقطابهم. تم العمل خلال إعداد الدراسة على أربعة محاور، هي التربوي والتعليمي والثقافي، السياسي والاجتماعي والاقتصادي، الإعلامي، والديني.

أرقام وحقائق

الجدير بالذكر هو أن الدراسة قدمت مجموعة من الإحصائيات حول العديد من الجوانب المؤثرة في الشباب، التي تعكس طرق انتشار التطرف وتسهل على الجهات التي تعمل على التصدي له مهمتها في حال تم أخذها بعين الاعتبار، كالتالي:

- تصل متابعة الشباب الأردني لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة إلى ما نسبته 64 في المئة بمعدل ساعة إلى ثلاث ساعات يومياً، كما يتابع شبكات التواصل الاجتماعي بنسبة 41.8 في المئة بين ساعة إلى ثلاث ساعات يومياً.

- حوالي 64 في المئة من أفراد عينة الدراسة يستمعون ويشاهدون المحطات الدعوية الإسلامية.

- يقر 73.8 في المئة من أفراد العينة بوجود جهود حكومية ملموسة لمواجهة الفكر المتطرف.

- يتابع أكثر من 42 في المئة أخبار المنظمات الإرهابية المتطرفة.

- يلجأ أكثر من 30 في المئة من عينة الدراسة إلى دائرة الإفتاء في حال واجهتهم مشكلة دينية، و28.7 في المئة يتوجهون إلى الشبكات الرقمية والتواصل الاجتماعي، و24.3 في المئة يتوجهون إلى أئمة المساجد.

- يرى ما نسبته 31.4 في المئة أن الظروف الاقتصادية الصعبة تساعد على نشوء التطرف والعنف في المجتمع، بينما يرى 32.9 في المئة من أفراد العينة أن غياب العدالة والمساواة من الأسباب الرئيسية لظهور البؤر الساخنة لنشوء الفكر المتطرف.

- يعتقد 27.7 في المئة من عينة الدراسة أن الإعلام غير المراقب من أهم الأسباب المؤدية إلى التطرف.

- يرى 41.4 في المئة الأسباب الاجتماعية كالحرمان النسبي، البحث عن الذات، الشهرة، المستوى الاجتماعي والاقتصادي والظهور اجتماعياً تقف وراء انجذاب الشباب إلى المنظمات المتطرفة.

المحور التربوي والتعليمي والثقافي

بيّنت النتائج أن التحولات الثقافية أسهمت في نمو عدة أزمات جعلت من البعض بيئة خصبة للتطرف، كأزمة الهوية والشرعية وسيادة القانون وإدراك العدالة والثقة.

كما أوضحت عدة أسباب أدت إلى انتشار التطرف، أهمها وجود حالة من الجهل لدى البعض وعدم الشعور بالمسؤولية تجاه الأفراد والممتلكات وحق الآخرين في التعبير عن آرائهم بحرية وغياب دور الأسرة والمدرسة والمؤسسات التربوية وضعف وسائل الوقاية للحد من التطرف قبل وقوعه ووجود حالة من القلق النفسي والتوتر لدى الشباب.

وقدمت الدراسة مجموعة من الحلول من أجل تقليص الفجوة ما بين المؤسسات التعليمية والأسرة والمجتمع، كما قدمت مقترحات لتدريب كوادر مؤهلة على التعامل مع قضايا التطرف.

المحور السياسي والاجتماعي والاقتصادي

خرجت الدراسة بعدة نتائج في هذا الجانب، منها الظلم وضعف لغة الحوار واختلال منظومة العدالة والنزاهة، وبدرجة أقل، تأثير بعض العوامل الاقتصادية على اتجاهات الشباب نحو التطرف، والتي يقترح فريق الدراسة أخذها بعين الاعتبار للحد من هذه الظاهرة.

المحور الإعلامي

تشير الدراسة إلى أن مؤسسات الدولة هي المسؤولة أولا عن مواجهة الفكر المتطرف، إلا أنها أشارت إلى ضعف حضور مؤسسات الدولة التي يجب أن تعمل على تعميق رسالة الدولة الأيديولوجية، وبينت عمق الفجوة المتحققة من وسائل الإعلام الوطني وضعف البرامج الثقافية والدينية الشبابية.

ويوصي القائمون على الدراسة أن يتم اختيار الوجوه الإعلامية في البرامج الثقافية والدينية، وإعداد قوائم جديدة للضيوف الذين يظهرون فيها، وبناء معايير واضحة لبث البرامج الدينية، ومتابعة شبكات التواصل الاجتماعي من حيث المحتوى، وبناء حملة إعلانية وإعلامية واضحة لمواجهة الفكر المتطرف.

المحور الديني

تم إجراء مقابلات وحوار مباشر مع عينة من المتأثرين بالفكر المتطرف، لتتبين مجموعة من الأسباب المؤدية إليه، كالجهل، والفراغ الفكري، بالإضافة إلى وجود هجوم مبرمج من قبل الجماعات المتطرفة عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.

وظهر أن أكثر الشباب المنجذب للتطرف ينصب نفسه عالماً قادراً على الاستنباط من النص الشرعي وتفسيره دون أهلية علمية كافية، في الوقت الذي يغيب أو يقل فيه التدريس العلمي المنهجي في المساجد.

ويقدم الباحثون حلولاً في هذا الجانب، أبرزها الحرص على بناء الثقة بين المشاهدين وعلماء الدين الذين يقدّمون الخطاب الديني الرسمي، وبناء جسور الثقة بين المؤسسة الدينية الرسمية والمجتمع بفئاته المختلفة.

كما أكدوا على ضرورة تبني قيم رسالة عمان بعمق فلسفتها وقرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي بشأن الإسلام والأمة الواحدة والمذاهب العقائدية والفقهية.

*الصورة: تشير الدراسة إلى أن مؤسسات الدولة هي المسؤولة أولا عن مواجهة الفكر المتطرف/وكالة الصحافة الفرنسية

يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 001202277365

المزيد من المقالات

مواضيع ذات صلة:

الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك
الخاطفون عمدوا لتحطيم طائرتين في الطوابق العليا من البرجين الشمالي والجنوبي لمجمع مركز التجارة العالمي في نيويورك

بعد 23 عاما على هجمات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة، يواصل ناجون وعائلات الضحايا معركة قانونية طويلة لمساءلة السعودية التي يقولون إن مسؤوليها لعبوا دورا في التخطيط للهجمات الدامية.

وينتظر الناجون وعائلات الضحايا قرارا هاما لقاضٍ فيدرالي في نيويورك بشأن قضية اتهام السعودية بدعم خاطفي أربع طائرات شاركت بالهجوم على مركز التجارة العالمي والبنتاغون في 11 سبتمبر 2001.

وتنفي المملكة هذه المزاعم بقوة.

ويحيي مسؤولون سياسيون وعسكريون ومواطنون عاديون، الأربعاء، الذكرى الـ23 للهجمات بفعاليات خاصة في نيويورك والعاصمة واشنطن وعدد من المدن الأميركية الأخرى.

وفي جلسة استماع عقدت أمام المحكمة الجزئية في مانهاتن في نهاية يوليو الماضي، للنظر في طلب السعودية إسقاط القضية، عرض محامو الضحايا ما قالوا إنها أدلة عن شبكة الدعم التي تضم مسؤولين سعوديين عملوا في الولايات المتحدة، والتي سهلت تحركات خاطفي الطائرات التي اصطدمت ببرجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك، والبنتاغون في فيرجينيا، وسقطت واحدة في بنسلفانيا.

وقال محامي المدعين، جافين سيمبسون، خلال جلسة 31 يوليو إن الشبكة السرية "أنشأتها ومولتها وأدارتها ودعمتها السعودية والمنظمات التابعة لها والدبلوماسيون داخل الولايات المتحدة".

وبعد انتهاء الجلسة، طالب أكثر من ثلاثة آلاف شخص من عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر كلا من الرئيس السابق والمرشح الجمهوري للرئاسة، دونالد ترامب، ونائبة الرئيس ومرشحة الحزب الديمقراطي، كامالا هاريس، بمعارضة أي اتفاق للسلام بالشرق الأوسط مع السعودية قبل أن تحاسِب الحكومة الأميركية المملكة على أي دور محتمل في هجمات عام 2001

وضمت المجموعة المسؤولة عن هجمات سبتمبر 19 شخصا من "تنظيم القاعدة"، بينهم 15 سعوديا، إلا أن الروابط المحتملة بين الحكومة السعودية والإرهابيين ظلت محل تساؤلات لسنوات.

ونفت السعودية أي تورط حكومي في الهجمات.

ولطالما قالت الولايات المتحدة إن الرياض لم يكن له أي دور وإن "تنظيم القاعدة" تصرف بمفرده.

وفي 2016، أصدر الكونغرس تشريع "العدالة ضد رعاة الإرهاب" الذي سمح لأسر ضحايا الهجمات بمقاضاة السعودية، وهو ما مهد الطريق أمام مطالبات قضائية عدة من عائلات الضحايا بالحصول على تعويضات من المملكة.

وتنتظر عائلات الضحايا قرارا من قاضي المحكمة الجزئية في مانهاتن، جورج دانيلز، بشأن ما إذا كان بالإمكان المضي قدما في القضية، وهو ما قد يفتح المجال أمام ظهور المزيد من الأدلة، وفق "سي أن أن".

وفي جلسة يوليو، اتهم محامو أهالي الضحايا مواطنين سعوديين اثنين بأنها دعما اثنين من خاطفي الطائرات، وهما نواف الحازمي وخالد المحضار، بعد وصولهما إلى جنوب كاليفورنيا عام 2000.

وقالوا إن الدبلوماسي السعودي، فهد الثميري، الذي كان يعمل في القنصلية السعودية في لوس أنجلوس، كان جهة الاتصال الرئيسية بين "تنظيم القاعدة" والخاطفين الاثنين في لوس أنجلوس، وفقا لملفات المدعين أمام المحكمة.

وقالوا إن الثميري عمل مع سعودي آخر هو عمر البيومي، في دعم الخاطفين الاثنين أثناء وجودهما في كاليفورنيا، وفقا لملفات المحكمة.

وكانت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قد رفعت السرية عن مذكرة لمكتب التحقيقات الفيدرالي (أف بي آي) في ديسمبر 2021، كشفت عن شكوك قوية بشأن ارتباط السعودية رسميا بالخاطفين الذين نفّذوا اعتداءات 11 سبتمبر، لكنها لم تتمكن من تقديم الإثبات الذي كانت تنتظره العائلات التي تقاضي الرياض.

وكشفت المذكرة عن وجود ارتباطات بين البيومي، الذي كان حينها طالبا، ونواف الحازمي وخالد المحضار.

وساعد البيومي، الذي كان طالبا وعمل أيضا مع مقاول سعودي، الخاطفين عند وصولهما إلى البلاد، وفقا لتقرير لجنة 11 سبتمبر 2004. وذكر التقرير في ذلك الوقت أنه ساعدهما في العثور على شقة في سان دييغو وفتح حساب مصرفي ووقع على عقد إيجارهما.

وقد دعمت المعلومات التي أصدرها "أف بي آي" في وقت لاحق ادعاء المدعين بأن البيومي والثميري قاما بتنسيق شبكة الدعم في جنوب كاليفورنيا بتوجيه من مسؤولين سعوديين.

لكن تقرير عام 2004 قال إنه لم يجد أي دليل في ذلك الوقت على أن البيومي ساعد الخاطفين عن علم.

وأكدت المملكة أن البيومي كان طالبا وكان يتردد على مسجد في سان دييغو، وساعد بدون علم الخاطفين باعتبارهم قادمين جدد لا يجيدون الإنكليزية.

وفي جلسة الاستماع في يوليو، أثناء مناقشة اقتراح إسقاط الدعوى، ركز مايكل كيلوج، محامي السعودية، بشكل كبير على البيومي، قائلا إن أي مساعدة قدمها للخاطفين كانت "محدودة وبريئة تماما".

وتشير الأدلة التي أعدها محامو المدعين إلى أن البيومي التقى بمسؤول دبلوماسي سعودي في القنصلية قبل لقاء الخاطفين لأول مرة في مطعم في لوس أنجلوس، بعد أسبوعين من وصولهما إلى كاليفورنيا. وساعد البيومي في تسهيل انتقال الخاطفين من لوس أنجلوس إلى سان دييغو في غضون أيام من ذلك الاجتماع.

ويقول محامو المملكة إن البيومي التقى بالخاطفين بالصدفة في مطعم حلال بالقرب من مسجد معروف وكانت اتصالاته بهما "محدودة".

وقال محامي المملكة أيضا إنه لا يوجد دليل على أن الثميري فعل أي شيء لمساعدتهما، لكن محامي عائلات 11 سبتمبر قدم نتائج مكتب التحقيقات الفيدرالي التي تفيد بأن الثميري كلف أحد المصلين في المسجد باستلام الخاطفين من المطار، وإحضارهما إليه عندما وصلا لأول مرة إلى لوس أنجلوس، في منتصف يناير 2000.

وفي إفادة عن بعد تم إجراؤها في هذه الدعوى القضائية في عام 2021، أقر البيومي بأنه ساعد الخاطفين على الاستقرار في سان دييغو بدون علم بنواياهم، وقال إنه لم يكن متورطا في الهجمات.

وتضمنت الأدلة المعروضة البيومي وهو يلتقط صورا في واشنطن العاصمة، على مدار عدة أيام في عام 1999، وقال المدعون إنها قام بالتقاط الصور بغية معرفة مداخل وخارج مبنى الكابيتول.

ولطالما اعتقد المسؤولون أن الكابيتول ربما كان الهدف الأصلي للطائرة التي تحطمت في بنسلفانيا.

من جانبهم، قال محامو المملكة ان البيومي كان مجرد سائح في إجازة عندما صور جولته في الكابيتول وزيارته لمسؤولي السفارة السعودية.

وفي الجلسة، شاهد القاضي دانييلز فيديو لجولته، ويسمع في الفيديو البيومي وهو يقول: "هؤلاء هم شياطين البيت الأبيض". ووصف محامي السعودية اللغة التي استخدمها بأنها "مؤسفة"، لكنه قال إنها أُخرجت عن سياقها. ورد القاضي بأن العبارة لا تتوافق مع سائح يزور "مبنى جميلا".

وتحدث أهالي الضحايا عن اتصالات هاتفية متكررة بين البيومي ومسؤولين سعوديين، خاصة خلال فترة مساعدته الحازمي والمحضار، وتحدثوا عن دفتر مكتوب يحتوي على معلومات اتصال لأكثر من 100 مسؤول حكومي سعودي.

وقال محامو المملكة إن وجود جهات الاتصالات هذه مرتبطة بدوره التطوعي في المسجد.

وبعد انتهاء جلسة الاستماع، أعلنت وزارة الدفاع عن صفقة إقرار بالذنب مع العقل المدبر المزعوم للهجمات، خالد شيخ محمد، واثنين آخرين من المعتقلين الآخرين معه في سجن غوانتانامو. ووافق هؤلاء على الاعتراف بالذنب بتهم التآمر مقابل الحكم عليهم بالسجن المؤبد.

وأثار إعلان صفقة الإقرار بالذنب ردود فعل قوية من أسر الضحايا بعد خروجهم من جلسة الاستماع.

وبعد يومين فقط، ألغى وزير الدفاع، لويد أوستن، صفقة الإقرار بالذنب في مذكرة مفاجئة وكتب أن "المسؤولية عن مثل هذا القرار يجب أن تقع على عاتقي".

وإلغاء الصفقة يعني إعادة "عقوبة الإعدام" لتصبح مطروحة مرة أخرى بحق هؤلاء.

لكن القضية أثارت جدلا قانونيا. ويقول محامون إن قرار أوستن غير قانوني.

ووسط هذا الجدل، تأمل أسر الضحايا أن تجلب لهم الدعوى القضائية المرفوعة على السعودية "العدالة التي كانوا يسعون إليها لأكثر من 20 عاما".