بغداد – بقلم ملاك أحمد:
"كان شاباً مسالماً واضطر إلى العمل في ورشة لتصليح الأجهزة الكهربائية بعد أن فقد الأمل في إمكانية حصوله على وظيفة حكومية مناسبة"، تقول زوجة قصي محمد البالغ من العمر 28 عاماً، والذي كان قد اعتُقل بعد أن دارت حوله شكوك لدى الأجهزة الأمنية العراقية بانخراطه مع الجماعات المسلحة في العام 2007، فهو مهندس ومن أنصار القيم الإسلامية والعمل الخيري في الوقت ذاته.
قصي الذي انقطعت أخباره بعد أنّ ألقي القبض عليّه بتهمة الإرهاب، في نظر زوجته التي تحدّثت لموقع (إرفع صوتك) "ليس إرهابياً، لكنّه قد اضطر في وقت سابق إلى العمل في ورشة لأحد المتشددين الإسلاميين الذي بسببه تم اعتقاله".
وتضيف "لا زلنا حتى الآن لا نعرف عنه شيئاً".
وفروا له الحماية والمال
خلال حالة الفوضى التي كانت تعم البلاد بسبب الصراعات السياسية والطائفية في الأعوام 2005 إلى 2008، امتلأت الكثير من مناطق العاصمة بغداد بمسلحين يحملون أفكار دينية متشدّدة. "ووجد بعض الشباب أنّ الانضمام إليهم هو الحل المناسب، لأنّهم بلا عمل"، حسب أحمد حسن، وهو موظف متقاعد يسرد قصة شاب من منطقته انضم للتنظيمات الإرهابية.
وبعيداً عن التشدّد الإسلامي، فقد انجذب بعض الشباب لهذه التنظيمات لأنهم كانوا من أرباب السوابق والخارجين عن القانون. يقول حسن "لقد انضم إليهم لأنهم وفروا له الحماية والمال".
ويضيف في حديث لموقع (إرفع صوتك) "في ذروة الاقتتال الطائفي، كانت مهمته الاستيلاء على ما تحويه منازل الذين فروا بعد أنّ تعرضوا للتهديد بالقتل لأنّهم من طائفة مختلفة من أثاث وحلي ومجوهرات ثمينة وأموال".
"لقد تمادى هذا الشاب قبل اختفائه في جرائمه التي ارتكبها بحق الطائفة الأخرى من أهالي المنطقة التي يسكن فيها، وذهب في إحدى المرات إلى حد تبرير اعتدائه على بائع قناني الغاز أمام الجميع بأنّه جهاد في سبيل الله"، حسب حسن.
تورّط بعمليات خطف وابتزاز وقتل
يعود الفشل في الحد من انخراط الشباب في صفوف التنظيمات المتطرفة بحسب الأكاديمية في جامعة بغداد الدكتورة شيماء عبد العزيز إلى أسباب متعددة، منها البطالة والجهل والتخلف والفساد الحكومي والانتقام الطائفي أو المذهبي.
وتقول عبد العزيز لموقع (إرفع صوتك) إنّ "فساد الحكومة الذي أنتج البطالة والفقر من أهم العوامل التي دفعت بالشباب للانخراط في التنظيمات المسلحة الإرهابية، لأنّ هذه التنظيمات تقوم بتوفير أعمال بديلة لهم ولو كانت عنيفة".
علاوة على ذلك فإنّ التنظيمات الإرهابية كانت وما زالت تستغل الفساد الحكومي بمجالاته كافة، بحسب عبد العزيز، التي ترى أن صراعات الكتل السياسية الحاكمة عطلت مختلف قطاعات البلاد وأسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في إنتاج الإرهاب.
وتضيف عبد العزيز "قبل أعوام، كان انتماء بعض هؤلاء الشباب لهذه التنظيمات لغرض مقاومة القوات الأميركية والتصدي والاحتجاج حقيقة مسلماً بها، لكن بعد ذلك، تورط الكثير منهم بعمليات خطف وابتزاز وقتل".
لكن السلطات العراقية فشلت في بناء البلاد وبالتالي لم تستطع الحد من الإرهاب وتحوّلت إلى بيئة منتجة له".
الصورة: من مظاهرات سابقة ضد الفساد في العراق/وكالة الصحافة الفرنسية
يمكنكم التواصل معنا وإرسال الفيديوهات والصور لموقعنا عبر تطبيق “واتساب” على الرقم 0012022773659